"يضعف في كل مرة يجري فيها تعزيز قوته.."/ داني روبنشطاين

-

كتب داني روبنشطاين في صحيفة "هآرتس":

[[التصعيد على حدود قطاع غزة لا يفيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الرجل الذي بنى كل حياته السياسية على وقف "الإنتفاضة العسكرية" واستبدالها بالحوارات السياسية.

لم يكن أبداً زعيماً ذا شعبية (كريزما)، وتتعرض مكانته المهتزة أصلاً إلى ضربات من قبل إسرائيل أيضاً.

ربما حان الوقت للتوقف عن الحديث بأسلوب "يجب تقوية أبو مازن". كان لذلك فائدة ذات مرة قبل الإنتخابات للمجلس التشريعي التي جلبت الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس. أما اليوم، وعلى ضوء الصراعات الداخلية في السلطة، فإن النتيجة عكسية. ففي كل مرة يعلنون فيها أنه يؤدون دوراً ما لتقوية أبو مازن كانت النتيجة إضعافه. فهو يعرض لدى الجمهور الفلسطيني كدمية بيد إسرائيل والعناصر الدولية الأخرى تتلاعب به. يستخدمونه كعصا ضد حماس. يعززونه بإرادتهم ويضعفونه بإرادتهم.

ولا ينقص أمثلة على ذلك. ففي نهاية الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، أعلن أن إسرائيل والولايات المتحدة تساعدان أبو مازن لنشر وحدات مخلصة له على معبر الحدود "كارني"، من أجل تعزيز قوته. وحتى اللقاء مع رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، في البتراء، والذي عرض كتمهيد للقاء عمل ممكن، أدى إلى وقوع أضرار كبيرة للرئيس الفلسطيني. فلم يتحدث الجميع في الضفة وغزة عن أن أبو مازن حظي بالاحترام في البتراء، وإنما فقط عن المهانة في معانقة أولمرت في الوقت الذي يقتل فيه الأطفال في غزة. وفي نهاية الأمر، لم يكن أي شيء في البتراء إلا محادثة عبثية. وتساءلت وسائل الإعلام العربية: لماذا وافق أبو مازن على السفر إلى هناك؟

وكانت القمة بالطبع عندما أعلن أولمرت، أثناء زيارته إلى لندن، أنه بالرغم من الوضع الأمني المتضعضع فقد قرر إتاحة المجال لنقل السلاح لرجال أبو مازن في السلطة الفلسطينية. الحديث هو عن سلاح خفيف وصل عن طريق الأردن، وذلك من أجل تعزيز قوته وقوة عناصره في صراعهم. وسارع الناطقون بلسان حماس إلى الإعلان بأنه من العار أن يتلقى أبو مازن السلاح، ورافقه تصريح بأنه موجه لضرب الأخوة في حماس. ووصلت الأمور إلى حد اضطر معه أبو مازن المحرج والمهان إلى إنكار القضية بشكل ضعيف. وفي نهاية الأمر صرح بأن نقل السلاح يتصل بالأجهزة الأمنية التي هي بحاجة إلى معدات، وأنه ليس له أي علاقة بذلك.

قبل سنوات، عندما تمت إقامة السلطة الفلسطينية، أتاحت إسرائيل تسليح كافة الأجهزة الأمنية الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات. ولم يحتج أحد في الضفة وغزة. وكان من الواضح أن ذلك جزءاً من اتفاق أوسلو الذي حظي بالدعم في المناطق.

والآن فقد اختلف الوضع. نجح أبو مازن حقاً في انتخابات الرئاسة، ولكنه، هو وحزبه "فتح" نالهم هزيمة قاسية في انتخابات المجلس التشريعي. وتجري بينه وبين الحكومة الفلسطينية نقاشات سياسية وصراع قوى.

لقد صوت الشعب الفلسطيني لحماس، ومنذ ذلك الحين، وفي كل مرة تتحدث فيها إسرائيل والمجتمع الدولي عن الحاجة لتعزيز قوة أبو مازن، يجري تفسير ذلك في وسط الفلسطينيين كمحاولة لتغيير، بالقوة، نتائج الحسم الديمقراطي التي أوصلت حماس إلى السلطة.

ويصبح الأمر أخطر عندما يجري الحديث عن السلاح. أبو مازن الذي يتلقى السلاح عن طريق إسرائيل يتم عرضه من قبل خصومة كـ "متعاون". فمن تلقى السلاح من إسرائيل في الماضي؟ جيش لبنان الجنوبي التابع لسعد حداد وأنطوان لحد، اللذين يعتبران في لبنان والعالم العربي كمتعاونين، وكذلك "روابط القرى" التي أقامها أرئيل شارون في الضفة من أجل وقف صعود منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد أن أعلنت الحكومة الأردنية عن الحكم بالإعدام على كل من يتجند لروابط القرى، تفككت هذه المليشيات التي نالها التحقير الكبير من جانب الجمهور الفلسطيني.

أما عرفات ورجاله، الذين تلقوا السلاح بمصادقة إسرائيل، فلم يعرض كمتعاون لأنه لم يقف أمامه حكومة مؤلفة من حماس. والآن من الممكن ويجب إجراء مفاوضات سياسية مع أبو مازن، والنظر إليه كشريك- في ظل التدهور الأمني- والتوقف عن الحديث عن الحاجة إلى تعزيز قوته.]]

التعليقات