الاستراتيجية المزدوجة للمستوطنين: يتظاهرون ويساومون

النائب المستوطن هندل: "لا اريد قرشا واحدا اكثر وما اطلبه هو ان تبنوا لي مثل هذا البيت اكثر ما يمكن الى الجنوب لكن فقط ان يكون خارج مرمى الصواريخ. لقد كنت احمقا ذات مرة لكن ليس بعد اليوم"

الاستراتيجية المزدوجة للمستوطنين: يتظاهرون ويساومون
افادت صحيفة هآرتس امس الجمعة بان المستوطنين ازالوا خيام الاحتجاج التي نصبوها قبل قرابة الشهر في المقابلة لمبنى الكنيست في القدس الغربية بعد سلسلة فعاليات ونشاطات ضد خطة فك الارتباط واخلاء المستوطنين ومستوطناتهم من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية.

ووصلت هذه النشاطات ذروتها في "أم المظاهرات" يوم الاحد الماضي عندما احتشد قرابة 150 الفا من المستوطنين ونشطاء اليمين المتطرف الاسرائيلي قبالة الكنيست ومكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي في مظاهرة عملاقة بالمقاييس الاسرائيلية ضد فك الارتباط.

وقالت هآرتس ان احتجاجات المستوطنين ونشاطاتهم ضد فك الارتباط التي بادر اليها رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون والمطالبة باجراء استفتاء شعبي عليها ستنتقل الى المدن الاسرائيلية لتصل كلمة المستوطنين الى مسامع كافة شرائح الشعب.

ويبذل قادة المستوطنون جهودا كبيرة ويمارسون ضغوطا من اجل الحفاظ على مجموعة "المتمردين" التي ينتظم فيها 13 عضو كنيست من حزب الليكود يعارضون بشدة تنفيذ فك الارتباط الا في حال صادقت عليها اغلبية كبيرة من المواطنين اليهود من خلال استفتاء شعبي.

الجدير بالذكر ان المستوطنين واليمين الاسرائيلي يصفون خطة فك الارتباط التي استحوذت بشكل كبير على السجال السياسي في اسرائيل في السنة الاخيرة بانها "ترحيل" أو "طرد" وفي الغالب يستخدمون كلمة "ترانسفير".

غير ان الواقع الحقيقي على ساحة المستوطنين مخالف تماما للمشهد الذي يظهر على شاشات التلفاز في اسرائيل والعالم.

فقد كشف تقرير نشرته صحيفة يديعوت احرونوت الجمعة ايضا في ملحقها السياسي الاسبوعي ان المستوطنين أكثر عقلانية وبراغماتية.

وتحت عنوان "يتظاهرون وييساومون" نشرت يديعوت احرونوت مقاطع من محاضر جلسات لجنة المالية التابعة للكنيست شارك فيها قادة مجلس المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويتبين من اقوال قادة المستوطنين الموثقة في هذه المحاضر انهم بدئوا يذوتون ما سيحدث في المستقبل القريب ولهذا راحوا يفاوضون على زيادة مبلغ التعويضات لقاء اخلاء المستوطنات.

ويستخدم قادة المستوطنون اساليبا تجارية من اجل تحقيق غايتهم بزيادة مبلغ التعويضات اضافة الى ان "جميعهم استأجروا خدمات محامين ومخمني املاك".

في مطلع الاسبوع قبل الماضي أي قبل اسبوع واحد من "أم المظاهرات" تجول اعضاء لجنة المالية التابعة للكنيست في عدد من مستوطنات كتلة غوش قطيف في قطاع غزة.

وقالت يديعوت احرونوت ان قياديين في مجلس المستوطنات في الضفة والقطاع رافق اعضاء اللجنة البرلمانية وانه برز بينهم عضو الكنيست تسفي هندل احد ابرز قادة المستوطنين المتطرفين وممثلهم في الكنيست.

وقد رافق قادة المستوطنون اعضاء اللجنة البرلمانية الى مناطق الدفيئات الزراعية في المستوطنات وهناك "لم يجر الحديث في المواضيع السياسية في ذلك اليوم بل حول التعويضات أو على الاصح حول رفع مبلغ التعويضات".

واضافت يديعوت احرونوت ان "اسم اللعبة اصبح: البراغماتية.

"اذ لم يعد سكان المستوطنات المعدة للاخلاء يتحدثون همسا حول موضوع التعويضات والجميع منشغلون فيه ويستعدون للمستقبل القادم".

واضافت الصحيفة ان "قادة المستوطنين يحضرون كل يوم تقريبا الى اجتماعات اللجنة الفرعية للتعويضات المنبثقة عن لجنة المالية البرلمانية ويطرحون امامها مطالبهم في مقابل المبالغ التي تطرحها الحكومة".

وفي احدى هذه الاجتماعات (في 16 كانون الثاني/يناير 2005) قال هندل اليميني المتطرف الذي ما انفك يدعو الى قيام دولة اسرائيل على ارض اسرائيل الكبرى "اريد ان افهم من اين تستمد الدولة الصلاحية لنفسها او السلطة لتدفع لي قرشا واحدا اقل مما يكلفني بناء بيت كهذا (في غوش قطيف) في منطقة اشكلون مثلا.

"لا اريد قرشا واحدا اكثر وما اطلبه هو ان تبنوا لي هذا البيت على السهل الساحلي واكثر ما يمكن الى الجنوب لكن فقط ان يكون خارج مرمى الصواريخ.

"لقد كنت احمقا ذات مرة لكن ليس بعد اليوم".

ولفتت الصحيفة الى ان هندل اصبح يشارك بصورة دائمة في مداولات لجنة التعويضات الفرعية المنبثقة عن لجنة المالية في الكنيست رغم انه ليس عضوا فيها.

