كيف يرى الشباب تفشي الجريمة في المجتمع العربي؟

يكاد ينقضي عام شهد ارتفاعا جديا في أعمال العنف والجريمة التي تقض مضاجع المجتمع العربي بأسره، إذ قُتل 98 مواطنا عربيا بينهم 16 امرأة في جرائم قتل مختلفة منذ مطلع العام 2020.

كيف يرى الشباب تفشي الجريمة في المجتمع العربي؟

تظاهرة احتجاجية أمام المحكمة في حيفا (أرشيف عرب 48)

يكاد ينقضي عام شهد ارتفاعا جديا في أعمال العنف والجريمة التي تقض مضاجع المجتمع العربي بأسره، إذ قُتل 98 مواطنا عربيا بينهم 16 امرأة في جرائم قتل مختلفة منذ مطلع العام 2020، دون أن يلوح بالأفق المنظور أي تراجع مع غياب الدور الفاعل والمؤثر للقوى المجتمعية وتواطؤ الشرطة.

وفيما يرتفع منسوب الخطر ويتصاعد الشعور بالقلق في أوساط الأهالي، استطلع "عرب 48" رأي الشباب الذي بات يرى بالجريمة كابوسا يجثم على صدور الجميع ويضع علامات سؤال على المستقبل.

وفي حديث لـ"عرب 48"، قال الشاب أمير أبو ريا من سخنين، إن الظاهرة التي وصفها بـ"الكارثية"، "تنبع من الظروف الاقتصادية الخانقة وفرص العمل القليلة، ما يؤدي بالجيل الشاب للجوء إلى السبل السهلة لكسب الأموال وعلى رأسها الاندماج في عصابات الإجرام التي تتاجر بالسلاح والمخدرات وبالتالي بأرواح الناس".

أمير أبو ريا

واعتبر "أزمات التطور في البلدات العربية، من انعدام أطر تربوية هادفة والنقص في المرافق الثقافية والرياضية، وأزمة السكن والاكتظاظ الخانق في بلداتنا العربية الأمر الذي يؤدي إلى مشاحنات وبالتالي تطور الكراهية والعنف، لا تقل أهمية".

وأضاف أنه "لا نرى إرادة أو إجراءات عملية من قبل الحكومات الإسرائيلية لتغيير هذا الواقع"، مستشهدا بـ"مخطط الطنطور لبناء المدينة الخانقة، وسياسة مصادرة الأراضي وهدم البيوت".

وشدد على أن "مسؤولية محاربة هذه الجائحة تقع أولا على المؤسسات الحكومية والشرطة. على هذه الأجسام البحث في أسباب تفشي العنف والجريمة، ويسأل هنا من المسؤول عن نشر السلاح بين الأجيال الشابة، ومن يقف على رأس هذه العصابات الإجرامية، وما الذي تعتاش عليه هذه العصابات؟ والنظر في مصادر مواردها؛ تعتاش من السوق السوداء والقروض باهظة الربا، والتي سببها سياسات الفقر والإفقار وسياسة احتكار البنوك لرأسمالها فقط لحيتان رأس المال".

وأضاف أبو ريا أنه "لا نرى نوايا حقيقية لدى المؤسسات الحكومية للحد من تفشي هذه الظاهرة، في المقابل تتبع الحكومات المتعاقبة كل الطرق العنصرية تجاه شعبنا وتتجنب تنفيذ الخطط التي وضعت لمحاربة هذه الجائحة مثل خطة رقم 1402، بل على مر السنوات قلصت الحكومات باستمرار الميزانيات المخصصة لمحاربة العنف في المجتمع العربي".

واستطرد قائلا إن "الانخراط في هذه المنظومة يؤدي بالشباب للالتزام بنهج عنيف وبعيد عن رؤيا تطوير الذات، مهنيا وأكاديميا وغيرها، ما يعطي مؤشر على مستقبل شبابنا الذي سيواصل الانغماس داخل هذه الأطر الإجرامية، وبالتالي تنمو هذه الظاهرة أكثر وتتزايد عصابات العنف والإجرام في مجتمعنا".

أمل دراوشة

ومن جانبها، اعتبرت الشابة أمل دراوشة من إكسال في حديثها لـ"عرب 48"، أن "العام 2020 كان كارثيا لحجم الفقدان والألم وحالة التيه والعبث في مقدراتنا كمجتمع".

وقالت إن "الوقت حان لإجراء تغيير جذري، هذا التغيير لا يحصُل بالمحاضرات، ولا بالمظاهرات والهتاف فقط ضد العنف".

وأوضحت أنه "ما زلنا نستنكر ونغضب في كل فاجعة تحصل في مجتمعنا العربي، دون نتائج حقيقة، الإنجاز الوحيد الذي كُنّا قد حققناه، للأسف الشّديد، تحطيم أرقام قياسيّة جديدة في كل عام بحالات القتل، فأصبحت أخبار الجرائم لا تصدمنا، وبات القتل أمرا عاديا".

