سيناء: نساء بدويات يكسرن القوالب الاجتماعية ويعملن بالإرشاد السياحي

تقود أم ياسر السيدة البدوية مجموعة سيدات سائحات يمارسن رياضة السير في الطبيعة عبر دروب وعرة وسط جبال جنوب شبه جزيرة سيناء المصرية، في مشهد غير مسبوق وغير معتاد بالنسبة للمجتمع البدوي المحافظ.

سيناء: نساء بدويات يكسرن القوالب الاجتماعية ويعملن بالإرشاد السياحي

(أ ف ب)

تقود أم ياسر السيدة البدوية مجموعة سيدات سائحات يمارسن رياضة السير في الطبيعة عبر دروب وعرة وسط جبال جنوب شبه جزيرة سيناء المصرية، في مشهد غير مسبوق وغير معتاد بالنسبة للمجتمع البدوي المحافظ.

وذلك بعد أن وافقت قبيلة حمادة التي يتحدر أفرادها من قبائل البدو الرحل في نهاية آذار/ مارس على أن تعمل سيداتها كمرشدات للدروب الجبلية، وهي مجموعة البدو الوحيدة من سكان هذه المنطقة التي تفعل ذلك.

وأم ياسر ذات السبعة وأربعين عاما رائدة في هذا المجال، وانضمت ثلاث سيدات أخريات رفضن الإفصاح عن هويتهن، أخيرا إلى "درب سيناء"، وهي جمعية تعاونية تنظم رحلات سيرًا على الأقدام في الجبال وتأخذ كذلك على عاتقها صيانة وإصلاح الطرق في محافظة جنوب سيناء، وتعمل على جذب هواة هذا النوع من الرياضة السياحية.

المرشدات يصنعن الشاي في المسار (أ ف ب)

ووادي صحو هي قرية شيدت مبانيها من الطوب الحجري وألواح الصفيح المموجة، وفيها يراهن البدو على عودة السياحة، بعد سنوات من الاضطرابات التي أعقبت ثورة 2011.

وقالت أم ياسر عندما كانت تسير في الرمال وسط الحجارة مرتدية حذاء رياضيا خفيفا محلي الصنع بينما تتفادى الصخور بمرونة، إن "السيدات في هذه القرية ليس لديهن عمل، إنه العمل الوحيد المتاح". وأضافت "أتمنى أن يكون هناك مزيد من السياح بانتظام حتى يصبح لدينا دخل دائم".

وتلقت السياحة المصرية ضربة كبرى بسبب اعتداء استهدف طائرة روسية كانت تقل سياحا، ما أدى الى انفجارها بعد إقلاعها من منتجع شرم الشيخ في جنوب سيناء ومقتل 224 شخصا. في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.

وعلى الرغم من استمرار المواجهة التي بدأت في العام 2013، بين قوات الجيش والشرطة من جهة ومجموعات إسلامية متطرفة من جهة أخرى، في شمال سيناء، إلا أن رحلات التجول هذه عادت بشكل ملحوظ خلال العامين الأخيرين في جبال ووديان جنوب سيناء حيث يقوم البدو أنفسهم بحماية المشاركين فيها.

ويوضح أحد مؤسسي جمعية "درب سيناء" بن هوفلر، أن عدد المشاركين في هذه الرحلات تضاعف عشر مرات في جنوب سيناء بين 2016 و2018 ليصل إلى قرابة ألف.

وأضاف هذا البريطاني المقيم في مصر منذ عشر سنوات بفخر "كانت ثلاث قبائل تشارك في هذا النشاط وكان لدينا 220 كيلومترا من المسارات في عام 2016. اليوم هناك ثماني قبائل و550 كيلومترا".

وقررت جمعيته مع هذه العودة، التي تدار وفقا للأعراف القبلية، الانتقال إلى مرحلة جديدة، وهي عرض رحلات تقودها مرشدات من أجل هواة السير في الطبيعة من السيدات فقط.

ويدعي هوفر أن هذه المرحلة "تاريخية". ويؤكد الرجل الخبير بالعادات والتقاليد البدوية "أنهم لا يعتبرون قيام المرأة بدور المرشد أمرا عاديا".

(أ ف ب)

ويذكر أن البدويات معتادات منذ طفولتهن على التجول في كل مكان في الجبل أثناء قيامهن برعي الماعز، وهن يعرفن النباتات المختلفة وفوائدها الطبية ولا تخفى عليهن أنواع الحيوانات أو أسماء الأماكن.

و تتوقف أم ياسر لتلتقط عيدانا خشبية وتشعل النار لتحضير الشاي، وأثناء ذلك تروي المرشدة للمشاركات في الرحلة كيف كانت تقضي طفولتها بين هذه الجبال.

وعقّبت توتسي سعادة (55 سنة) التي تعمل في وكالة للتنمية في القاهرة، بحماس، "إنهن أفضل مرشدات".

وأضافت أنهن "يتمتعن بالحيوية وخفة الظل وحبّ المعرفة. لقد أخذونا عند صخرة في الجبل كن يستخدمنها لقياس طولهن وهن صغيرات".

وقال بن هوفلر "أنشأنا درب سيناء عام 2015، وكان كل العاملين فيها رجالا، وهم يعرفون جيدا جدا (المنطقة)، ولكن يمثلون فقط نصف (سكان) سيناء".

ويقول إبراهيم مسلم غانم الذي يعمل مرشدا منذ عامين "هنا في المجتمع القبلي، لدينا تقاليد ونحن نحترمها".

وقال عيد عوده علي (35 سنة) الذي ينتمي إلى قبيلة المزينة، وهو زوج إحدى المرشدات الأربع من قبيلة حمادة، إنه على استعداد لإقناع أفراد قبيلته بأن تحذو حذو قبيلة حماده.

وأضاف "إنني أؤيد عمل النساء كمرشدات"، مشيرا إلى أن هذا يولد "دخلا إضافيا" في منطقة تقتصر مجالات العمل فيها على رعاية الأغنام أو الصناعات التعدينية، ما لا يكفي لإعاشة السكان.

التعليقات