"الهدنة وهم"

-

تحت عنوان "الهدنة وهم" كتب زئيف شيف في صحيفة "هآرتس":


[[ ما هو التفسير العملي لفوز حماس في إنتخابات السلطة؟ إلغاء "خارطة الطريق"، والقضاء على بقايا إتفاقيات أوسلو وتقوية الذراع العسكرية لحماس واستمرار المواجهات العسكرية العنيفة مع الفلسطينيين، بالرغم من أن الحركة ستسعى لتأجيل ذلك في الوقت الراهن. وفي المقابل تتعزز مخاطر الغليان في الأردن من جهة عناصر إسلامية تتعاون مع حماس.

في الإشهر الأخيرة، أتخمت عناصر سياسية وأمنية، على رأسها الشاباك، الجمهور بتصريحات حول انتصار إسرائيلي غير عادي على الإرهاب الفلسطيني. وانتصار حماس هو دليل على سطحية تصريحات الإنتصار التي كان ثمنها أكثر من 1000 قتيل. وكانت خطة فك الإرتباط صحيحة من الناحية العسكرية، إلا أنها تفهم على أنها انتصار لعنف وإرهاب حماس.

تكوّن لدى إسرائيل مشكلة إستراتيجية جديدة بسبب الإنتصار الجارف لحماس. ولكن حتى لحماس تنشأ مشكلة جديدة؛ فحتى الآن كان عملها سهلاً لأنها لم تتحمل المسؤولية اليومية للشعب الفلسطيني في المناطق. ويدرك قادتها الآن أنه بدون التعاون مع إٍسرائيل، التي يطالبون بتدميرها، لا يوجد أي أمل في ضمان الحد الأدنى من عوامل معيشة الجماهير. وبدون المساعدات المالية من الدول الغربية، التي ترى في حماس تنظيماً إرهابياً، لا يوجد لديهم أمل بالحفاظ على السلطة.

من المتوقع أن تلجأ حماس في البداية إلى تكتيك التهدئة والسعي إلى ائتلاف مع "فتح". وستطلب تقاسم المسؤولية مع شركاء ليكونوا هم من سيتوجه لطلب المساعدة من إسرائيل والدول المختلفة.

من المتوقع أن تعرض حماس على إسرائيل هدنة، والتي تعني إسلامياً وقف القتال بشكل مؤقت مع العدو، ولذلك على إسرائيل ألا تخلط بين تكتيك التهدئة المضلل وبين الإستراتيجية الأساسية لحماس التي تقضي بالقضاء على إسرائيل، وذلك اعتماداً على "ميثاق" حماس وعلى تصريحات قادتها. ومن الواضح أنه لا يوجد لديهم نية في الإعتراف بإسرائيل، كما من الواضح أنه قد وصلت نهايتها الفكرة التي تؤكد عليها خارطة الطريق وهي نزع أسلحة حماس والتنظيمات الفلسطينية الأخرى مثل الجهاد الإٍسلامي. فقد أقامت حماس "ميليشيا" في قطاع غزة تحت إسم "الجيش الشعبي" يصل تعدادها إلى 3000 مقاتل. والآن من المتوقع أن تمتلئ مخازن الأسلحة لديهم.

على إسرائيل أن تقرر الآن إذا كانت ستواصل إستراتيجية محاربة الإرهاب وفي الوقت نفسه تقديم مساعدات جزئية للسلطة الفلسطينية وقادتها، مثلما فعلت حتى الآن. والفارق هو أن أبو مازن اعترف بدولة إٍسرائيل ولا يطالب بالقضاء عليها ويعارض الإرهاب، إلا أنه كان أضعف من أن ينفذ تصريحاته المعلنة. والحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة حماس ستقود إستراتيجية "إبادة" إزاء إسرائيل، ولكنها تتوقع مساعدات إسرائيلية للمعيشة اليومية، والأموال المتبقية سيتم شراء أسلحة جديدة بها لضرب إسرائيل!

الرد الإسرائيلي على حكومة حماس بشكلها الحالي يجب أن يكون شمولياً. وقد أدركت الأردن ذلك عندما وضعت خطوطاً حمراء واضحة لخصومها الإسلاميين وكذلك لقادة حماس الذين عاشوا في الأردن حتى طردهم. الممرات لنقل البضائع من قطاع غزة وإليها عن طريق إسرائيل يجب "تجفيفها" على مراحل. ويجب إبلاغ منسق الرباعية الدولية أن المعبر من قطاع غزة إلى الضفة الغربية لن يفتح طالما لا تعلن حكومة حماس أنها توافق على خارطة الطريق بكافة تفاصيلها. ولذلك فعلى جيمس وولفينزون أن يأخذ عطلة طويلة الأمد وألا يحاول التأثير على إسرائيل لتقديم المساعدة لحماس.

من الممكن أن تكون إسرائيل هجومية أكثر بكثير لأن الفلسطينيين في قطاع غزة متعلقون بها حتى من جهة التزود بالكهرباء والماء والحليب. على حكومة حماس أن تأخذ المسؤولية على عاتقها وأن تشرح للجمهور أنه لا يمكن الإمساك بالعصا من طرفيها؛ الدعوة إلى إبادة إسرائيل وتنفيذ عمليات إرهابية ضد مواطنيها، وفي الوقت نفسه توقع تلقي مساعدات منها للفلسطينيين ريثما تتم إبادتها!]]

التعليقات