أوري ساغي: "اسرائيل اهدرت فرصة للتوصل الى اتفاق سلام مع سورية"

أوري ساغي:
نشرت صحيفة يديعوت احرونوت، اليوم الجمعة، مقابلة اجرتها مع اللواء (احتياط) في الجيش الاسرائيلي، أوري ساغي، تضمنت في الاساس موضوع المحادثات مع سوريا.

وهاجم ساغي، الذي اشغل عدة مهام عسكرية وسياسية في الماضي، القيادة الاسرائيلية بسبب اهدار فرصة التوصل الى اتفاق مع سورية.

يذكر ان اهم المهام التي اشغلها ساغي في الماضي، كان ترؤسه للوفد الاسرائيلي في المفاوضات، خصوصا السرية منها، بين اسرائيل وسورية، وترؤسه في مطلع تسعينات القرن الماضي شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية.

وقال ساغي انه "كانت هناك فرصة غير مسبوقة ابدا للتقارب بين اسرائيل وسورية، في المواضيع الجوهرية، حول الامن والحدود والمياه والتطبيع. لكن كل هذا البناء، الذي شيد بسرية وبتروٍ، انهار".

ووصف ساغي الاجتماع الاخير، على مائدة العشاء، في محادثات شيفردزتاون، في بداية كانون ثاني/يناير 2000.

وكان يجلس حول المائدة الرئيس السابق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ومستشار الامن القومي الامريكي، ساندي بيرغر.

وعن الطرف الاسرائيلي كان رئيس الوزراء السابق ايهود براك، رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي امنون ليبكين-شاحك، ورئيس طاقم المفاوضات مع السوريين، ساغي.

وكان يجلس حول المائدة ايضا وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ورئيس اركان الجيش السوري الاسبق الجنرال يوسف شقور.

ويصف ساغي اللحظات الاخيرة في الاجتماع، عندما تم التوصل الى اتفاق في اهم القضايا بين الطرفين. فقال براك ان يحتاج الى اجراء تشاورات مع جهات اسرائيلية.

وبحسب ساغي، اثار رد براك غضب وزير الخارجية الشرع وقال ان "رئيسي (حافظ الاسد) ارسلني من اجل ان انهي الموضوع، وانت، رئيس حكومة اسرائيل، لا تلتزم بتعهداتك. لقد وثقنا بك، لاننا اعتقدنا انك رجل شجاع، وها انت تتلاعب معنا".

واضاف الشرع "من الذي ستشاوره. أي خبراء للحدود والامن لديك هناك؟ اذ يجلس معنا هنا الجنرال ساغي والجنرال شاحك. هؤلاء الخبراء الذين يجب ان تعتمدهم".

وقال ساغي ان الشرع توجه بعد اقواله هذه الى كلينتون وسأله "هل اخطأت في شيء؟" فرد كلينتون، وقد انتابه حرج، "انك على حق".

وفي رده على سؤال يديعوت احرونوت بان كلينتون والمبعوث الامريكي دينس روس، وضعا في كتابيهما مسؤولية كبيرة عن فشل المفاوضات على اسرائيل، قال ساغي "انني اوافقهما. لقد استمعت لاقوال الشرع. يتوجب علي ان اعترف، باستقامة، انه كان على حق. اسرائيل لم تلتزم بتعهداتها وهذا لن يُغفر لها".

واضاف ساغي انه "في فترة براك، اوصلتنا المفاوضات مع سورية الى وضع يمكن فيه القضاء على النزاع الاقليمي مع الدول العربية، وقد اهدرنا ذلك".

وقالت الصحيفة الاسرائيلية ان ساغي يعكف في هذه الايام على انهاء كتاب من تأليفه حول المفاوضات مع سورية، على مرّ حكومات اسحاق رابين وشمعون بيريس وبنيامين نتنياهو وايهود براك، منذ مؤتمر مدريد، في العام 1991 وحتى العام 2000.

ونقلت الصحيفة عن ساغي قوله ان التحليل الذ سيتضمنه كتابه حول انهيار المفاوضات مع سورية قد يخدم مفاوضات مستقبلية "لان المباديء الاساسية التي تم الاتفاق عليها في حينه ستشكل اساسا لها".

وعاد ساغي، في المقابلة مع يديعوت احرونوت الى فترة حكومة اسحاق رابين، عندها كان يشغل منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية.

وقال "اقترحت على رابين عدم الشروع في مفاوضات مع الفلسطينيين حول الحل الدائم، لانه غير قابل للحل. اذ لم ارى قوة سياسية، ليس لدى الفلسطينيين ولا لدينا، تمكن من التوصل الى (اتفاق على) الحل الدائم".

