"محدودية القوة مقابل إيران"..

-

حذرت هيئة تحرير صحيفة "هآرتس" رئيسة الحكومة الإسرائيلية القادمة، تسيبي ليفني، من الوقوع في الخطأ الذي وقع فيه إيهود أولمرت عندما أعلن الحرب على لبنان في العام 2006. وتضمن التحذير بألا ترضخ للضغوط فتعلن عن عملية عسكرية ضد إيران.

واقتبست الصحيفة في هذا السياق ما قاله أولمرت بشأن وجوب أن تعمد إسرائيل إلى التواضع وأن تعترف محدودية قوتها مقابل إيران، من باب أن إسرائيل لن تنجح في المكان الذي فشلت فيه دول عظمى.

وكتبت الصحيفة أن الأسابيع الأخيرة تشهد انشغالا إعلاميا وسياسية بإمكانية أن تقوم إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وذلك على خلفية فشل الجهود الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية في وقف البرنامج النووي الإيراني.

ولفتت إلى تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنر، في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" والتي جاء فيها أنه يعتقد أن إسرائيل تستعد لمثل هذا الهجوم، وأنها ستنفذ الهجوم قبل أن تتمكن إيران من إنتاج القنبلة النووية. وقال إن "إسرائيل لن تنتظر حتى تصبح القنبلة جاهزة، وأن إيران تعرف ذلك والجميع يعرفون".

وبحسب الصحيفة فإن كوشنر ليس وحيدا، وذلك لأن كتاب الأعمدة والمحللين الإسرائيليين يواصلون في الأسابيع الأخيرة "تحدي رئيسة الحكومة القادمة تسيبي ليفني في مدى شجاعتها وتصميمها على اتخاذ قرار مصيري بشأن إيران (الإشارة إلى عملية عسكرية)".

وأضافت أن القيادة السياسية الإسرائيلية قد "اعتدلت" في تصريحاتها بشأن ما يسمى بـ"التهديد الإيراني". وتشير هنا إلى تصريحات رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، والتي جاء فيها أنه على إسرائيل أن تعترف بمحدودية قوتها مقابل إيران، وألا تفكر بأن تنجح لوحدها في المكان الذي فشلت فيه دول عظمى. واقتراح أولمرت أن يكون الإسرائيليون أكثر تواضعا وأن يعملوا في حدود طاقتهم. ومن جهتها فإن ليفني كانت قد صرحت بأن إسرائيل ستظل قائمة إلى جانب إيران النووية.

إلا أن "هآرتس" تقول إنه في الظروف الحالية التي نشأت، فإن المخاوف من ألا تصمد ليفني أمام الضغوط والإغراءات، فتعلن عن عملية عسكرية ضد إيران، وذلك من أجل إزالة الشكوك بشأن مدى ملاءمتها لقيادة الدولة وقدرتها على الصمود تحت الضغوط.

ولفتت الصحيفة إلى أن الانتقادات الأساسية التي واجهتها ليفني خلال المنافسة في الانتخابات التمهيدية لـ"كاديما" كانت تتصل بقلة خبرتها في تفعيل القوات العسكرية وفي اتخاذ القرارات بالقيام بعمليات عسكرية.

وتوجه "هآرتس" النصيحة لليفني، في حال تمكنت من تشكيل الحكومة، بأنه عليها أن تتجنب الإنجرار إلى القيام بعملية عسكرية ضد إيران. وفي هذا السياق تشير إلى أن ليفني كانت تقف إلى جانب أولمرت عندما جرى إغراء الأخير بإعلان الحرب على لبنان في صيف عام 2006، لكي يثبت، من جملة ما يريد إثباته، أنه بالرغم من قلة تجربته العسكرية فهو شجاع وقادر على قيادة الدولة ليس أقل من أرئيل شارون.

وبحسب الصحيفة فإن القرار بشأن إيران يجب أن يتخذ بناء على دراسة جدية لتقديرات الوضع الاستراتيجية، والتي يكمن في أساسها "هل تستطيع إسرائيل لوحدها أن تعرقل أو تشوش البرنامج النووي الإيراني لفترة طويلة، وهل الثمن المتوقع مقابل هذه العملية، مثل سقوط صواريخ في الجبهة الداخلية وعمليات إرهابية وحرب دموية طويلة مع الشعب الإيراني، يستحق المخاطرة حتى لو أمكن تسجيل نجاح تكتيكي؟".

وتخلص إلى القول بأن اعتبارات المكانة والشعبية والمنصب يجب ألا تلعب دورا في اتخاذ قرار مصيري كهذا. وفي حالة ليفني فإن ذلك لا يكون من خلال إصدار الأوامر لسلاح الجو بالتحليق، وإنما في المواقف التي تظهرها إزاء التهديد الإيراني والمطالبة بالعمل ضده بالقوة، على حد قول الصحيفة.

التعليقات