أوباما يعد لقمة ثلاثية في صلبها „السلام” و „التطبيع”

-

أوباما يعد لقمة ثلاثية في صلبها „السلام” و „التطبيع”
كشفت صحيفة „معاريف أنّ الإدارة الأميركية „تعمل جاهدة” من أجل عقد قمة لعرض خطتها لـ”السلام”، آملة أن يكون ذلك في الأسبوع الأخير من شهر أيلول المقبل، بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّ الرئيس باراك أوباما، يدرس إمكان عقد لقاء قمة ثلاثية برئاسته، تضم إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وبحسب الصحيفة ستكون القمة علامة على „الخروج من الجمود السياسي، وبداية الحوار من أجل تسوية سياسية إقليمية”. ورجّح مسؤولون إسرائيليون أنَّ يعرض أوباما „رؤيته السياسية التي تضم دور الدول العربية وخطوات التطبيع” مع إسرائيل.

وكان مسؤول إسرائيلي، قد أوضح أنّ الأميركيين صعّدوا من ضغطهم على إسرائيل من أجل التوصل الى تسويات بشأن تجميد الاستيطان. لكن حتى هذه اللحظة، لم يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإنّ واشنطن „معنية بالتزام إسرائيلي لوقف البناء في المستوطنات لمدة عام على الأقل”، بينما تعرب إسرائيل عن استعدادها لوقف البناء لثلاثة أشهر فقط. غير أنّ بعض الأوساط الإسرائيلية تتفاءل بإمكان التوصل إلى „حل وسط” يقضي بوقف العمل في المستوطنات لستة أشهر.

ويُنتَظَر أن يلتقي نتنياهو مع المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، في لندن في 26 من الشهر الجاري، حيث يُتوقّع أن يقدم نتنياهو ردّ حكومته على مطالب البيت الأبيض. كما رجّحت مصادر إسرائيلية مسؤولة أن يزور نتنياهو أوباما قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.

في هذا الوقت، أشارت „هآرتس”، في ملحقها الاقتصادي، (دي ماركر)، إلى أنَّ السلطات الإسرائيلية أحيت مشروعًا قديمًا لبناء 450 وحدة سكنية في حي استيطاني في القدس الشرقية المحتلة، فيما يتحدث مسؤولوها عن „وقف مؤقت للاستيطان”.

كما لفتت الصحيفة إلى إمكان أن تطلق مصلحة أملاك الدولة هذا المشروع الذي كان مطروحاً سابقاً في استدراج عروض في الحي الاستيطاني „بسغات زئيف” على أن تبدأ أعمال البناء بعد ستة أشهر.

وعلى صعيد متصل انهى الرئيس مبارك، الأربعاء، زيارته الى امريكا والتي استمرت اربعة ايام، التقى خلالها مع الرئيس الامريكي اوباما وناقش معه سبل الحل للقضية الفلسطينية.

وذكرت المصادر انه تمت خلال الزيارة مناقشة ما بات يعرف بـ„مبادرة الحكماء” التي تقترحها الادارة الامريكية بواسطة جيمي كارتر وجيمس بيكر وبرنت سكوكروفت. وكانت صحيفة القدس العربي قد كشفت عن كنه هذه المبادرة التي يتم بموجبها محاولة ايجاد صـيغة لاستبدال حق العـودة بحق التعويض.

ويرى مراقبون ان الادارة الامريكية تسعى لان تلعب مصر دورا أساسيا في إنجاح القمة الثلاثية المزمع عقدها في نيويورك الشهر القادم على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أسلوب تعامل الإدارة الأمريكية مع الرؤساء العرب بقي هو هو ولم يتغير حتى وإن تغيرت الإدارات وتغير الرؤساء.

كل رئيس عربي يزور أمريكا، تقوم الأخيرة بواسطة خبرائها المختصين بالشؤون الرئاسية/ العربية بتحضير ملف شامل حول الرئيس وحول القضايا الملحة والحساسة في التعامل معه، بحيث يتم التركيز على نقاط الضعف من أجل ابتزاز مواقف سياسية في القضايا التي تهم الإدارة الأمريكية.

