التصدع في الليكود: "البلدوزر (شارون) الذي يبني يهدم أيضاً"

-

التصدع في الليكود:
كان من الطبيعي أن يطغى على معظم أوراق الصحف الإسرائيلية التصويت على خطة فك الإرتباط في الكنيست، والأبعاد التي سيتركها وخاصة على مستوى الإئتلاف ومستقبل الحكومة ومستقبل حزب الليكود الذي تتسارع عملية إنقسامه، الأمر الذي سيترك بصماته على الخارطة الحزبية الإسرائيلية .

ولم تختلف صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن غيرها في ذلك، إلا أنها أعطت حيزاً أكبر على صفحتها الرئيسية لوزير المالية بنيامين نتنياهو.

فقد كتب ناحوم برنيع تحت عنوان: "خانته أعصابه" عن اللحظات التي تم فيها التصويت والتخبط الذي وقع فيه نتنياهو، بالإضافة الى الوزراء لفنات وكاتس ونافيه ومحاولاتهم لإيصال رسالة إبتزاز الى رئيس الحكومة أريئيل شارون، الذي لم يحرك ساكناً. وامتناعهم عن التصويت في الجولة الأولى واضطرارهم الى دعم الخطة.

ويخلص برنيع الى أن الوزراء الأربعة حاولوا "إذلال" شارون عن طريق ابتزاز تعهد بإجراء إستفتاء شعبي كثمن لتصويتهم مع الخطة في التصويت الثاني، إلا أنهم فشلوا واضطروا الى التصويت مع الخطة مثل الأرانب، على حد قوله.

ولا يغفل برنيع الحديث عن انتصار شارون إلا أنه لا ينسى المصاعب التي لا تزال أمامه مثل المعارضة للخطة والمعارضة لشخصه هو، واحتمال أن يصبح بعد أسبوعين بدون ائتلاف وبدون كبار وزرائه وبدون حزبه وربما سيضطر الى الإنجرار وراء فكرة الإستفتاء الشعبي أو الذهاب الى الإنتخابات حيث من الممكن أن يخسر حتى ملابسه!!

إلا أن الكاتب بلوتسكر كان أكثر حدة في هجومه على نتنياهو واعتبر ما حصل أمس بمثابة انتحار سياسي لنتنياهو أمام الجميع. فقد كتب تحت عنوان "بيبي (الطفل) ينتصر على نتتياهو"، بأن المنطق لا يمكن أن يستوعب تصرفات نتنياهو، فهو كوزير للمالية كان يفترض أن يكون أول المؤيدين لفك الإرتباط عن غزة، وكوزير للمالية فهو يعرف أن الإحتلال ليس سيئاً على إسرائيل فحسب بل وعلى اقتصاد اسرائيل، وكوزير للمالية فهو يعي أن الإنسحاب هو شرط للإنتعاش في الإقتصاد والأعمال. وبالرغم من معرفته بذلك فقد اختار أن يتآمر على شارون لإفشال المخطط التاريخي وهو الإنسحاب من غزة. وبذلك يكون نتنياهو قد أخلّ بالعلاقات التي تربطه مع جمهور مؤيديه، فعلى مستوى رجال الأعمال لا يوجد من هو غير متلهف على الإنسحاب من غزة، والانذار الأخير الذي وجهه الى شارون (الإنسحاب من الحكومة بعد 14 يوماً في حال عدم إجراء استفتاء شعبي) كان بمثابة وضع حد للمباحثات حول الميزانية ووضع حد للإصلاحات الإقتصادية التي يسعى الى تمريرها، ووضع حد للتفاهمات المستقبيلة الضرورية بينه وبين رئيس الحكومة.

ويلخص الكاتب أن ما جرى هو أن "بيبي الطفل الهستيري قد انتصر على نتنياهو الرزين".

وعلى الصفحة الأولى أيضاً كتبت "سيما كدمون" تحت عنوان "عارض الأزياء هو عارٍ". كتبت عن جهود نتنياهو الجبارة طوال الخمس سنوات الأخيرة لتغيير الصورة التي التصقت به منذ أن أطاح به الناخب الإسرائيلي؛ وعندما نجح في خداع الجمهور بشخصه الجديد الحذر والمسؤول والعملي والمستفيد من تجارب الماضي، أطلت فجأة، أمس، شخصية "بيبي" الرجل المتخبط الذي فقط السيطرة على أعصابه وفقد إتزانه ويعمل بشكل متهور بدافع "الهدم الذاتي".

