"البسيخومتري": هل هو تحدٍ أم عائق أمام الطلاب العرب؟

تحت عنوان "البسيخومتري هل هو تحد أم عائق أمام الطلاب العرب؟"، اختارت الباحثة والمحاضرة في كلية "كنيرت" في طبرية، تغريد زعبي، أن تخصص أطروحتها للدكتوراة التي ستنالها العام المقبل في هذا المضمار.

صورة توضيحية (pixabay)

تحت عنوان "البسيخومتري هل هو تحد أم عائق أمام الطلاب العرب؟"، اختارت الباحثة والمحاضرة في كلية "كنيرت" في طبرية، تغريد زعبي، أن تخصص أطروحتها للدكتوراة التي ستنالها العام المقبل في هذا المضمار.

وكانت زعبي قد أظهرت من خلال بحثها، أن غالبية الطلاب العرب يتوجهون للدراسة في الخارج بسبب عقبة "البسيخومتري" التي تضاف إلى عقبات أخرى مثل امتحان "مور" لطلاب الطب وغيرها من العقبات الأخرى التي تعترض طريق الطالب العربي.

وحول ذلك، حاور "عرب 48" الباحثة، تغريد زعبي، بكل ما يتعلق بامتحان "البسيخومتري" وتأثيره على الطلاب العرب في البلاد.

"عرب 48": هل امتحان "البسيخومتري" هو تحدّ أم عقبة أمام الطلاب العرب؟

زعبي: في الواقع أنا لم أتناول كل الجوانب المعيقة في امتحان "البسيخومتري"، ولكنني قمت بالتركيز على جانب تأثير ترجمة الفصل الكلامي إلى اللغة العربية كعائق، بالإضافة إلى تعليمات الامتحان فإنها مترجمة وهذا ينسحب أيضا على تعليمات الفصول الإنجليزية والكمّية في الامتحان فهنالك إشكالية في ترجمة الأسئلة في الفصل الكمّي.

"عرب 48": يستدل من بحثك أن ترجمة الامتحان تتم من قبل شخص يجيد اللغة العربية لكنه ليس عربيا! ما مدى صحة هذا الكلام وما أثره؟

زعبي: نعم صحيح.. فأنا لا أدري ما المشكلة في أن تتم ترجمة الامتحان من قبل شخص عربي وأقصد معلّم للغة العربية يجيد قواعد اللغة العربية؟ وقد لا يكون واضحا للجميع مدى تأثير الترجمة على مدى نجاح الطلاب. فالأبحاث تؤكد بأن كل كلمة مترجمة تستغرق من بين 6–11 ثانية حتى يستوعبها دماغ الطالب. عائق آخر هو أن اللغة العربية الفصحى هي ليست اللغة المستعملة بشكل يومي وإنما هو ينكشف اليها من خلال التعليم وبعد سن السادسة حين يبدأ بتعلم اللغة، وهي بالتالي تكون بمثابة لغة ثانية بالنسبة له بعد أن اعتاد على التحدث بالعامية، وفي سن 9 سنوات ينكشف إلى لغة ثالثة وهي العبرية، وبعد ذلك تأتي الإنجليزية. وقبيل امتحان "البسيخومتري" يتدرب الطالب على حل قطع فهم مقروء، ويوم الامتحان يتفاجأ هذا الطالب بقطعة جديدة بالنسبة له. لذلك فإننا نسمع عبارات مثل "ما بعرف شو خبّصت بالفصل الكلامي"، "الفصل الكلامي كان أصعب شيء"، "الفصل كان معقدا".. وأنا كمستشارة لطلاب الثانوية أستمع كثيرا لهذه العبارات من طلابي. ولدي تجربة شخصية مع ابنتيّ اللتين كانت علاماتهما منخفضة في الفصل الكلامي.

"عرب 48": أنتِ ذكرت من خلال بحثك أن النص في القطعة المترجمة إلى العربية عادة ما يكون أطول من النص الأصلي (العبري) بعشرات الكلمات؛ من أين جاءت هذه الإضافة؟

زعبي: نعم، معدل عدد الكلمات الإضافية بعد الترجمة إلى العربية في نصوص فهم المقروء (المترجمة من العبرية إلى العربية) هو 63 كلمة، وفي النص الذي أجريت عليه بحثي من امتحان خريف 2018 كان عدد الكلمات العربية يزيد بـ69 كلمة عن النص المترجم من العبرية، حتى وأن شكل الامتحان يبدو أطول في اللغة العربية كل ذلك يرافقه عيوب في الترجمة نظرا إلى أن الترجمة تكون حرفية وليست ثقافية.

