المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يتجول في معاقل حزب الله في لبنان / كتب :هاشم حمدان

رون بن يشاي، أيضاً المراسل العسكري للتلفزيون الإسرائيلي، سابقاً، يتجول بحرية تامة في معاقل حزب الله بعد وصوله إلى بيروت عن طريق الخطوط الجوية الأردنية بجواز سفر أجنبي..

المعلق العسكري لصحيفة
تصدرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصادرة صباح اليوم، الأحد، صورة المعلق العسكري للصحيفة، رون بين يشاي، في مركز الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله..

رون بن يشاي، الذي أشغل منصب المراسل العسكري للتلفزيون الإسرائيلي، سابقاً أيضاً، وفي خطوة تستدعي الكثير من التساؤلات، تمكن من الهبوط في مطار بيروت بطائرة تابعة للخطوط الجوية الأردنية، وجواز سفر أجنبي، والتجول بحرية تامة في معاقل حزب الله!!

نزل في فندق "مريديان – كومودور" في شمال بيروت، ثم سافر باتجاه مركز الضاحية وتجول فيها. وفي اليوم التالي تحرك باتجاه الجنوب ودخل "عاصمة التحرير بنت جبيل" وتجول في "المراكز التي كانت تطلق منها صواريخ الكاتيوشا"، واتجه إلى الساحل باتجاه الناقورة، وكان قريباً جداً من مواقع جيش الإحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان..

وأعد بن يشاي تقريراً مفصلاً عن جولته، نشرت الصحيفة مقتطفات منه اليوم، جاء فيها:

.......
عندما خرج من طائرة "إيرباص" التابعة للخطوط الجوية الأردنية، بعد هبوطها في بيروت، استقبله موظفون في القاعات الواسعة، بثياب أنيقة وأدب جم ونجاعة أوروبية. وبالنظر إلى الواجهات الزجاجية للمطار، بدا له أن من قصف المطار لم يقصد تدميره.
وقيل لبن يشاي أنه تم إلغاء غالبية الرحلات المدنية، ليس بسبب الدمار الذي حل بالمطار، وإنما "لأن الإسرائيليين يواصلون التحكم بالأجواء اللبنانية، ولا يريدون أن تهبط طائرات إيرانية أو سورية تنقل "الحلويات" لحزب الله"!!

ولدى سؤال الموظف عما إذا كان شيعياً، أجابه الموظف بغضب:" ليس ذلك مهماً.. شيعي أو سني أو مسيحي، كلنا لبنانيون نريد الحياة.. نحن نحب لبنان.. وحزب الله يحب لبنان.. إذهب إلى المدينة لتشاهد الكارثة والدمار.."..

في الطريق إلى المدينة، يحاول عبثاً استكشاف الدمار والخراب الذي جرى الحديث عنه، وعرضته شاشات التفلزيون أثناء الحرب.. الشوارع تعج برجال يرتدون البدلات الرسمية والنساء بأحدث الأزياء الإيطالية، يسارعون إلى أعمالهم في "أبراج المكاتب العصرية ذات الواجهات الزجاجية والشايش".

ومثل أي مدينة عصرية؛ حركة سير في ساعات الصباح.. أعداد لا يوجد مثلها، ربما فقط في ألمانيا، من سيارات "مرسيدس" و" بي أم دليو" في الشوارع.
" لا يوجد أي شيء يربط بين الحياة الطبيعية الشرق أوسطية البسيطة من حولي، وبين الدموع التي سكبها رئيس الحكومة، فؤاد سنيورة، في لقاء وزراء الخارجية العرب..".

استأجر بن يشاي غرفة في الطابق السادس من فندق "مريديان- كومودور" في شمال بيروت. يقول:" قبل 26 عاماً، في حرب لبنان الأولى، كان هذا الفندق في خط النار، واضطر ساكنوه إلى النزول إلى الملاجئ عدة مرات. إلا أنه لا يوجد أي تشابه بين الفندق الذي أحدثت الشظايا "ندوباً" في واجهاته في ذلك الحين، وبين الفخامة التي يبدو عليها اليوم".

ويجلس بن يشاي مع أكثر من عشرة صحافيين أوروبيين وأمريكيين في بهو الفندق يحتسون القهوة ويتبادلون نوادرهم. وقال أحدهم له:" إذهب إلى الضاحية، فهناك سترى دماراً لم يسبق أن رأيت مثله من قبل".

استأجر دراجة نارية يقودها شاب لبناني يتحدث الإنجليزية ويدعى رشيد. فالدراجة النارية أسهل للتنقل اليوم في الضاحية بين الأنقاض..

