"الأنانية دخلت إلى الجيش"

-

أقدم رئيس الأركان على تنحية قائد كتيبة مدرعة بسبب امتناعه عن الإقدام والاشتباك خلال عملية "ناحل عوز". ضابطان آخران، قائد سرية وقائد شعبة كانا قد أقيلا في وقت سابق لنفس السبب. وأطلق على الخطوة في وسائل الإعلام «ثورة».

إحدى النقاط الرئيسية التي تم التشديد عليها في الاستنتاجات التي اعقبت تحقيقات حرب لبنان الثانية، في لجان التقصي وفي نهاية المطاف في لجنة فينوغراد، هي أن في الحرب كانت حالات كثيرة لم يبادر الجيش ولم يقدم على الاشتباك لهذا السبب لم ينتصر على قوات أقل منه. وبذلك لم يمنع الجيش إطلاق الكاتيوشا على ثلث مساحة إسرائيل.

حينما عُين في منصب رئيس هيئة الأركان، وضع غابي أشكنازي على سلم الأوليات تجديد التدريبات المكثفة للقوات الهجومية وعلى إعادة تذويت مبادئ الحرب، وعلى رأسها الإقدام على الاشتباك. وها نحن، بعد سنتين من «التربية الجديدة»، والاستنتاج الرئيسي للفشل في لبنان لا يطبق بشكل كامل.

الحاجة لاستخدام أساليب ثورية إذا جاز التعبير، كالتنحية، تثبت إلى أي حد أهملت خلال سنوات عديدة مبادئ وعقيدة الحرب الكلاسيكسة، التي أتاحت لإسرائيل بفضل تذويتها الحفاظ على استقلالها. ولولا الإقدام على الاشتباك في حرب يوم الغفران، ثمة شك في ما إذا كان ممكنا الخروج بهجمات مضادة بعد المفاجأة الاستراتيجية والضربات القاسية في أيامها الأولى، وكبح العدو من خلال أعمال بطولية نادرة، ومن ثم توجيه الضربات له وإنهاء الحرب على مشارف عواصمه القاهرة ودمشق.

كما أن مقارنة الأعمال البطولية والتي منحت عليها أوسمة حرب الأيام الستة وحرب يوم الغفران، مع تلك التي منحت بعد حرب لبنان تشير إلى الفوارق في الروح التي خفقت في الجيش وفي الشعب في تلك الأيام مقابل الروح التي تخفق اليوم. واليوم يوجد حاجة ماسة لتنحية ضباط من أجل محاولة العودة إلى معايير الماضي.

جزء كبير من أوسمة البطولة والشجاعة والتضحية في الحروب السابقة منحت لمقاتلين على أعمال بطولية، وانقضاض على العدو من خلال التعرض للخطر.
مقابل ذلك، في حرب لبنان الثانية، كان مقابل كل مقاتل واحد من حزب الله دزينة جنود وأكثر، مسلحون بأفضل وأحدث الأسلحة المتطورة. سيطرت طائرات سلاح الجو على الأجواء بشكل تام- لم تنطلق أي طائرة معادية ولم تخرج أي دبابة لمواجهة المدرعات الإسرائيلية. وبالرغم من التفوق التام لم يكن في تلك الحرب أوسمة نتيجة لأعمال بطولية حقيقية نفذت بهدف تحقيق الانتصار. ومعظم الأوسمة منحت على أعمال لإنقاذ جرحى.

ما كان مكتوبا في المقاطع المقلقة لتقرير لجنة فينوغراد لخصها باختصار حسن نصر الله قبل نصف دزينة من السنوات قبل إقامة اللجنة بقوله: إن إسرائيل هي بمثابة بيت عنكبوت. نصر الله ومحمود أحمدي نجاد وكثيرون مقتنعون بذلك. بالتأكيد بعد أن لم تنجح أربع فرق من الجيش ودزينة ألوية، من الانتصار على اللواء الوحيد المقاتل لدى حزب الله. وأيضا، كما في لبنان، على ضوء عجز هذا الجيش الكبير، من التغلب حتى اليوم على مقاتلي حماس وباقي التنظيمات في قطاع غزة.

وليس كباقي الشعوب الأخرى، شعب إسرائيل في دولته لا يمكنه أن يسمح لنفسه بعدم الاستقرار والتراخي والضعف. من هنا تأتي الحاجة لهزهزة الجيش، بواسطة تنحيات أيضا، اهتزاز كلي. ومن أجل أن ينجح الاهتزاز ويأتي بنتيجة يجب أن تصل قوة الاهتزاز إلى المجتمع المدني الإسرائيلي وتهزه أيضا. لأن في المعايير والقيم الأنانية التي أملاها المجتمع والتي وصلت أيضا إلى الجيش- الفرد وحقوقه في المقام الأول، والفرد غير مدين بأي شيء للمجتمع، هي الشيء الذي تسبب في الخراب الذي يهدد وجود دولة إسرائيل.

التعليقات