"التكنولوجيا لن توفر الرد على الصواريخ"..

-

كتب يسرائيل هرئيل، وهو أحد غلاة المستوطنين، في صحيفة "هآرتس" منتقداً تصريحات وزير الأمن، إيهود براك، بشأن تأجيل الحديث عن الانسحاب من الضفة الغربية لسنوات، إلى حين توفير الرد المناسب على الصواريخ، وخاصة تلك القصيرة المدى.

وهو يؤكد أن التكنولوجيا المتطورة لن توفر الرد على الصواريخ، وخاصة القصيرة المدى، كما يؤكد أن نتائج الحرب الأخيرة على لبنان لن تكون مختلفة، وأن سكان الشمال سوف يهربون إلى الجنوب، حتى لو سقط ربع عدد صواريخ الكاتيوشا، كما أن الخسائر الاقتصادية ستبقى كما هي بسبب الشلل الاقتصادي الذي ضرب المنطقة في فترة الحرب، إلا أنه يعتقد أن الرد يجب أن يكون عن طريق قيام القوات البرية باحتلال المناطق التي يطلق منها الصواريخ وتدميرها، والبقاء في المكان للتأكد من عدم إطلاق الصواريخ مجدداً.

وبحسبه فعندما وصل براك إلى موقع اتخاذ القرار في الجيش، ولاحقاً إلى موقع اتخاذ القرار في الحكومة، فقد وقع، مثل آخرين في القوات البرية، أسيراً لسحر الحلول التكنولوجية. والتي يفترض أن توفر الحل لمشاكل إسرائيل الأمنية، وليس الحرب التقليدية الهجومية الرادعة.

وتابع أن براك كان شريكاً في قرار تطوير "ناوتيلوس" الذي يعتمد على تكنولوجيا "الليزر" كسلاح مضاد للكاتيوشا التي يطلقها الفلسطينيون، ولاحقاً حزب الله، من لبنان. ووصل الأمريكيون، الذين عملوا لسنوات مع إسرائيل في توفير الرد على هذه الصواريخ، إلى النتيجة أنه مكلف للخزينة الأمريكية، وربما لكونه في الأساس لا يوفر الرد المناسب في حال إطلاق عدد كبير من الصواريخ في الوقت نفسه.

وبحسبه، يتم إطلاق الصواريخ المضادة للصواريخ، مثل صواريخ "حيتس"، بعد تشخيص الصواريخ المهاجمة التي تطلق عن بعد آلاف الكيلومترات، مثل إيران، على سبيل المثال، ويكون أمام الصواريخ المعترضة الزمن الكافي للإطباق على الصواريخ المهاجمة. وفي المقابل، ففي حين إطلاق صلية من الصواريخ دفعة واحدة من مسافة قصيرة، من رنتيس (في الضفة الغربية)، على سبيل المثال، والتي تقع على بعد 8 كيلومترات من مطار اللد، فمن المؤكد أن عدداً من الصواريخ بإمكانها أن تخترع الدفاعات الأكثر تطوراً، بما يكفي لشل حركة الطيران الدولية الوحيدة في إسرائيل، بكل الدلالات الإستراتيجية.

ويتابع أن الرد الوحيد على الصواريخ التي تطلق من مدى قصير، مثلما كان يجب أن تتعلم ذلك لبنان، هو عمليات استباقية للقوات البرية؛ واجتياح المناطق التي تعج بالصواريخ وتدميرها، والبقاء في المكان من أجل منع إطلاق الصواريخ. وبالرغم من هذه الدروس، فإن وزير الأمن قد أعلن الأسبوع الماضي، وكعادته، بثقة كبيرة، أنه ستمر 3 سنوات إلى حين يتم تطوير الرد المناسب على الصواريخ التي تهدد المراكز السكانية. ولذلك، بحسب رأي براك، فحتى ذلك الحين لا يمكن الحديث عن الانسحاب من الضفة الغربية، أي أنه إلى حين "إنتاج الرد" سيحصل الانسحاب.

ويتساءل هرئيل: ولو كان لدى إسرائيل صواريخ مضادة للكاتيوشا في حرب لبنان الأخيرة، وكانت قادرة على إسقاط 3000 صاروخ من بين 4000 صاروخ أطلقت على شمال البلاد، فهل كانت النتائج الإستراتيجية مختلفة؟

ويجيب بأن النتيجة نفسها كانت ستحصل في الشمال، حيث يقول إن مئات الآلاف كانوا سيهربون من الشمال، حتى لو سقط عليهم ربع عدد صواريخ الكاتيوشا التي سقطت في الشمال. ولن تكون الأضرار الاقتصادية بسبب الشلل الذي أصاب المصانع مختلفة، في حين أن المصاريف العسكرية التي تصرف على أبحاث وتطوير وإنتاج آلاف الصواريخ لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، والتي لن توفر الرد الاستراتيجي المناسب، ستكون كبيرة جداً.

ويضيف: عدا عن ذلك، فإن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي أطلقت على لبنان مئات الصواريخ التي تعتبر أكثر تطوراً بما لا يقاس بالمقارنة مع الصواريخ الاعتراضية، والتي تصل تكلفة كل واحد منها إلى آلاف الدولارات، ضد الكاتيوشا وضد وسائل قتالية أخرى لحزب الله. ولو كان لهذه الصواريخ المتطورة أية فاعلية، لما اضطر إيهود أولمرت إلى تعيين لجنة فينوغراد.

"تعرض براك لانتقادات بسبب تصريحه، الذي تركز في الجانب السياسي (حتى استكمال "توفير الرد" يجب عدم الإنسحاب من الأراضي الفلسطينية، من مناطق إطلاق الصواريخ). ولكن أحداً لم ينتقد المفهوم الذي ثبت في لبنان وفي غزة أنه خاطئ، والذي بموجبه عندما تتوفر التكنولوجيا لا حاجة للعمق الاستراتيجي ولا حاجة للمقاتلين".

و"للأسف الشديد، فإن براك وآخرين كثر في القيادة السياسية والأمنية، يتبنون التوجه القائم لإسرائيليين متعبين من الصراع على الوجود ويضعون أمنهم بوصفات سحرية تكنولوجية أو سياسية، بدلاً من قيادة توجه معاكس ومتفائل" على حد قوله.

التعليقات