الباحثة تغريد زعبي

"عرب 48": كيف وأين أجريت البحث؟ وما هي العيّنة البحثية، وما أهم النتائج والفارق في العلامات بين الطلاب العرب واليهود؟

زعبي: شريحة البحث ضمت 600 طالب نصفهم من العرب والنصف الآخر من اليهود. 100 منهم يدرسون موضوع التربية في كلية "كنيرت" حيث أعمل أنا كمحاضرة هناك، بالإضافة إلى 100 طالب عربي من المشاركين في دورات تحضيرية لامتحان "البسيخومتري" يقابلهم 100 في المجتمع اليهودي، وكانت آليات البحث ثلاثة هي عبارة عن قطعة فهم مقروء من امتحان "البسيخومتري" خريف 2018، القطعة الأصلية بالعبرية للطلاب اليهود والنص العربي المترجم عنها للطلاب العرب، وأخذنا أيضا قطعة فهم مقروء من امتحان "بجروت" بالعربية والعبرية، والآلية الثالثة هي استغلال المعطيات الشخصية الديمغرافية وتشمل ثقافة الأهل والمستوى الاجتماعي - الاقتصادي للعائلة، عدد المرات التي امتحن فيها الطالب وعدد الدورات التحضيرية التي خاضها الطالب لامتحان "البسيخومتري" وعدد وحدات البجروت باللغتين العربية والعبرية، وفحصنا إذا ما كان هنالك فارق في علامات الطلاب بـ"البسيخومتري" مقابل علامة "البجروت"؟ والنتيجة كانت نعم، وبفارق كبير.

ثم فحصنا الفارق بين علامات الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعات مقابل أولئك الذين يدرسون في الكليات؟ وكانت علامات الطلاب الذين يدرسون في الجامعات أعلى في "البسيخومتري" وفي "البجروت" من طلاب الكليات.

أما فيما يتعلق بالمتغيرات الاجتماعية – الاقتصادية والازدواجية اللغوية، على علامات الطلاب في "البسيخومتري" بالمقارنة مع اليهود، نعم كان هنالك تأثير واضح، وقد ظهر أن "البيت المثقف" ينعكس إيجابيا على تشجيع تعلم الأبناء ويشاركون أكثر في دورات التحضير "للبسيخومتري"، وهذه الدورات حسب رأيي لها بعد تجاري إلى حد ما. فالمعهد الذي حقق نتائج جيدة يسمح لنفسه اليوم أن يتقاضى 4000 شيكل وما فوق من كل طالب مقابل الدورة. والعائلة متوسطة الدخل لا تسمح للطالب أن يشارك في دورة تلو الأخرى بهذه التكلفة. هنالك عنصر مؤثر آخر هو جيل الطلاب، فقد لاحظنا أن الطلاب اليهود يتقدمون لامتحان "البسيخومتري" في سن أعلى من الطلاب العرب وهذا ينعكس في نتائجهم التي تزيد بحوالي 100 علامة عن متوسط علامات الطلاب العرب، بينما في امتحان البجروت كانت العلامات متوازية تقريبا.

"عرب 48": في عرضك للبحث بمؤتمر "مدى الكرمل" تطرقت إلى أن "التلاعب" في علامات البجروت هو ما يجعل الجامعات تعتمد على امتحان التقييم "البسيخومتري".. هل لو لم يكن هنالك "تلاعب" في امتحانات البجروت، لما كانت هنالك حاجة للبسيخومتري؟

زعبي: طبعا مع الأسف، ولكان امتحان البجروت يعكس القدرات الحقيقية للطالب. لنأخذ على سبيل المثال موضوع اللغة العبرية فمعظم الطلاب العرب ينهون الثانوية مع 5 وحدات لغة عبرية وبمعدل عال جدا، بالمقابل فإن العقبة الأولى التي تواجههم في الكليات والجامعات هي عدم معرفة اللغة العبرية، وهذا أكبر دليل على أن علامة البجروت لا تعكس قدرات الطالب! فمن السهل على الطالب أن يجمع علامات بجروت لأنها مقسمة إلى وحدات في كل موضوع. وللأسف هنالك قضية تسريب امتحانات البجروت التي حاولت وزارة التعليم الإسرائيلية جاهدة معالجتها في السنوات الأخيرة، لذلك فإن علامات البجروت لا تعكس قدرات الطلاب بشكل حقيقي.

من جهة أخرى هنالك طلاب يحصلون وبجدارة على أعلى العلامات لكنهم يصطدمون بعوائق أخرى مثل امتحان "مور" لطلاب الطب. لذلك يجب إيجاد آلية تقييم لأن كليات وجامعات البلاد غير قادرة على استيعاب كل طلاب الثانويات في الجامعات والمعاهد العليا.

"عرب 48": كم نسبة الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج بسبب عقبة "البسيخومتري"؟

زعبي: ليس لدي معلومات ومعطيات دقيقة، ولكنها نسبة عالية جدا بدون شك. وأنا شخصيا عشت هذه التجربة مع ابنتي التي عجزت رغم كل ما بذلته من جهد وطاقة في سبيل تحصيل العلامة التي تؤهلها لدراسة الموضوع الذي كانت ترغب في تعلمه وفي النهاية قررت الدراسة في الخارج.

إن هنالك مسؤولية كبيرة على النواب العرب وفي الواقع إن هذا الموضوع لا يحظى بالاهتمام المطلوب، وبعد أن فتحت المجالات للتعلم خارج البلاد أهمل هذا الموضوع ووضع تحت الطاولة، هذا بالإضافة إلى الأمور التقنية الأخرى التي ينبغي أن تعالج فالامتحان تزامن أحيانا مع عيد الميلاد المجيد وعيد الأضحى وشهر رمضان دون الاخذ بعين الاعتبار هذه الاعتبارات، كل ذلك يضاف إلى المضمون وحيثيات ومبنى الامتحان يجب أن تؤخذ على محمل الجد.

التعليقات