المستوطنون يهددون بهدم بيوت فلسطينية لسحب إلتماس ضد الجدار

-

المستوطنون يهددون بهدم بيوت فلسطينية لسحب إلتماس ضد الجدار
كتبت صحيفة هآرتس أن رئيس المحكمة العليا، أهارون باراك، أصدر أمراً إحترازياً يمنع بموجبه الإدارة المدنية في الضفة الغربية من الإقدام على هدم بيوت تعود لسكان قرية وادي الرشا، جنوب مدينة قلقيلية. وذلك في أعقاب إلتماس قدم قبل خمسة شهور ضد جدار الفصل الذي فصل القرية عن الضفة، وجاء في الإلتماس أن سكان مستوطنة ألفي منشي القريبة قاموا بتهديد سكان القرية بهدم بيوتهم في حال عدم سحب الإلتماس الذي تقدموا به إلى المحكمة العليا.

وجاء :" وافقت النيابة، في خطوة نادرة على إصدار هذا الأمر الإحترازي، وبحسب مصادر قضائية فإن هذه الموافقة تعني إعترافاً بأن أوامر الهدم قد صدرت لإعتبارات غير موضوعية مرفوضة للضغط على الفلسطينيين".

قرية وادي الرشا هي إحدى خمس قرى تقع جنوب مدينة قلقيلية، والتي حوصرت بعد استكمال جدار الفصل الذي يحيط بمستوطنة ألفي منشي، وبالنتيجة فقد وقعت هذه القرى أمام الجدار الفاصل وبالتالي عزلت عن الضفة الغربية، وبسبب منع سكانها من العمل في إسرائيل فالإمكانية الوحيدة التي ظلت أمام سكان هذه القرى هو العمل المتقطع في النظافة وجمع القمامة في مستوطنة ألفي منشي!!

وقد قدم الإلتماس إلى المحكمة العليا بإسم قريتين فقط، في حين عبر سكان القرى الثلاث الأخرى عن خشيتهم من المواجهة مع المستوطنين والإدارة المدنية. ومنذ تقديم الإلتماس تمارس ضغوط كبيرة على المقدمين لحملهم على سحبه، بما في ذلك التلويح بهدم البيوت.

وبحسب أقوال المحامي ميخائيل سفراد، من جمعية حقوق المواطن، فإن هدم البيوت تعني إرسال رسالة تهديد لكل من يفكر بخوض صراع قضائي ضد الجيش والمستوطنين، ولذلك يجب حماية مقدمي الإلتماس من الإجراءات الإنتقامية. كما أن التوقيت الذي أصدرت فيه أوامر الهدم لمبان تابعة لأناس لهم علاقة بالإلتماس، تثير الشكوك بوجود علاقة بين الإجراءات في المحكمة العليا وبين الدوافع الفجائية للإدارة المدنية لمعالجة مدى قانونية بيوت السكان، التي لن تعتبر إلا كإجراءات إنتقامية بنظر السكان.





وكتب البروفيسور دافيد كيرتسمر، وهو محاضر في القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس، تحت عنوان "نام المستشار القضائي" في صحيفة هآرتس:

"إن قرار الحكومة تطبيق قانون أملاك الغائبين على أملاك في القدس تعود لفلسطينيين وجدوا أنفسهم "خارج الجدار" ، يدحض صدق الإدعاء القائل أن الهدف الوحيد من جدار الفصل هو أمني. وفي تقرير البروفيسور جون دوغارد حول الوضع في "المناطق"، الذي قدمه مؤخراً إلى حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، جاء فيه أن التفسير ألأكثر إقناعاً لبناء الجدار هو الرغبة في ضم مستوطنين إسرائيليين في المناطق التي يلتف حولها الجدار، والسيطرة على أراض ودفع الفلسطينيين على ترك بيوتهم عن طريق تحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق. وتحويل أملاك فلسطينيين في القدس إلى "أملاك الغائبين" يؤكد صحة هذا الموقف.

عند سن قانون أملاك الغائبين بعد قيام الدولة، كان الهدف المعلن هو تمكين الدولة من إدارة أملاك الغائبين، الذين لم يتمكنوا من إدارة أملاكهم بأنفسهم بسبب غيابهم من البلاد.

وفي الواقع فإن هذا القانون سمح بمصادرة أراضي اللاجئين الفلسطينيين وكذلك أراضي مجموعة من العرب سكان الدولة، الذين أطلق عليهم "الغائبون الحاضرون". وليس هذا هو المجال لمناقشة إذا كان من الإنصاف سن هذا القانون في تلك الظروف التاريخية الخاصة التي نشأت بعد حرب 1948، وحتى الإفتراض، المضعضع حقاً، أنه يمكن إضفاء الصدقية على قانون "ديناصوري" بهذا الشكل عام 1950، فمن الصعب التماشي مع إستخدامه اليوم من أجل مصادرة أملاك تدار وتستغل من قبل أصحابها، الذين تم تصنيفهم في خانة "الغائبين" بعد فرض القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية، وهم ممنوعون من الوصول إلى أملاكهم بعد إقامة الجدار.

وبالتأكيد فإن قانونية هذا القرار سوف تتم مناقشتها في المحكمة العليا، حيث ستضطر إلى مجابهة تفعيل هذا القانون في الدولة التي صرحت أنه لدى بناء الجدار الفاصل يجب بذل أقصى الجهود لتقليص الإساءة إلى حقوق سكان "المناطق".

والسؤال الذي يستوجب أن يناقش على الملأ هو كيف وافق المستشار القضائي للحكومة على هذه الخطوة المجحفة من قبل الحكومة، من خلال تغيير السياسة التي كانت متبعة منذ العام 1967 التي تنص على عدم تفعيل هذا القانون على الأملاك التابعة لسكان المناطق في القدس الشرقية.

المستشار القضائي للحكومة من المفروض أن يعمل كـ"كلب حراسة" لمنع ممارسات سلطوية تنال من حقوق الفرد والقيم الأساسية مثل المساواة، وحتى لو كانت هناك ثغرة قانونية تمنح الصلاحية للسلطات بتنفيذها، فعليه أن يحذر الحكومة بأن هذه العملية تناقض القانون الدولي.

إن تفعيل قانون أملاك الغائبين لتحويل أملاك سكان المناطق إلى أملاك الدولة هو خطوة لا يمكن وصفها إلا بعملية نهب. هذه الخطوة تمس بالمساواة التي هي روح النظام الدستوري في إسرائيل، فمن ناحية رسمية يبدو أن قانون أملاك الغائبين يسري مفعوله على أملاك أخرى لأناس آخرين، مثل الأملاك في إسرائيل التي تملكها قادمون من العراق قبل "قدومهم"، وربما كذلك أملاك في إسرائيل يملكها سكان المستوطنات في المناطق. وأنا لا أعتقد أن الحكومة تنوي تفعيل هذا القانون على هذه النماذج من الأملاك. فكيف إذاً يمكن التصديق على تفعيله على أملاك سكان المناطق الساكنين خلف الجدار؟"!!

التعليقات