"التركز في المسار السوري"..

-

كتب آري شافيط في صحيفة "هآرتس" أن هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى أن احتمالات التوصل إلى اتفاق قريب إسرائيلي فلسطيني هي ضئيلة. ويسوق عددا من الأدلة على ذلك، من ضمنها تراجع سري نسيبة عن وثيقة أيالون – نسيبة، التي تقترح حل الدولتين والتخلي الفلسطيني عن حق العودة. ويشير إلى تراجع نسيبة عن حل الدولتين، كما حصلت أمور ليست جيدة مع أيالون، وبالتالي انتهت هذه المحاولة.

أما الدليل الثاني الذي يسوقه فهو المبادرة العربية. وبحسبه فإن الفكرة الاستراتيجية وراء المبادرة جيدة لكونها تمنح غطاء عربيا لتسوية إسرائيلية فلسطينية، إلا أنه يضيف أن المبادرة تتضمن بندا غير ممكن، وهو إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 194.

وبينما يشير إلى أن القرار 194 يمنح كل فلسطيني الحق بالعودة إلى البيت الذي هجر منه في العام 1948، فهو يصل إلى نتيجة أن المبادرة العربية تقترح حلا متفقا عليه وعادلا وهادئا لتذويب الدولة اليهودية. وبحسبه فإنها لا تعرض دولتين لشعبين، وإنما تعرض دولتين على الشعب الفلسطيني، على حد تعبيره.

ويضيف أن الدليل الثالث على عدم إمكانية التوصل قريبا إلى اتفاق سلام قريب وفره إيهود أولمرت. فـ"الانفعال الحمائمي الشجاع" الذي أطلقه رئيس الحكومة المنصرف قد منع إجراء بحث معمق في مغزاه. ويتابع الكاتب أن المغزى يشير إلى أنه في السنة الأخيرة اقترحت إسرائيل على القيادة الفلسطينية الانسحاب إلى حدود العام 1967، وتقسيم القدس وعدم عودة أي لاجئ. وبالمقارنة مع اقتراحات باراك في العام 2000، فإن تجربة أولمرت تعتبر أفضل لأن من مثل إسرائيل ليس شخصية أمنية، وإنما رجل سلام تتوافق مواقفه مع مواقف يوسي بيلين، على حد قول الكاتب.

ويتابع أنه بالرغم من ذلك فإن "عملية أولمرت – أبو مازن" فشلت. ويدعي في هذا السياق أن إسرائيل سارت إلى أبعد الحدود، ولم تجد في نهاية المطاف شريكا فلسطينيا. ويضيف أنه للمفارقة فإن أولمرت الذي تبنى رؤية "تفاهمات جنيف" هو الذي أسقط هذه الرؤية. وبذلك فإن ما يخلفه أولمرت هو دليل قوي على أنه لا يوجد اليوم قيادة فلسطينية على استعداد لدفع الثمن الأيديولوجي والسياسي المطلوب لإحلال "سلام الدولتين".

وفي المقابل، لا يختلف الكاتب مع ما يسمى بـ"اليسار الإسرائيلي" الذي يعارض الاحتلال ويعارض أيضا إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني في الوقت نفسه، فهو يعتبر مشكلة الاحتلال مشكلة وجودية وأخلاقية تتطلب حلا شاملا وواقعيا. وأن من يعتقد أنه من الممكن مجابهة هذه المشكلة بواسطة الحل السياسي الفوري مع السلطة الفلسطينية فقد اكتشف أنه متوهم. وأن المغزى المتراكم من أوسلو وكامب ديفيد وطابا وجنيف والمبادرة العربية وأولمرت – أبو مازن، هو أن "طريق بيلين قد استنفدت نفسها ووصلت إلى طريق مسدود"، على حد قوله.

وبينما يعتبر ما سبق على أنه من باب "الأخبار السيئة"، فهو يعتقد أن هناك أخبارا جيدة تتمثل في دلائل تشير إلى احتمالات كبيرة بالتوصل إلى سلام إسرائيلي سوري. وبحسبه فإن كبار المسؤولين في الاستخبارات والجيش والسياسة يشيرون بهذا الاتجاه، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي طالب حلفاء سورية، والإشارة هنا إلى إيران وروسيا.

ويعتقد الكاتب أنه "بالإمكان إحداث تحول في دمشق بجهد من الإدارة الأمريكية الجديدة والحكومة الإسرائيلية الجديدة. يجب العمل بطريقة متزنة، وأن يعرض على سورية رزمة صحيحة من العصي والجزر. وعندما يتم التأكد من أن سورية ستقطع علاقاتها مع إيران والجهاد، عندها يمكن تعويضها بثمن سخي يتمثل في الجولان ولبنان"، على حد تعبيره.

وبحسبه فإن "الاستراتيجية الصحيحة لإنهاء الاحتلال هي بعيدة المدى، فهي تتطلب تحولا فلسطينيا عميقا لم يحصل بعد، وفي المقابل فإن الحل الدائم مع سورية يبدو في متناول اليد، ولذلك يجب عدم إهدار الطاقات على العملية العبثية "أنابوليس" والتركز في المسار السوري. ويجب على الولايات المتحدة وإسرائيل ألا تجعل السلام المتخيل في الشرق يقف في طريق السلام الحقيقي في الشمال".

التعليقات