"مصر والأردن لم تستنكرا وإسرائيل أقل قلقاً"..

-

في محاولة للإيحاء بحصول "تطورات إيجابية" في أعقاب تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي في الأجواء السورية، خاصة مع عدم استنكار كل من مصر والاردن لما حصل، كتب عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس" إنه رغم أن إسرائيل الرسمية تلتزم الصمت غير العادي، منذ إعلان دمشق، ظهر أمس الخميس، عن تسلل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي إلى أجوائها، إلا أن مقاطع الشريط الذي نشره الناطق بلسان الجيش بشأن "شرب الأنخاب" احتفالاً بـ"رأس السنة العبرية"، يلخص ذلك: فرئيس هيئة أركان الجيش، غابي أشكنازي يبتسم ابتسامة عريضة وهو يصافح موشي كابلينسكي الذي يبتسم بدوره.

وتابع أن التوتر بين إسرائيل وسورية لا يزال قائماً، إلا أنه، على ما يبدو، فإن المعضلة قد انتقلت يوم أمس إلى الملعب السوري، وذلك لأنه لم يتم استنكار ذلك من قبل مصر والأردن وتركيا، ومن هنا فإن إسرائيل تبدو أقل قلقاً مما كانت عليه في الأشهر الأخيرة.

وكانت وكالة الأنباء السورية قد نشرت بياناً أولياً عن الحادثة في الثانية والنصف بعد ظهر أمس. وبحسب البيان، فقد تسللت طائرات قتالية إسرائيلية إلى المجال الجوي السوري شمال سورية، عن طريق البحر المتوسط، وتم تشخيصها من قبل بطاريات مضادة للطيران، والتي أطلقت النيران باتجاه الطائرات الإسرائيلية ودفعتها إلى مغادرة المنطقة. وخلال انسحاب الطائرات الإسرائيلية قامت بإلقاء ذخيرتها. وأشارت التقارير اللاحقة أن ما ألقته الطائرات كان خزانات وقود. ومن جهته فإن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي قد قال بعد أكثر من ساعة إن الجيش ليس معتاداً على الرد على أنباء من هذا النوع.

وامتنع رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، في اجتماع "كديما" يوم أمس، عن التطرق إلى البيان السوري. وحتى وزراؤه لم يتبرعوا، على غير عادتهم، بتقديم معلومات. كما رفض كبار الضباط في الاحتياط، ممن يعرفون على ما يبدو ماذا حصل، التحدث عن ذلك إلى وسائل الإعلام الألكترونية.

ويضيف أن "الرضا الذي أظهره كبار المسؤولين في المستويين السياسي والعسكري، في ساعات المساء، من الممكن أن يشير إلى حصول تطور إيجابي، بعد شهور من التشكك".

وبحسبه فإن التصريحات تأتي هذه المرة من الجانب السوري، رغم أنها لا تحتوي على تفاصيل كثيرة، وإنما توصيفات هادفة وجزئية، وتبث رسالة واحدة مفادها أن إسرائيل لا ترغب بالسلام، وأن أعمالها الغادرة تشكل خطراً على أمن المنطقة، وأن دمشق تحتفظ لنفسها بالحق في الرد على خرق سيادتها، في الزمان والمكان المناسبين.

أما بالنسبة للسؤال "هل ستؤدي إلى اندلاع الحرب"، فيقول بالطبع إن السؤال الكبير بالنسبة لإسرائيل هو كيف سترد سورية؟، وهل ستشعل هذه العملية التي وقعت بعيدا عن الحدود الحرب بين الدولتين؟ وهنا يشير إلى أن الرسائل غير الرسمية التي تحاول إسرائيل بثها بأنها تسعى إلى التهدئة.

كما أشار إلى أنه في الفترة الأخيرة قد تحدثت وسائل الإعلام في البلاد عن احتمال اندلاع الحرب كنتيجة لحسابات خاطئة، إلا أن التقارب السوري الإيراني لا يزال يقلق إسرائيل. وبحسبه فإن مجرد نشر النبأ عن تسلل الطائرات الإسرائيلية من الممكن أن يشير إلى أن سورية تنوي الرد، وإلا، فكيف تفسر مبادرة سورية إلى نشر حدث امتنعت إسرائيل عن التطرق إليه؟ (على حد قوله). وفي المقابل، فإن قصف معسكر التدريب في عين صاحب في العام 2003، وتحليق الطيران فوق القصر الرئاسي في اللاذقية في العام 2006، يشير إلى أن سورية تمتنع عن التسرع في الرد.

وتابع أن حادثة أمس هي القمة في التوتر الذي يتراكم تدريجياً منذ انتهاء الحرب على لبنان، الصيف الماضي، والتي بدأت بحسبه، في النتائج المماثلة التي توصل إليها الطرفان نتيجة لـ"التصادم" بين إسرائيل وحزب الله. فالجيش الإسرائيلي تكشف بضعفه، وبدأ بعملية إصلاح سريعة واستعداد لجولة أخرى محتملة، أما سورية التي لاحظت المصاعب التي واجهتها إسرائيل، فقد سعت إلى تطوير قدراتها العسكرية مقابل الجيش الإسرائيلي، علاوة على المخاوف من إمكانية أن تكون إسرائيل تسعى إلى الحرب معها بهدف إصلاح الأضرار التي نجمت عن حرب الصيف السابقة، فبدأت سورية بحملة تسلح متسارعة بمساعدة إيران وروسيا. وأضاف أن الرئيس السوري، بشار الأسد، وصف إسرائيل بأنها نمر من ورق، وأوضح لضباطه بأنه لن يتساهل مع خرق السيادة السورية.

ولم يستبعد الكاتب إمكانية أن تلجأ سورية إلى مسارات غير مباشرة للرد على ما حصل يوم أمس، تجنباً لإمكانية المصادمة المباشرة مع إسرائيل. كما لفت إلى أن سورية قامت في السنة الأخيرة بتعزيز قدراتها العسكرية، وخاصة بالصواريخ المضادة للطائرات، وصواريخ أرض- أرض، والصواريخ المضادة للدبابات. ومن هنا فإن التهديدات التي تتعرض لها الجبهة الداخلية قد ارتفعت كثيراً.

وينهي بالقول إنه رغم الابتسامات العريضة لهيئة أركان الجيش إلا أن الأزمة لم تنته بعد، خاصة وأنه في الطرف الثاني هناك قائد ليست اعتباراته مفهومة دائماً للمخابرات الإسرائيلية، فهو ليس إسرائيلياً، ولا يفكر مثل الإسرائيليين، وردوده من الممكن أن تكون مختلفة تماماً عما يبدو من الجانب الإسرائيلي معقولاً أو متوقعاً..

التعليقات