عالقون في برج دبابة../ عكيفا إلدار

-

عالقون في برج دبابة../ عكيفا إلدار
كتب عكيفا إلدار في صحيفة هآرتس: .

[[في بداية يونيو حزيران من العام الماضي، ليلة الخروج من غزة، وقف قائد إسرائيلي أمام جمهور يهودي في نيويورك وقال الكلمات الشجاعة التالية" ليس لدينا رغبة للحرب، سئمنا أن نكون أبطالا وتعبنا من الانتصارات على أعدائنا. نطمح لبناء علاقات مختلفة تماما مع أعدائنا، علاقات صداقة وشراكة وجيرة حسنة". واختتم أقواله المؤثرة بالكلمات" هذا ليس حلما. إذا تصرفنا بحكمة وشجاعة، وإذا كنا على استعداد للمجازفة، وإذا أقنعنا شركاءنا الفلسطينيين بالسير في نفس الطريق- وأنا أؤمن أنه يمكننا سوية بناء علاقات تفاهم وثقة متبادلة جديدة".
المتحدث كان إيهود أولمرت، آنذاك كان قائما بأعمال رئيس الحكومة.

بعد سنة.. وهذه المرة في القدس، في ضيافة مندوبي مؤتمر الوكالة اليهودية، وبدون لقب الـ"قائم بأعمال"، توجه أولمرت للجمهور اليهودي، وقال:" نحن نرى أن الجهات المسؤولة عن الأعمال الإرهابية التي حدثت بالأمس هي السلطة الفلسطينية برئاسة عباس وحكومة السلطة". وأضاف" إن كل من يمثل السلطة هو مشارك في تحمل المسؤولية عن الأعمال التي تقوم بها، ولن نمنح حصانة لأحد منهم". بينما في جلسة الطاقم السياسي- الأمني، أول أمس، قال أولمرت " لقد سئم العالم من الفلسطينيين. حتى الآن كانت ردودنا منضبطة، ولكن ليس فيما بعد..". التعب من الحروب كأنه لم يكن، وحلت البطولة مكان الحكمة، كما حلت لغة التهديد مكان النداء للشراكة.

هل يمكن أن يبدل سياسي حكيم عقيدته بسبب عصابات مطلقي صواريخ؟ أيعقل أن يتنازل قائد عن رؤيته بسبب إخفاق عسكري أودى بحياتهما الغالية لجنديين ووقوع صديقهما في الأسر؟ ألم نتعلم أن القوة في العلاقات بيننا وبين جيراننا، هي المشكلة وليس الحل؟ استغل أرئيل شارون عملية أبو نضال ضد السفير شلومو أرغوف في حزيران عام 1982، من أجل ملاحقة ياسر عرفات، وورط إسرائيل في المستنقع اللبناني. وأعطت العملية الإرهابية في نتانيا في آذار 2002 لشارون الذريعة لاحتلال المناطق والقضاء على السلطة الفلسطينية بقيادة عرفات.

النداءات للانتقام دفعت جانبا نداء السعودية للمصالحة. وتغلب دوي معارك" السور الواقي" على إعلان السلام الذي أطلقته الجامعة العربية من بيروت. والآن، لا يبقي الغضب والشعور بالإهانة فرصة لمبادرة مصالحة أولى بين ناشطين مركزيين في "فتح" و"حماس" داخل السجون.
ليس صدفة أن من خطط ونفذ الهجوم في رفح منحه اسم" الوهم المتبدد ." الوهم تعني وثيقة الأسرى التي كان يفترض أن يوقع عليها رئيس الحكومة إسماعيل هنية والرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمس.

يمكن لهذه الوثيقة التي أساسها وقف كل عمليات العنف في نطاق دولة إسرائيل، أن تنقذ حياة مواطنين إسرائيليين. وكان هدف آسري الجندي هو ضرب وقف إطلاق النار و ضرب احتمال تجدد الحوار بين إسرائيل وبين ائتلاف فلسطيني براغماتي. لو تحلى أولمرت بالشجاعة حقا، حسب أقواله في نيويورك، لكان اقترح مبادلة الجندي غلعاد شبيط بمبادري وثيقة الأسرى مروان البرغوثي من فتح، وعبد الخالق النتشه من حماس. فإطلاق سراحهم سيكون الرد الساحق لخالد مشعل، الذي هو على استعداد لمحاربة أطفال يهود حتى قطرة دم آخر طفل فلسطيني. لا توجد إشارة أوضح من ذلك لنوايا إسرائيلية حسنة من أجل تغيير حقيقي في العلاقات مع الجماهير الفلسطينية العريضة التي تعبت هي أيضا من الحروب.

إذا لم يقو رئيس الحكومة على استغلال هذه الفرصة التي سنحت ويطلق سراح الاثنين ويعزز معسكرهما، يمكنه على الأقل أن يحول وثيقة الأسرى إلى رافعة لتقدم سياسي عن طريق الاستجابة لوقف إطلاق النار المتبادل الذي تقترحه.
المخاوف من اجتياح إسرائيلي لغزة توثق العلاقة بين هنية وأبو مازن، ويزيد من احتمال أن تهدأ النارحقا، كل هذا لن يحصل طالما أن كل زوبعة مشاعر عابرة "تأسر" اتزان الرأي لدى القادة, ويتصرفون كأنهم عالقون في برج دبابة.]]

التعليقات