وتشير صحيفة يديعوت أحرونوت الى تصريحات شارون أمس، بعد ساعات من انتهاء التصويت، بأنه لن يلجأ الى الإستفتاء حول فك الإرتباط، ولكن الصحيفة تشير ايضاً الى الوضع الصعب الذي وجد شارون نفسه فيه، على ضوء تصويت نصف كتلة الليكود تقريباً ضد الخطة، وكذلك تهديدات المفدال بالخروج من الإئتلاف خلال 14 يوماً في حال عدم إجراء استفتاء، بالإضافة الى تهديدات كبار وزرائه بالإستقالة لنفس السبب خلال الفترة ذاتها.
لذلك، حسب الصحيفة، لا يبقى لشارون سوى ثلاثة خيارات:

• الخيار الأول أن يتنازل ويوافق على إجراء استفتاء عام، وفي حال تمرير قانون الإستفتاء في الكنيست سيستغرق ذلك ثلاثة شهور، يتمتع خلالها شارون بالإستقرار في ائتلافه، ومن الجائز بعد انتصار شارون بالأمس أن يسمح لنفسه بإجراء الإستفتاء.

• الخيار الثاني أن يلجأ الى حكومة وحدة وطنية، يكون فيها المخلصون له من الليكود وحزب العمل وشاس ويهدوت هتوراه، وتشكيل ائتلاف بديل. ومن المتوقع أن يوافق حزب العمل حتى بدون الحصول على مناصب وزارية ولكن بشرط تنفيذ خطة فك الإرتباط بسرعة. غير أن إمكانية هذا الإحتمال غير واضحة، ففي حال استقالة نتنياهو من الحكومة، فلن يكون لشارون أغلبية في الحكومة الجديدة.

• الخيار الثالث إجراء انتخابات مبكرة، ويتناول هذا الخيار ملل رئيس الحكومة من التهديدات والضغوطات، أضف الى ذلك أن نتنياهو والمفدال قد ينفذون تهديداتهم بالإستقالة، ولذلك فمن الممكن أن يتوجه رئيس الحكومة الى رئيس الدولة وأن يطلب حل الكنيست والذهاب الى الإنتخابات، وهذا الإحتمال كبير جداً رغم أنه ينطوي على مخاطرة من قبل شارون في الإنتخابات الأولية أمام نتنياهو الذي سيكسب تأييد اليمين في داخل الليكود واليمين في الكنيست.

وفي إفتتاحية " يديعوت أحرونوت" كتب إيتان هابر بأن الليكود بشكله الحالي يقضي أيامه الأخيرة. ويشير الى أن أريئيل شارون الذي أوجد الليكود كحركة وربط جميع تياراتها، هو نفسه الذي يقضي عليها.

ويضيف هابر بأن هذا الحديث لا يعني أن الليكود قد انتهى، بل سيكون له شكل آخر في الخريطة السياسية في إسرائيل، فالليكود الأصلي سيكون جزء من اليمين المتطرف، في حين أن الجزء الثاني في الليكود سيقف في المركز سوية مع شينوي والعمل. ولا يستبعد هابر إمكانية توحد هذه الأحزاب الثلاثة بحكم المنطق والتي من الممكن أن تحظى بأغلبية كبيرة، إلا أنه يتدارك ويستبعد ذلك نظراً لنرجسية قيادة هذه الأحزاب الثلاثة!

أما "أوري أورباخ" فيكتب عن عقدة الإنسحاب، فيقول الى أن شارون منذ نطق بخطة الإنسحاب الخاصة به فإنه لم يتصرف مثل أي يساري فحسب وإنما يتكلم مثلهم أيضاً. ولم يكتف بسرقة "حقوق الإنتاج" لشعار اليسار "مناطق مقابل سلام"، بل ونقض هذه "الحقوق" بتغيير الشعار الى "مناطق مقابل لا شيء".

ويذهب أورباخ الى حد يرى شارون كثور النطاح يحاول هدم ما كان شريكاً في بنائه، وذلك بتأثير إصابته بعقدة الإنسحاب، الإنسحاب من غوش قاطيف وليس من غزة، والذي لا يوجد أي دليل على أنه سيجلب الهدوء والأمن. وفي الوقت نفسه لا يوجد أي دليل على أن "الإنسحاب سيوقف سيطرتنا على مليون ونصف المليون من الفلسطينيين. لأننا سنبقي الحدود وخاصة مع مصر بأيدينا، وسنعود في كل مرة للرد على الإرهاب، ولا يوجد أي دليل كذلك على أن الإنسحاب من غزة سيكون مدخلاً للمفاوضات".

ولا يتوقف أورباخ في هجومه على شارون، فيقول: "البلدوزر شارون الذي بنى المستوطنات، فإنه الآن وبمساعدة 67 عضو كنيست – يشير الكاتب هنا الى رمزية الرقم - يرجع الى الوراء ويهدم كل ما بناه، وإن كان لا يزال من الممكن إنقاذ المستوطنات، إلا أنه لا يمكن إنقاذ الليكود، فهذا البلدوزر الذي بنى هذا الحزب سار في الأمس الى الوراء وقام بدهسه".

التعليقات