وعن دور المؤسسة الإسرائيلية، قالت دراوشة إنه "كمواطنين في هذه الدّولة عليها أن تضمن لنا العيش بأمان وعليها حماية جميع المواطنين، وهذا الشيء بعيد كُل البُعد عن واقعنا الذي نعيشه. كميّة الأسلحة في البلدات العربية في ازدياد متواصل. نسأل أنفسنا، من أي أتت كل هذه الأسلحة، دولة مثل إسرائيل بهذه العقلية الأمنية لا تدري حقًّا بهذه الأسلحة؟ الجواب بالطبع أنها تدري وتعلم، لكنها لم ولن تهتم لأرواحنا وقتلانا ولن تبذِل جهدًا لمحاسبة هؤلاء المُجرمين، بالعاميّة نقول ‘فُخّار يكَسِّر بعضه‘ وهو ما يلخص موقف السلطات من الجريمة في المجتمع العربي".

واستدركت: "لكن لنتفكّر قليلًا، إن لم نأخذ المبادرة ونُصلِح مجتمعنا بأنفسنا، لماذا ننتظر تدَخُّل الدّولة، هل يمكننا إصلاح بيت أساسه مُتزَعزِع؟ مهما غيّرنا في خارجه سيُهدَم بلا شَك! وهذا هو الحل لإنهاء هذه اللعنة التي قد حلّت على مجتمعنا، التغيير الأوّل والأخير هو في تغيير القيم، مع التركيز على تربية النشء"،

وأضافت أنه "بات يكثر اللجوء إلى السلاح في لحظة غضب، أو حتى فقط لأنه بإمكاننا استخدامه واعتقاد البعض بأن له الصلاحية بفعل ما يشاء. علينا الاتحاد والوقوف معًا ضد هؤلاء المجرمين، علينا محاربة هذه الآفة، والنضال من أجل أنفسنا".

وختمت دراوشة بالقول إن "التغيير يبدأ من كل شخص في هذا المجتمع. القاتل أو من لديه ميول لهذا الفعل لا يقترفه إذا كان على دراية بأنه سيُحاسب".

شذا أبو راس

وبدورها، دعت الطالبة شذا أبو راس من عيلوط، إلى "النضال الشعبي الذي لا بد منه في ظل استمرار هذه الحكومات الفاشية العنصرية، حتى نجبر الشرطة والحكومة على محاربة العنف والإجرام داخل مجمعنا والقضاء عليه".

وقالت أبو راس لـ"عرب 48" إنه "لم نعد ندري لمن نوجه صرختنا الشبابية في ما يتعلق بظاهرة الجريمة، وأين نوجه أصبع الاتهام، نحو المؤسسات العنصرية أم لأهلنا وشبابنا وأطفالنا أم للمؤسسات التعليمية والمنظمات المدنية في المجتمع العربي".

وأكدت أن "الجميع مسؤولون، التعامل التربوي مع العنف يجب أن يترسخ من جديد في ثقافتنا وتربيتنا، بدءا من البيوت، حتى المدارس، الجامعات، والشؤون الاجتماعية، وصولا إلى الدور المنتظر من النواب العرب في الكنيست".

وشددت على "الدور الذي المنوط بدور الشباب الجامعي، بتفعيل الأدوات التي اكتسبها"، داعية إلى الخروج مما وصفته بـ"منطقة الراحة، والانكشاف على الشرائح الأخرى من جمهور الهدف عودةً لقرانا ومدننا".

وختمت أبو راس بالقول إن "هناك دورا لمنظمات دعم الأسرة ومؤسساتنا التعليمية الخاصة بالأطفال والشباب وسلطاتنا المحلية ومخيماتنا الصيفية وكل مؤسسة اجتماعية. علينا ألا ننكر أهمية تطوير قدرات وتعزيز مشاركة الأطفال والشبان، ذكورا وإناثا، في إعداد الخطط والبرامج الخاصة بمشاركة الأهالي بما يخص التوعية ضد العنف، وكيفية الوصول إلى أماكن علاجية، ومبادئ أسس التعامل الأخلاقي مع أزمات. رغم كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، علينا إدخال جميع هذه الخطط كل يوم في حياتنا العادية، في المدرسة والروضات، والوظائف البيتية، ولافتات الشوارع، والمتاجر، ونصوص القراءة، وغيرها. علينا إعادة ترميم مجتمعتا وبناء تربية تخلو من التنمر، مستندة على أسس التطوع والتقبل والمهارات الاجتماعية، وهي المفتاح لمجتمع أفضل".

التعليقات