واضاف انه في تلك الفترة "وافقت دول عربية، بضمنها سورية، بعد مؤتمر مدريد، على الفصل بين مصالحها وبين اتفاق اسرائيلي-فلسطيني".

واعتبر ساغي ان "الاسد الاب ادرك التغير الحاصل في المنطقة، واراد ان يحقق ثلاثة امور. اراد ان يحصل على شرعية من الولايات المتحدة بعد ان خسر الاتحاد السوفييتي، واراد استعادة هضبة الجولان، واراد اعتراف فعلي بسيطرته على لبنان".

وأكد ساغي انه "في حينه كانت الولايات المتحدة واسرائيل على استعداد لمنحه اعترافا بالمكوث السوري في لبنان، وانا اقول ذلك بكل مسؤولية".

وأكد ساغي ايضا على ان رابين سلم وزير الخارجية الامريكي، وورن كريستوفر، ما يسمى بـ"الوديعة". وهي رسالة مفترضة، شفوية، مفادها انه اذا تم ارضاء اسرائيلي في قضايا الامن، المياه الحدود والتطبيع، فان اسرائيل ستوافق على الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران/يونيو.

وتابع ساغي قائلا ان "الرابع من حزيران/يونيو 1967 ليس خطا حدوديا. بل هو خطا مفترضا. وسيكون من الصعب على خبراء من خارج المنطقة تحديد خط كهذا. لا وجود لخط كهذا".

لكنه اضاف انه "في العام 1999، خلال محادثات سرية مع سورية، نجحنا لاول مرة في التوصل الى تفاهمات بخصوص هذه الخط. واتضح عندها ان الفارق بين الحدود الدولية وحدود الرابع من حزيران/يونيو ليست كبيرة بتاتا".

ولفت ساغي الى ان "بيريس ايضا، الذي حل مكان رابين (بعد اغتيال الاخير) تحدث مع السوريين حول حدود الرابع من حزيران/يونيو. لكن نتنياهو كان اكثر حذرا في العام 1997. فقد تحدث هو ايضا عن حدود الرابع من حزيران/يونيو لكن ليس عنها فحسب.

"وعندما ارسل (نتنياهو) رون لاودر الى الرئيس السوري (حافظ الاسد)، زوده بتعريف ينطوي على حنكة: الحدود الجديدة ستأخذ بالحسبان حدود الرابع من حزيران/يونيو، والحدود الدولية وعلى مطالب الطرفين. انها معادلة دبلوماسية براقة، لكن يتضح منها اننا سننسحب من هضبة الجولان".

واضاف ساغي ان "لا فرق بين وجهتي نظر نتنياهو وبراك في كل ما هو متعلق بالتوصل الى اتفاق مع السوريين. ومن يقول اليوم انه (أي نتنياهو) لم يكن مستعدا للتنازل عن الجولان، ولذلك تفجرت المفاوضات مع سوريا- لا يمكنني مشاركته في هذا الادعاء".

ويشير ساغي، ايضا، الى صدق نوايا الرئيس الراحل حافظ الاسد في التوصل الى اتفاق مع اسرائيل. وقال انه "في نهاية فترة براك كرئيس لهيئة الاركان العامة للجيش الاسرائيلي، وانا كنت رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، طلب رابين فحص امكانية تجديد المفاوضات (مع سورية) والتوصل الى اتفاق مبدئي.

"وارسل الاسد رئيس هيئة اركان الجيش (السوري) ليفحص بدوره اذا ما زال بالامكان التحدث عن قضية الحدود بالاستناد الى "الوديعة". أعتقد انه لم يكن ليرسل رئيس هيئة الاركان لو كان توجهه نحو قطع الاتصالات".

وتطرقت المقابلة مع ساغي، ايضا، الى موقف الجيش الاسرائيلي من الانسحاب من هضبة الجولان.

وقال ساغي ان "بيرس ابلغني بان الجيش يدعم الانسحاب من هضبة الجولان بالكامل، وان الجيش بامكانه توفير اجوبة من الناحية الامنية لاتفاق مع السوريين. وحتى انه وصف لي الاسلحة المرتبطة باتفاق كهذا".

وتابع ساغي ان "على الجيش، بطبيعة الحال، ان يوفر اجوبة امنية على كل اتفاق. واذا لم يكن هناك اتفاق فان الانسحاب من الجولان يعتبر عملا غير مسؤول. وانا اعرف مواقف براك وشاحاك في هذه النقطة. ويبدو لي ان شاؤل موفاز يوافق على هذا التوجه وكذلك موشيه يعلون".

وفي رده على سؤال حول سبب فشل مهمة لاودر، قال ساغي ان "المشكلة كانت غياب قرار اسرائيلي بالمضي بعيدا في اتفاق مع السوريين. فقد توقف براك ونتنياهو قبل لحظة واحدة من التوقيع على اتفاق".

التعليقات