"لم يمت العمل، هذا الأسبوع"

-

مات الحزب منذ زمن. حيث أطلق على نفسه رصاصة في رأسه في اليوم الذي انتخب باراك للوقوف على رأسه.


قال الحكماء في تلمود بابلي:" ثلاثة أمور نفكر بها وإذا لم نفكر بها – فإن الحق أن نفكر بها. الميت إذ تفوح رائحته. والميت الذي ينسى من القلوب، وفي الغلّة إذ تتعفن". وقد عرف هؤلاء الحكماء، لحكمتهم، أن هذه هي حال الدنيا – والمفضل أن تكون على هذا النحو. فحقيقة أن المحصول يتعفن تجبر زارعيه أن يبيعوه وأن يزرعوا آخر من جديد، بدل أن يخزنوه حتى إذا كان القحط باعوه بأثمان عالية.

حسن أن الأموات يتعفنون. فهكذا يختفي الإغراء لأن نبقي عليهم جالسين على الكنبة في الصالون ونتخيّل أنهم أحياء. ويجب أن ينسى الميت، لأن هنالك ضرورة للمضي إلى الأمام. وعندما قال الحكماء إن على الميت أن ينسى فهذه كانت توصية فقط. وإعلانات الحداد الكثيرة في الصحف الداعية إلى تذكّر من قد رحل من شعبنا قبل سنوات كثيرة دليل على ذلك.
والدليل، حزب العمل: المحصول يتعفن، والميت يتعفن، ومع ذلك فإن حزب العمل، وضد جميع الإحتمالات ونبوءات الحكماء، ما زال في عداد الأخبار.

لقد مات حزب العمل أو أنه أطلق رصاصة على رأسه في اليوم الذي تم انتخاب إيهود باراك للوقوف على رأسه وقيادته. إنه تقدير محافظ: حيث من المحتمل جدا أن تكون الوفاة حصلت قبل ذلك – عندما تم تعيين باراك وزيرا للداخلية في حكومة إسحاق رابين، في تموز/يوليو 1995. أو ربما قبل ذلك بكثير، يوم أن كتب الشاعر حاييم غوري أن الضابط الصغير إيهود بروغ سيصير يوما ما رئيسا لحكومة إسرائيل.

على أية حال، فإن من المحرج أن نرى إلى أطنان الورق الملقاة في اليومين الأخيرين عن نتيجة الإنتخاب في مؤتمر الحزب الراحل. حتى أنه لا لزوم لتفصيل ما قد فعلت هذه الجرثومة المفترسة لحزب العمل وللدولة. من المصادقة على زيارة أريئيل شارون لمنطقة الأقصى وحتى حجم البناء غير المسبوق في المناطق (المحتلة) في أية دورة له كوزير للأمن، وبالطبع، تحويل جيش الدفاع الإسرائيلي إلى الجيش الأكثر أخلاقية في العالم.

إليكم اقتراح للغز بدون جوائز أيها القراء: هاتوا من فضلكم سببا جيدا لاستمرار وجود حزب العمل. بعد عشرات آلاف الكلمات التي تحملناها الآن فقط، من فضلكم: ليفسّر لنا أحدكم لماذا من المهم أن يكون حزب العمل في الإئتلاف، أو في المعارضة أو على الحلقات التي تطوّق كوكب زحل؟.


تكهن محتمل: فقط لهذا الحزب هنالك أسماء موسيقية. خذوا مثلا الإسم بوجي. خذوه ثانية (ليس إلى الرئتين بالطبع). بوجي. طريّ وناعم هذه النغمة القصيرة. بو؟جي. يتدحرج الإسم بوجي على الشفاه وعندها تفيض حلويات إلى داخل الفم وإلى الحلق، وهناك يمرح بين طبقات صوتية دقيقة ناعمة مثل فؤاد.. فو؟آد. إيهود.. شيلي.. عوفر.. بينس.. من الصعب على المحللين أن ينفطموا من هذه النغمات الساحرة. كما أن صياغة الكلمات "أبراج أكيروف" تلسع الشفاه. لا ننكر أن كل هذا إنما يذكر بفيلم إباحي ضحل الميزانية، لكن ماذا تفعل برامج الثرثرة بدونهم؟ "شطاينتس"؟ "أيوب قرا"؟.

غير أن دخول حزب العمل إلى الإئتلاف يخفي في طياته مكافأة أخرى. فمنذ الآن سيكون حول طاولة الحكومة ليس أقل من ممثلين اثنين لمكتب المحاماة هيرتسوغ – فوكس – نئمان – الوزيرين يعقوب نئمان وبوجي هيرتسوغ. سيشتاق معارضو وزير القضاء المنصرف دانيئيل فريدمان (إليه). فقد كانت لفريدمان أجندة تستحق النظر فيها. لكن لهذين المحاميين يوجد زبائن في الاساس.

التعليقات