"إخلاء البؤر الاستيطانية أولاً"..

-

كتبت هيئة تحرير صحيفة "هآرتس"، إنطلاقاً من المصلحة الإسرائيلية في اقتناص الظروف الراهنة، أن أحد الضمانات لتحقيق ذلك هو إخلاء البؤر الاستيطانية "غير القانونية" للتأكيد على جدية الحكومة وقدرتها على تنفيذ التزاماتها السياسية، من أجل إبقاء الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية.

وكتبت أن قادة إسرائيل اعتادوا على التشكك بقدرة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بتنفيذ الاتفاقيات بسبب ضعفه السياسي، إلا أنه لإسرائيل يوجد أيضا ًالتزامات منذ سنوات بإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية، وهي تتملص من تنفيذ ذلك بشكل متواصل، وتتذرع في كل مرة بذريعة مختلفة.

وتابعت أن ما يسمى بـ"مؤتمر السلام" المرتقب في واشنطن هو فرصة تستحق أن يتم وضع حد للمماطلة بشأن البؤر الاستيطانية، للتأكيد على أن الحكومة برئاسة أولمرت قادرة على تنفيذ التزاماتها، حيث أن إخلاء البؤر الاستيطانية في أسرع وقت يعني جدية إسرائيل بالنسبة للإدارة الأمريكية والسعودية، التي تسعى إسرائيل إلى ربطها بالعملية السياسية.

وأشارت الصحيفة إلى أن اللجنة الوزارية لتطبيق تقرير طاليا ساسون، قد اجتمعت، يوم أمس الأحد، للمرة الأولى منذ سنتين، برئاسة القائم بأعمال رئيس الحكومة، حاييم رامون. وكان بالإمكان توقع النتيجة سلفاً: فقد استمع الوزراء إلى تقرير عن تضخم البؤر الاستيطانية غير القانونية، خلافاً لتعهدات رئيس الحكومة الأخيرين للبيت الأبيض. وفرض رامون على المستويات المهنية تقديم قواعد جديدة للتخطيط والبناء في المستوطنات، كما طلب تقديم شروحات للفجوات غير الواضحة في المعطيات بشأن عدد البؤر التي أقيمت على الأرض.

وأضافت أن الوزير ليبرمان قد استغل الفرصة لكي يذكر مؤيديه بأنه يمثل اليمين في الحكومة. أما وزير الأمن، إيهود براك، الذي يتحمل مسؤولية إخلاء البؤر الاستيطانية، فهو يماطل بالحوار مع المستوطنين حول إخلاء هذه البؤر طواعية، الذي أثبتت تجارب الماضي بأنه لن يثمر عن أي نتيجة.

وتابعت أن إرئيل شارون قد تعهد للإدارة الأمريكية بإخلاء جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت في فترة ولايته. ومن جهتها فإن الإدارة الأمريكية توقفت عن ممارسة الضغط على إسرائيل منذ فك الإرتباط من قطاع غزة، واعتبر المستوطنون ذلك كتصريح لمواصلة تطوير البؤر الاستيطانية، ولم يتم تنفيذ تقرير طاليا ساسون الذي اقترح سياسة شاملة لمعالجة مسائل البناء وراء الخط الأخضر. وافتتح أولمرت ولايته بهدم 9 مبان في البؤرة الاستيطانية "عامونا"، إلا أنه ارتدع بسبب الصور العنيفة التي حصلت خلال عملية الإخلاء، ومنذ ذلك الحين وهو يفضل أن يكسب الوقت. والآن يثار الموضوع مرة أخرى في أعقاب تقديم التماس إلى المحكمة العليا لإخلاء البؤرة الاستيطانية "مغرون"، التي أقيمت على ارض فلسطينية خاصة. كما لفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي جورج بوش قد تطرق إلى هذا الموضوع في خطابه عن الشرق الأوسط، في السادس عشر من تموز/ يوليو، حيث أشار إلى ضرورة إخلاء البؤر الاستيطانية.

واعتبرت الصحيفة أن مجرد وجود هذه البؤر الاستيطانية وتطويرها المتواصل هو تحد لمقدرة الحكومة على تنفيذ التزامات سياسية. وتبدو محاولة رئيس الحكومة التوصل إلى اتفاق مبادئ مع عباس مهزلة ولا معنى لها، طالما لا يرغب وليس قادراً على إخلاء بؤرة استيطانية واحدة. وحتى بحسب أولمرت، فإنه بعد اتفاق المبادئ فسوف يتم تنفيذ التسوية بشكل تدريجي، بموجب خارطة الطريق، وسيكون على إسرائيل أن تخلي البؤر الاستيطانية في المرحلة الأولى.

وتخلص الصحيفة إلى التساؤل: لماذا سيتعامل الإسرائيليون والمجتمع الدولي بجدية مع الخطوات السياسية لرئيس الحكومة طالما يتهرب من تنفيذ الخطوة الأولى؟

التعليقات