وتفيد الصحيفة الاسرائيلية بان المساومة في الموضوع المالي بدأ فور اقرار المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر لقانون تعويض المستوطنين في نهاية شهر ايلول/سبتمبر الماضي.

ومنذ ذلك الوقت تم محو وتغيير واعادة صياغة مئات البنود والبنود الفرعية التي يتألف منها القانون وبعد ذلك تم اقرار القانون بالقراءة الاولى في الكنيست ومن ثم انتقل القانون الى لجنة المالية وعندها "بدأت الدراما الكبرى" المتمثلة في مداولات اللجنة بمشاركة المستوطنين.

يشار الى ان المستوطنين كانوا قد اعلنوا في اعقاب اقرار القانون بالقراءة الاولى في الكنيست انهم لن يسمحوا لاي محام او مخمن املاك بالدخول الى مستوطنات غوش قطيف.

لكن بعد بدء المداولات في اللجنة البرلمانية حول التعويضات بدأ المستوطنون وقيادتهم بشكل خاص بحضور اجتماعات اللجنة.

ونقلت يديعوت احرونوت عن احد قادة المستوطنين الذي وصفته الصحيفة بـ"الايديولوجي" قوله "لقد كما شاذجين ووقعنا العرائض (ضد الاخلاء) من دون ان نفكر بالمستقبل فقد اعتقدما ان هذه الخطة (فك الارتباط) ستسقط".

وفي احدى جلسات لجنة التعويضات الفرعية التي عقدت قبل شهرين قال عضو الكنيست اليمين نيسان سلوميانسكي ان العديد من المستوطنين من كافة مستوطنات قطاع غزة طلبوا منه ان يحارب من اجل تحصيل حقوقهم في اثناء مداولات اللجنة لكن "من دون علاقة مع استمرارنا في النضال ضد تطبيق خطة فك الارتباط".

يشار الى ان سلوميانسكي من حزب المفدال الذي انسحب وزراؤه ونوابه من الحكومة والتحالف على خلفية خطة فك الارتباط.

وقال عضو الكنيست حاييم اورون من حزب ياحد اليسار وعضو في لجنة التعويضات في الكنيست ليديعوت احرونوت ان "غالبية الذين التقي معهم (في اطار عمل لجنة التعويضات) هما اصحاب عقيدة ويضعون على رؤوسهم قلنصوات كبيرة.

"لقد بدأ هذا الامر قبل قرابة شهرين عندما طلبت مجموعات من المستوطنين وافراد من غوش قطيف ايضا اللقاء معي في اماكن خفية لبحث مسألة التعويضات وقد وصلت الامور الان الى وضع اصبح لهم ممثلون دائمون في مداولات اللجنة".

واضاف اورون "لقد التقيت شخصيا مع اكثر من مئة مستوطن وجميعهم من غوش قطيف وهؤلاء يمثلون كثيرين اخرين.

"وهم لا يحضرون الي او الى مداولات اللجنة للحديث في قضايا سياسية.

"بل لديهم هدفا واحدا وحيدا: الحديث في الامور المالية".

ووفقا لمحضر جلسة لجنة التعويضات في الكنيست ليوم الثلاثاء الماضي اي بعد يومين من "أم المظاهرات" كان حاضرا في الجلسة رئيس مجلس المستوطنات في الضفة والقطاع بنتسي ليبرمان.

وقالت يديعوت احرونوت ان ليبرمان بدأ حديثه مثل جميع قادة مجلس المستوطنات الذين ظهروا امام اللجنة "لقد اعلنت في الجلسة السابقة للجنة وفي لجنة القانون والدستور البلرلمانية ايضا انه من ناحية مجلس المستوطنات فان هذا القانون (تعويض المستوطنين) غير اخلاقي وسوف نخرقه".
ثم انتقل ليبرمان للحديث عن حجم التعويضات وقال ان "معدل تكلفة البيت في مستوطنات شمال الضفة تصل الى 125 الف دولار في حين ان تكلفة بيت مشابه في العفولة (وهي مدينة داخل الخط الاخضر تقع شمال جنين) او في احدى البلدات المحيطة بها تصل الى 210-230 الف دولار.

"وهذا يعني اننا نتحدث عن نصف المبلغ فقط الذي يتوجب دفعه لايجاد سكن بديل".

ثم تتطرق رئيس مجلس المستوطنات الى تفاصيل ثانوية في موضوع التعويضات وقال "اقترح انه يمكن تخمين تكلفة ترميمات تم اجراؤها في البيت (اي في بيوت المستوطنين) ولا يمكن اخراجها منه واضافة هذه التكلفة الى مبلغ التعويضات".

ومضى انه "في حال تم وضع مكيفا هوائيا صغيرا في المنزل (الواجب اخلاؤه) فان صاحب المنزل لا يستحق الحصول على تعويض مقابله".

ونقلت يديعوت احرونوت عن مصدر في مجلس المستوطنات قوله ان "الضغوط تُمارس من القاعدة" أي من المستوطنين العاديين وذلك بعد ان اقترحت اقترحت الحكومة مبالغ تافهة بنظر هؤلاء المستوطنين.

واوضح مصدر اخر في مجلس المستوطنات الازدواجية في التعامل مع فك الارتباط أي معارضتها من ناحية والتفاوض على حجم التعويضات من الناحية الاخرى قائلا "لقد كان منظورنا انه لا يمكن ان نضع كل البيض في كفة واحدة هي النضال على المستوى الجماهيري.

"اذ ثمة امكانية ان يفشل النضال وماذا سيحدث عندها هل يخرج الناس من هناك فقراء؟

"يبدو هذا غير جيد لان هناك ازدواجية في الاستراتيجية لكن لا خيار امامنا وعلينا ان نمضي مع الحياة".

التعليقات