اعتقال وسنتان في المحاكم العسكرية بسبب كذب جنود الاحتلال

اعتقال وسنتان في المحاكم العسكرية بسبب كذب جنود الاحتلال
في عددها الصّادر اليوم الجمعة (06.08.2010) تناولت الصّحفيّة في "هآرتس"، عميره هس، كذب جنود جيش الاحتلال في شهاداتهم أمام المحكمة العسكرية، الأمر الذي كلف 8 طلاب فلسطينيين من مخيم العروب قضاء الخليل اعتقالا وتنكيلا استمر قرابة الشهر وسنتين من المرافعات في المحاكم العسكرية.

تعود جذور هذه القّصّة إلى 30 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2008، حيث اعتقل جنود، وفقَ أقوال أحد جنود الاحتلال، بضعة تلاميذ كانوا يرشقون قوات الاحتلال بالحجارة، وذلك في منطقة بين مخيّم العروب والمدرسة الزّراعيّة المقابلة له.

شهادة الجنود كانت هي من زَجَّ بثمانية تلاميذ فلسطينيّين إلى السّجن غير المحدّد، بحجّة عدم انتهاء الإجراءات القضائيّة. وكما هو معروف فإنّ تمديد الاعتقالات للفلسطينيّين في الضّفّة الغربيّة بات أمرًا عاديًّا: "فمن شأن فترة الاعتقال حتّى الانتهاء من الإجراءات، في حالات كثيرة، أن تطول أكثر من فترة الحكم المتوقّعة".

ومن هنا ينتج ضغط على المعتقلين بالاعتراف بالتّهم المنسوبة لهم، والتّوصّل لصفقة ادّعاء "دون علاقة لذنبهم أو لماهيّة الأدلّة".

في هذه القضيّة رَفَضَ التّلاميذ الفلسطينيّون الاعتراف بالتّهم المنسوبة إليهم، وكان ممثّلاً عنهم المحامي من جمعيّة الضّمير للدفاع عن الأسير، محمود حسّان، والذي طَلَب من المحكمة استدعاء معلّمين من المدرسة التي ينتسب إليها هؤلاء التّلاميذ، في محاولة منه إثبات تواجد الطّلاّب داخل المدرسة أثناء رشق الحجارة كما تدّعي المحكمة. حينما سَمِعَت المحكمة بهذه النّيّة، قَرَّرت إسقاط الدّعاوى ضدّ الطّلاّب. وفي 12 يوليو من هذا العام، قام القاضي تسفي هايلبرون، بإلغاء لوائح الاتّهام كافّة.

ووفق شهادة الجنود في محطّة شرطة عتسيون (في الضّفّة الغربيّة) فقد قاموا بملاحقة الطّلاّب الذين قاموا برشق الحجارة، وقبضوا عليهم قبل أن ينجحوا بالاحتماء في المدرسة. لكن المهمّ في هذه القضيّة أنّ الطّلاّب كانوا جميعهم في صفوفهم داخل المدرسة، وحتّى أنّ قسمًا منهم شَارَك ساعة الاعتقال في امتحانات مدرسيّة.

أمّا القصّة على أرض الواقع فهي اقتحام المدرسة بثلاث سيّارات جيب عسكريّة، حَطَّمَت بوّابة المدرسة، لينزل منها الجنود وليقوموا باختيار ثمانية طلاّب من بين عشرين طالبًا قاموا باقتيادهم إلى باحة المدرسة. وفي المحكمة العسكرية أمر القاضي بتمديد اعتقال الطلاب.

لم يتنازل المحامي محمود حسّان عن الاستئناف، الذي بَتَّ فيه قاضي المحكمة العسكرّية للاستئناف يورام حنيئيل، مُحَرِّرًا بذلك كافّة الطّلاب، بكفالة ماليّة، معلِّلاً حكمه: "لأسفي الشّديد، لا يقوم الجنود بسرد تفاصيل ما جرى بالدّقّة، كما ولا يقدمون وصفًا دقيقًا لكيفيّة اعتقال كافّة المتقّدمين بالاستئناف، فكيف يستطيع ثلاثة جنود اعتقال ثلاثة عشرة صبيًّا".

كانت الكفالة الماليّة التي أقرّها القاضي عبارة عن 7500 شيقل نقدًا، "لكن هذا المبلغ خياليّ بالنّسبة لكافّة العائلات، التي لاقت صعوبات كبيرة في تمويل السّفر للوصول إلى جلسات المحكمة العسكريّة في "مستوطنة عوفر". لكن جمعيّة الضّمير نجحت بشكل استثنائي باقتطاع المبلغ كقرض من وزارة ماليّة السّلطة الفلسطينيّة. وبمرور أيّام معدودات تمّ إطلاق سراح الطّلاّب الذين أمضوا 27 يومًا في المعتقلات الإسرائيليّة في الضّفّة الغربيّة، أُسبوعين في سجن "عتسيون"، وأُسبوعين في سجن "عوفر".

ومنذ إطلاق سراح الطّلاّب بكفالة ماليّة، تم انعقاد ما بين 15-18 جلسة في المحكمة العسكريّة في عوفر، حيث: "تمّ مواجهة الجنود مع إفاداتهم للشرطيّين المحقّقين"، إضافة إلى تقديم العديد من التّصويرات الإضافيّة. لم يمح قرار إطلاق سراح الطّلاب أي نوع من العذاب النّفسيّ الذي مرّوا به، والذي أدّى إلى أن يترك قسم منهم المدرسة، وقسم آخر يعاني من أزمة نفسيّة حادّة جرّاء الإهانات التي طالتهم.

وفي هذا السّياق يقول ناصر جابر، أحد الطّلاّب المعتقلين: "ألقوا بنا على أرضيّة الجيب مكبّلي الأيادي، مغمضي الأعين، كأننا أكياس قمامة، ركلونا أثناء السّفر، ألقوا بنا كأكياس قمامة، من الجيب نحو الأرض، بينما رؤوسنا منحنية نحو الأسفل، أُصيب قسم منا".

أحد الطّلاّب، الذي يكبرهم بأربع سنوات، ومن يحمل سوابق جنائيّة من رشق حجارة وإطلاق نار، لم يوافق القاضي إطلاق سراحه، وهو بدوره كَفَرَ بالتّهم الموجّهة إليه، صَمَدَ هذا الشّاب حتّى مايو 2009 رافضًا عقد صفقة ادّعاء. لكنّه، حين أدرك صعوبة موقفه أمام القضاء العسكريّ المحتلّ قرّر الاعتراف في تاريخ 4 مايو 2009، فتمّ إطلاق سراحه.

ويصر جيش الاحتلال على مصداقية شهادات الجنود.

التعليقات