لنحافظ على التهدئة

لنحافظ على التهدئة

تحت هذا العنوان، كتبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها، أليوم الجمعة، أن اتفاق التهدئة الذي تحقق بين إسرائيل وحماس قد واجه هذا الأسبوع تحديا صعبا : هل سيتحطم في أعقاب عملية جيش "الدفاع" الإسرائيلي في غزة، أم أنه قادر برغم العملية، على الإستمرار. إنه امتحان صعب كان من الأفضل تجنبه.

ألحيرة واضحة: فقد قطعت معلومات استخبارية دقيقة أن حماس قد انهت حفر نفق بهدف عبور الحدود إلى إسرائيل من أجل اختطاف جنود إسرائيليين. في المقابل، فإن عملية تفجير النفق، التي أدت إلى مقتل ستة من عناصر حماس، كان من شأنها، كما قد حصل، أن تؤدي إلى قيام حماس باستعراض لقوتها ما يعني إطلاق عشرات الصواريخ على بلدات النقب الغربي. بل إن الأدهى أن عملية كهذه تكمن في طياتها خطورة للتورط بأن تعود بلدات النقب إلى الواقع الذي كان سائدا قبل نحو خمسة شهور.

ماذا كان سيحصل لو أن جنود جيش "الدفاع" أصيبوا في هذه العملية، أو لو وقعت إصابات في الأرواح من القسامات؟ - نهاية التهدئة.

نظريا، يمكن الإدعاء أن حماس هي من خرق اتفاق التهدئة لمجرد حفر النفق ونيتها اختطاف جنود، ولكن هل كان هنا خطر أكيد وفوري؟ هل حفر النفق أخطرمن استمرار حماس بالتسلّح بأسلحة مختارة عبر الأنفاق إلى مصر؟ هل من الصعب إحباط تهديد النفق من خلال تحصين الجنود أو إرسال رسالة إلى مصر نطلب فيها هدم النفق كوسيلة أولى للحل على الأقل؟.

لو كان مقياس العملية في غزة هو مدى التهديد وحجم الخطر المتراكمين في شوارعها وأنفاقها ضد جيش "الدفاع" فإنه، ومنذ البداية، لم تكن هنالك حاجة لاتفاق تهدئة. فغزة هي ترسانة أسلحة، ووسائل تخريب، وأنفاق تهريب، ورغبة لتنفيذ عمليات ضد اسرائيل. وقد رافقت هذه المخاطر على مدى شهور تردّد جيش "الدفاع" والحكومة بشأن تنفيذ عملية جارفة داخل غزة أو الإحجام عنها.

القرار الذي اتخذ أخيرا باعتماد التهدئة لم يتجاهل هذه المخاطر. لكن، وبعد حساب المخاطر مقابل الربح، وبعد أن أدركت الحكومة أنها لن تستطيع ترك مواطني النقب الغربي للقسامات دون أن تفعل أمرا ضدها، فقد قررت أن تخطو الخطوة اللازمة وأن تضع حماس أمام امتحان التزامها بالتهدئة.

لم يتغير شيء في غزة يوجب تغيير القرار. لكن إذا قررت الحكومة والجيش أن الوضع لم يعد قابلا للتحمّل وأن الوقت قد حان للقيام بعملية جارفة في غزة، فقد كان جديرا بها أن تضمن ألا يدفع مواطنو النقب الثمن الباهظ. لكن قبل هذا، كان على الحكومة أن تطرح السؤال الأصعب: ما هو الخطر الذي لا يمكن احتماله، والذي هي مستعدة، لدرئه، أن تخاطر بآلاف المواطنين.

ألتهدئة هي مصلحة إسرائيلية وهي مصلحة لحماس وللسلطة الفلسطينية. استمرارها مرهون بمخاطر وأثمان. لكن لا بديل لها في الراهن. الإقتحامات العفوية ليست حلا لدرء الخطر، للمدى البعيد بالتأكيد. ومن الأفضل أن تهدأ اليد على الزناد. فهي تعرض مواطني سديروت للخطر.


التعليقات