"ألجبهة الحقيقية: ألحرب على البطالة"

-

تم اليوم، ودقيقة واحدة بعد وقف النار على غزة، نشر معطى غير مفاجئ، بحسبه تمّ تسجيل ذروة في عدد المقالين، أولئك الذين حكم عليهم بالبدء بمشوار طويل في صفوف مستحقّي المخصصات وخدمات التشغيل. لحظة واحدة بعيد صرف المليارات من الشواقل على ما يسمى الأمن العسكري، الذي يبدأ وينتهي بقتل أكثر من ألف من النساء والأولاد والرجال المدنيين، يتم تسجيل واحدة من نتائج المعركة الإنتخابية الخيالية، المشبعة بالشعارات عن القوة وانعدام التنازلات – والتي تصرف بها في كل دقيقة مليارات الشواقل على مستشاري الإعلام وعلى القصف والتي تهدف بمجملها إلى حسم من يكون قائدنا الكبير القادم.

سيكون من الغرابة بمكان أن لا يجري ربط واضح بين الصرف المالي العظيم بحجمه على الهجوم العسكري وبين انعدام الميزانية التي تهدف لتوفير العمل الذي يؤمّن المعيشة، والتشغيل والرفاهية. لكل أولئك الذين يزعمون أن لا خيار آخر، يوجد بطالة، ويجب اعتماد التقليصات، لدينا نحن المواطنين ما نقوله لهم: خذوا المال الذي تنفقونه على شركات الإعلام وعلى التزوّد بأداة العسكر المفسدة، وخصصوه لغرض الأمن الإقتصادي – الإجتماعي لمواطني المنطقة والدولة.

يعد أن فرح وابتهج معظم الجمهور لما يعتبره نصرا هو بالنسبة لأولئك خلف الحدود قتل – وإبادة – وكارثة، يعود دفع الثمن لمعظم المواطنين أنفسهم – ثمن ثقيل من انعدام التشغيل، وانعدام لقمة العيش، وغياب التوازن الإقتصادي/ إنه الثمن المحدد في ميزانية الدولة والمخصص في معظمه لتمويل الإحتلال، توسيع وبناء المستوطنات، وتطوير وزيادة الوسائل الحربية.

لا يستغربن جميع هؤلاء الذين قفزوا قبل هنيهة وفي كل مرة كتب فيها أن الجيش الإسرائيلي يلدغ مواطني غزة. هنالك ثمن مباشر يدفعه مواطنو الدولة المقاتلة المنهجية، حيث أن مواطنيها وفي جميع الأحوال لا يمكنهم إدراك شكل الأمن الوجودي – الإقتصادي – الإجتماعي اليومي. على كل من يعتقد أن من المسموح لكبار النظام الحاكم أن يصرفوا ميزانيات باهظة على الأداة المفسدة وعلى توسيع السيطرة على غزة والضفة، أن يعرفوا أن من الممكن ظهور الثمن على أعتابهم: حيث أنه إلى جانب الربح السياسي الذي كسبه كبار النظام والحكومة من الحرب الأخيرة وتلك الماضية، هنالك خسارة اقتصادية مباشرة تقع على معظم المواطنين.


ندفع ثمن العجرفة

كل هذا يخرج ويدخل من الميزانية ذاتها للدولة، لا سبيل إلى تأمين الرفاه والعمل طالما تؤيد غالبية الجمهور أولئك الذين يؤيدون ويعتمدون أسلوب اللدغ والقتال فقط. طالما تعتمد إسرائيل على حرابها، وطالما يصرف الكبار الميزانيات على حرب أخرى، فإنه من غير المعقول أن نطالب بتخصيص الميزانيات من أجل اقتصاد عادل ومن أجل التشغيل.

وعليه، فلجميع أولئك الذين ابتهجوا للقتل المنهجي ولقصف المشافي والبيوت ومؤسسات الأمم المتحدة بذريعة الدفاع عن مواطني الدولة، نقول إنه ربما قد حان الوقت وانتم عاطلون عن العمل لأن تأخذوا لكم فرصة لإعادة التفكير بالثمن الأخلاقي وكذلك الإقتصادي الذي تدفعه الدولة ومواطنوها على كراهية الفلسطينيين الفعلية والخطيرة من مواطني غزة.

ليس هذا تشفيا لا سمح الله. فجميعنا ندفع ثمن العجرفة ذاتها.، ثمن فظائع الحرب الأخرى. فتعالوا بنا نتوقف عن استثمار أنفسنا في تهيؤات أن لدينا هنا حكومة تهتمّ بمواطني الدولة. إنهم في المجمل قلة من الكبار الذين يضللوننا ويستغلون نقودنا لغرض رفع تأييدهم في الإستطلاعات، وخسارة أنهم ما زالوا يستطيعون الإعتماد على أن معظم الجمهور لن يلاحظ أن ما يدفعهم هو ليس أمننا، بل تأمين حكمهم.

هي الآن معركة انتخابات بدايتها حرب، دفع ثمنها أكثر من ألف من مواطني غزة وكذلك أشخاص من جنوبي البلاد بحيواتهم، واستمرارها آلاف العاطلين الجدد الذين يتم لفظهم الآن، بسبب المصروفات الهائلة على تعزيز الإحتلال، وعلى حرب أخرى، من سوق العمل.

التعليقات