"جيب بوش، ويد أولمرت"

-


هو عنوان مقالة الكاتب نحاميا شترسلر في صحيفة "هآرتس" اليوم الجمعة. فيما جاء العنوان في الصفحة الخارجية للتأشير على المقالة "تهديد أمني غالي الثمن".. وسواء اعتمدنا العنوان الأول أم الثاني فإن النتيجة واحدة، وهي أن شترسلر يحكي عن ثمن صون الأمن "على جبهات أربع"، علما أن التكاليف زادت بصورة مذهلة منذ العام 2000.

يقول شترسلر، ليس واضحا ما إذا كان أولمرت حقّق شيئا في قمة شرم الشيخ. علما أنه ذهب بعيدا وتطاوس في الحديث عن توقه إلى السلام ونيته حل النزاع مع الفلسطينيين، لكن الجميع أضحوا متخمين من الخطابات والوعود.

لكن أولمرت حقق مكسبا محترما في زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. يزيد شترسلر، إن أولمرت ينسب لنفسه هذا الإنجاز، لكن الحقيقة هي أن بوش يؤيد إسرائيل بدون تحفظ – بوجود أولمرت أم بعدمه – حيث أن بوش يرى إلى إسرائيل الديمقراطية الثابتة الوحيدة في قلب بحر من الدكتاتوريات العربية، وهي طليعة الجند التي تقف إلى جانبه في نضاله العالمي ضد الأصولية الإسلامية.

لقد أخبر أولمرت بوش عن الوضع الأمني الصعب ، حيث أنه منذ أكتوبر 2000 ( تفجّر الإنتفاضة الثانية) تغير الوضع الأمني بصورة جذرية، حيث تواجه إسرائيل أربع جبهات في الوقت ذاته، حتى أن الحِمل أضحى غير محتمل.

فقد أدت الإنتفاضة إلى ارتفاع حاد في تكاليف النزاع مع الفلسطينيين، في أعقاب الهبوط الحاد في المنتوج القومي بين الأعوام 2001 -2003 (خسارة كبيرة تقدر بـ 50 مليار شيكل) تارة، وتارة أخرى بسبب الحاجة إلى بناء الجدار، وتارة أخرى بسبب الحاجة إلى عمليات خاصة مثل "السور الواقي" وتارة أخرى بسبب الإنفصال عن غزة الذي بلغت تكاليفه 10 مليار شيكل.

في حربها مع الفلسطينيين دخلت إسرائيل إلى سباق تسلّح غير طبيعي، وصرفت مبالغ خيالية فيما هم يصرفون مبالغ تافهة. على سبيل المثال، الفلسطينيون يحفرون الأنفاق بأدوات الحفر البدائية، فيما إسرائيل تستثمر مبالغ طائلة في الأدوات الإلكترونية لكشفها. وهم يطلقون صواريخ القسام، ماسورة معدنية بسيطة، يملأونها بالمتفجرات ويزودونها بجهاز تفعيل بسيط، بتكلفة لا تزيد عن 300 دولار، فيما تدأب إسرائيل على تطوير نظام متطور جدا لإحباط هذه المواسير الطائرة، وذلك بتكلفة 100 ألف دولار للصاروخ الواحد. هذا إضافة إلى تكاليف تحصين بلدة سديروت والبلدات المحيطة بغزة.

مثال آخر، من أجل منع تسلل المنتحرين، بنت إسرائيل جدارا حول الضفة الغربية بتكلفة مذهلة تصل إلى 13 مليار شيكل.
لكن كل هذا لا شيء إزاء الحاجة للتهيّؤ للتهديدين التقليديين، من حزب الله وسوريا، وللتهديد غير التقليدي من ناحية إيران.حيث كل تهديد من هذا النوع يعني تكلفة باهظة.

ويمضي شترسلر، عندما سمع بوش هذا الوصف، سارع إلى إدخال يده إلى جيبه وأخرجها مليئة. لكن هنالك حاجة لأن يعرف (بوش) أنه لا تكفي زيادة 600 مليون دولار في السنة، فإسرائيل لن تستطيع أن تواجه كل هذه التهديدات وأن تستمر في الإستثمار في الإقتصاد ومعالجة أمور مجتمعها المختلفة: الفقر وجسر الفجوات وتطوير الناحية الثقافية والناحية الصحية.

لقد أغمضنا أعيننا في السنوات الأخيرة عن هذا الواقع الصعب. ظننا أن بالإمكان تحويل "جيش الدفاع الإسرائيلي" إلى مقاول لأعمال حراسة في المناطق (الفلسطينية) دون تدريب للجنود لإمكانية نشوب حرب حقيقية. كذلك فإن الجيش اعتقد أن باستطاعته تأجيل تجديد السلاح وأدوات الحرب، بل إنه تجرّأ على إهمال صيانة المدرعات والدبابات. ولقد رأينا النتيجة في الفشل الذريع في حرب لبنان الثانية.

التعليقات