تبدأ مشاهد الدمار بالقرب من مخيمي صبرا وشاتيلا.. لدى الوصول إلى الضاحية يشير رشيد إلى كومة من الأنقاض ترتفع بعلو مترين.. كان ذلك مبنى الكلية الإسلامية المؤلف من 5 طبقات.. ومع التقدم في الطريق يرتفع عدد المباني المدمرة.. ويطلب بن يشاي من رشيد أن يقوده إلى المنطقة الداخلية من الضاحية حيث كانت المكاتب والخنادق التابعة لحزب الله والتي تم قصفها.

وعلى مدخل زقاق ضيق في حارة حريك، وقف عدد من الشباب الملتحين لفحص المركبات والمشاة الذين يريدون المرور. فالدخول إلى الضاحية بحاجة إلى مصادقة من عناصر الأمن التابعين لحزب الله.
عرض بن يشاي وثائقه وجواز سفره، وقال أنه صحفي يعد تقريراً حول الدمار الذي تسببت به الحرب..

وتابع أن ما كان يعتبر معقلاً لحزب الله، أصبح كأنقاض مدينة تعرضت إلى زلزال بدرجة 9 على سلم ريختر!!
يتجول الناس بين الأنقاض جيئة وذهاباً.. يحاول بعضهم إخراج ما يمكن من الأثاث.. في حين يعمل عناصر حزب الله على إزالة الكتل الإسمنتية الضخمة بواسطة رافعات من أجل إخراج الجثث من تحت الأنقاض..
مبنى المقر الأمني لحزب الله "يتكئ على جانبه" بعد أن تعرضت الطوابق السفلية منه للقصف بالقنابل الأمريكية "الخارقة للتحصينات".. أما المبنى الذي كان البيت الخاص لحسن نصر الله فلم يعد بالإمكان تشخيصه بعد تدميره بشكل كامل.

ولدى سؤاله الناس عن رأيهم بنصر الله، أعرب غالبية الناس عن تقديرهم ومحبتهم له، وقال معظمهم أنه كان يتحتم عليه أن يقاتل لإنقاذ لبنان من الأمريكيين الذين طلبوا من الإسرائيليين شن هذه الحرب.
وزعم بن يشاي أن قناعات "غالبية الشيعة" تنبع من إيمانهم بـ "نظرية المؤامرة"..


وفيما يشير إلى النشاط الإعلامي والميداني الواسع لحزب الله، يستعرض الفعاليات التي يقوم بها عناصر حزب الله لتقديم المساعدات للمتضررين. حيث توجه اللافتات الضخمة المتضررين إلى موظفين يقومون على تسجيل شكاواهم، وتحديد مكان منازلهم في الخرائط، وحجم التعويض.


غداة وصوله إلى بيروت، سافر بن يشاي باتجاه جنوب لبنان في الشارع السريع، حيث تم تدمير الجسور بشكل منهجي، واضطر للتنقل بطرق ترابية ضيقة ومغبرة.
"الجيش اللبناني منتشر على كافة المفارق الرئيسية.. لا يوقف ولا يفحص السيارات المارة.. لم نر على الطريق أي مقاتل مسلح من عناصر حزب الله.. فقد تداخلوا بين السكان ويواصلون المراقبة..".

يقول:" استغرق الوصول إلى بنت جبيل ساعتين ونصف الساعة. في الطريق مررنا بمراكز إطلاق صواريخ الكاتيوشا من قرية قانا وصدقين ويعتر.. حيث تضررت أو هدمت كل البيوت.. في بنت جبيل تبين أن الجيش الإسرائيلي لم يدخلها، وإنما دخل البيوت الموجودة في أطرافها فقط.. في حين تنقل مقاتلو حزب الله من خندق إلى خندق يطلقون صواريخ الكاتيوشا".

من مارون الرأس تمكن من رؤية جنود الجيش الإسرائيلي على بعد مئات الأمتار.. كما شاهد الأسقف القرميدية لمستوطنة "أفيفيم".."..

" وفي الطريق من بنت جبيل إلى الناقورة سافرنا في الشارع اللبناني الممتد على طول الخط الأزرق.. وبغرابة شاهدنا مواقع للجيش الإسرائيلي في الجانب اللبناني.. إلا أن الأغرب هو أننا وجدنا أنفسنا على بعد 100 متر من خلف دبابة ومدرعة إسرائيلية بالقرب من علما الشعب.. لم يلاحظ الجنود وجودنا، وبدوا كفريسة سهلة جداً لمن يسافر على هذا الشارع مثلي.."..

"مع غياب الشمس، كانت ثلاث سفن حربية فرنسية وسفينة إمدادات تابعة للأمم المتحدة في البحر، في حين كانت تجري جنازة لمقاتلين من حزب الله في قرية ظهر البيدر القريبة من البحر.. عندها بدأنا رحلة العودة الطويلة والمضنية إلى بيروت وإلى قهوة "الإسبرسو" في الأشرفية.."..

التعليقات