في حالة مبارك وزيارته الأخيرة للولايات المتحدة استل الخبراء بعضًا من هذه النقاط لتشكل عوامل ضغط. وكانت من بين هذه النقاط قضية أقباط المهجر الذين تأهبوا للقاء مبارك بالتظاهر والاحتجاج، وكان من الواضح ان هذا الاحتجاج مسقوف بسقف التوجيهات الأمريكية لأقباط المهجر الذي أعلنوا صراحة أنهم لن يطلقوا شعارات ضد التوريث او اتهام النظام المصري بالاستبداد والدكتاتورية، ولن يطالبوا بإسقاط النظام، وحدَّدوا مطالبهم بأنها مطالب حقوقية تخص الأقباط كطائفة كبيرة مهضومة حقوقها في مصر.

لا تتميز مطالب أقباط المهجر فقط بطابعها الطائفي البدائي، وإنما الأهم من ذلك ان القيادات القبطية التي تقف وراء هذه المطالب هي أدوات طيعة بأيدي الإدارة الأمريكية وخبرائها/مخابراتها.

النقطة الثانية هي قضية انتهاك حقوق الإنسان في مصر وانعدام الدمقراطية، حيث لوّحت الإدارة بشكل غير مباشر، بفتح هذا الملف قبيل لقاء اوباما مع مبارك يوم الثلاثاء الماضي، من خلال صحيفة „واشنطن بوست” التي وجهَّت رسالة الى مبارك وأوباما تحتوي أسئلة هامة متعلقة بحقوق الإنسان والدمقراطية.

أطلق مبارك قبيل سفره الى امريكا تصريحات تطرب لها آذان المواطنين العرب، على غرار „لا تطبيع بدون حل القضية الفلسطينية وفق المبادرة العربية”، أو „لن تشارك مصر في مظلة نووية أمريكية في منطقة الخليج...” إلا أنّه عندما وصل لأمريكا كانت خطوته الأولى مقابلة أعضاء اللوبي الصهيوني فطمأنهم عن حياة شاليط الذي أسماه „أسيرنا”، وأكدّ لهم مدى معاداته لإيران والبرنامج النووي الإيراني إضافة إلى ارتياحه من مواقف نتانياهو وبيرس.

لكنه رغم ذلك ووجه بالقضايا الآنفة (الأقباط والدمقراطية)، لأنّ الإدارة الأمريكية بحاجة هذه الأيام الى تنازلات عربية جديدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، على نحو استبدال حق العودة بحق التعويض، إضافة الى تحديد حدود الدولة الفلسطينية وفقًا للواقع الاستيطاني الإسرائيلي.

بغض النظر عن تصريحات مبارك العلنية، لا يساورنا شك بإبرام صفقة أمريكية مصرية، أو على الأقل تفاهمات أساسية بين الطرفين، ليعود بعدها مبارك الى الشرق الأوسط محملاً بمادة جديدة للضغط على الفلسطينيين نزولاً عند رغبة السيد الأمريكي.

هناك محاولة لإقناع العالم عمومًا والعرب خصوصًا انّ تحركات مبارك الأخيرة والتي تنضوي في إطار ما بات يُعرف بـ „مبادرة الحكماء” التي فصَّلتها الإدارة الأمريكية بمشاركة رئيس سابق هو جيمي كارتر، ووزير خارجية سابق هو جيمس بيكر، ومستشار أمن قومي سابق هو برنت سكوكروفت، انما هي فعلاً تحركات حكيمة.

إلا أنَّ اطفال فلسطين في عين الحلوة وبرج البراجنة واليرموك، الذين لم يروا فلسطين يومًا سوى بعيون والديهم، لا شكَّ ينظرون بسخرية الى هذه المبادرة ويعتبرون حكماءها طائشين لا أكثر. لأنّ حق العودة مثل مال الوقف أو أكثر قداسة منه، ولا يمكن المتاجرة به، وهذه المشاريع القديمة الجديدة وخاصة استبدال حق العودة بحق التعويض أكل الدهر عليها وشرب وأصبحت في قمة الابتذال السياسي.

التعليقات