"الواقع الجديد" أو "استخلاص العبر من درس جورجيا"..

-

أكد يوئيل ماركوس في صحيفة "هآرتس" اليوم على ضرورة أن تتعظ إسرائيل بما حصل في جورجيا، وذلك خلال تحذيره لإسرائيل خشية أن تجد نفسها متورطة في حرب لوحدها، في ظل التهديدات الإسرائيلية باستخدام القوة حيال البرنامج النووي الإيراني. وأكد في هذا السياق على أن هناك واقعا جديدا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، مع عودة روسيا إلى أيام الحرب الباردة، وتخلي واشنطن عن جورجيا.

تناول ماركوس ما كتبه ألوف بن، الأسبوع الماضي، والذي جاء فيه أن الولايات المتحدة تحذر إسرائيل من مغبة مفاجأتها بالهجوم على إيران، بدون إبلاغها مسبقا. وكان الرد الإسرائيلي مندفعا ومستفزا، جاء فيه أن إسرائيل "أوضحت في ردها على أنها تحتفظ لنفسها بحرية العمل بطرق أخرى، في حال فشل الجهود الدبلوماسية لوقف البرنامج النووي الإيراني".

وبحسب ماركوس فإنه لم يكد يجف حبر التصريحات الإسرائيلية المتغطرسة حتى اجتاحت روسيا أراضي جورجيا، وسط تهديد بقصف بولندا في حال نفذت الولايات المتحدة مخططها بنصب صواريخ في دول كتلة الاتحاد السوفييتي سابقا.

ويضيف أن الدرس الذي يجب أن تستخلصه إسرائيل من الهجوم الروسي على جورجيا هو إنه في حال وجدت نفسها في حالة حرب، فمن الممكن أن تجد نفسها وحيدة. فهي لا تستطيع الاعتماد على التدخل التلقائي للولايات المتحدة التي لم تحرك ساكنا لوقف الهجوم الروسي على جورجيا. حيث أن بوش لم يتخل عن عطلته الصيفية، واكتفى بإيفاد كونداليزا رايس إلى جورجيا، في زيارة بدت وكأنها زيارة تعزية.

ويتابع أن صيف العام 2008 يضع إسرائيل أمام واقع جديد، يتمثل في عودة روسيا إلى الحرب الباردة. وليس من الواضح كيف ستتطور المواجهات الحالية، ولكن حتى لو تم إيجاد الحلول بين الدول العظمى وأوروبا وتم التوقيع على تسويات، فإن روسيا قد أوضحت بشكل قاطع بأنها على الخارطة مرة أخرى. سواء في مراكز النفط أو في مواقع استراتيجية أخرى في منطقتنا. ويشير في هذا السياق إلى أن روسيا لم تتلفظ بأي كلمة تحفظ على البرنامج النووي الإيراني، الذي وصفه بأنه الخطر الأول على إسرائيل.

ويضيف أنه في هذا الواقع الجديد فمن المهم أن تسير إسرائيل على "رؤوس الأصابع" من الآن فصاعدا. ونظرا لكونها تدار من قبل حكومة انتقالية، فإن ذلك يلزم بالامتناع عن توريط الدولة في عملية تؤلب العالم عليها، وخاصة عدم مفاجأة وتوريط الولايات المتحدة، الحليف الوحيد. وعلى إسرائيل أن تدرك القيود الموجودة حتى على الدول العظمى في حال توجهها نحو عملية عسكرية ضد دولة سيادية. ويمكن ملاحظة تعب الإدارة الأمريكية، إدارة بوش، العالقة في "فيتنام ب" في الشرق الأوسط.

وبحسبه فإن الرأي العام الأمريكي قد تعب وأصابه اليأس من فشل إدارة تلو الإدارة في حل الصراع في المنطقة. ويشير في هذا السياق إلى بل كلينتون الذي بذل جهودا في التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين ومع سورية، إلا أن اسمه ظل مرتبطا بمونيكا ليفنيسكي أكثر من صانع سلام. وبوش الأب تورط مع صدام حسين، وحرر الكويت وأبقى صدام حيا، وبذلك زرع بذور الحرب الحالية في العراق. أما بوش الأبن فقد سقط عليه برجي مركز التجارة العالمي، العملية الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، وأعلن الحرب ضد ما أسماه "محور الشر"، ومع كل قوته، وكل غزواته، بالإضافة إلى الملياردات التي دفعت كرشوة، لم يتمكن من إلقاء القبض على أسامة بن لادن. وعندما أصر على الديمقراطية في السلطة الفلسطينية، تسبب بصعود حركة حماس إلى السلطة.

ويضيف أنه أمام الرئيس الأمريكي القادم يوجد إمكانيتان؛ الأولى مواصلة الحرب ضد ما يسمى "محور الشر"، والثانية التركيز على المشاكل الداخلية مثل أزمة الاعتماد والقروض السكنية وعدم ثقة الجمهور بالاقتصاد وارتفاع أسعار النفط، والآن تجدد الحرب الباردة.

التعليقات