انتهاكات السلطة لا تحظى على تغطية إعلامية؛ وطبقات حصلت على امتيازاتها عبر المفاوضات حول اللا-حل..

-

انتهاكات السلطة لا تحظى على تغطية إعلامية؛ وطبقات حصلت على امتيازاتها عبر المفاوضات حول اللا-حل..
"ولكن أنظري ماذا تفعل حماس في غزة" هذا هو الرد التقليدي في الضفة الغربية على التقارير التي تتحدث عن اعتداءات تقوم بها السلطة الفلسطينية ضد نشطاء حماس. ما زلنا نسمع من حماس في غزة رغم تواصل الأخطاء أن ضرب المعتقلين وقمع المظاهرات والاعتصامات بالقوة هي أخطاء فردية وليست أوامر عليا. "أخطاء أفراد تتنافى مع السياسة" هو أيضا تعريف أحد مسؤولي السلطة الفلسطينية لصحيفة هآرتس، في تعقيبه على شهادات عن تعذيب معتقلي حماس.

ثمة فارق رئيسي في وجهات النظر: فعمليات البطش التي تقوم بها حماس في غزة وانتهاك الحريات الأساسية تحظى على تغطية إعلامية واسعة في إسرائيل والعالم بينما خطوات مشابهة من قبل السلطة الفلسطينية يتم السكوت عنها.

وحسب فحص أجرته منظمات حقوق إنسان فلسطينية- الاعتقالات بحق المئات من نشطاء حماس تتم من خلال خرق فاضح للقانون الفلسطيني. وهي تنفذ على يد أجهزة أمنية رغم كون الأمر ليس من صلاحيتها. ويتحدثون في نابلس عن رجال أمن ينتظرون في أيام رمضان خارج المساجد من أجل اعتقال نشطاء حماس بعد صلاة العشاء. شهادات مقلقة تتكدس وتتحدث عن تعذيب وحشي لقسم من المعتقلين، وتم نقل قسم منهم لتلقي العلاج في المستشفيات. الانتقام والترهيب هو اسم اللعبة. قسم ممن أطلق سراحهم قالوا إنهم وقعوا على تعهد بعدم الحديث عن الاعتقال.

الاعتقالات هي جزء من حملة الملاحقة إلى جانب إطلاق النار على نشطاء حماس، تخريب وإضرام النار في مكاتب الحركة، تهديدات لممثلين في المجالس المحلية ولصحفيين ولأعضاء في المجلس التشريعي، والمس في حرية الصحافة بضمن ذلك منع توزيع صحيفتين تابعتين لحماس في الضفة الغربية. معظم هذه التقارير لم تفحص ولم تتناولها الصحف ما عدا تلك التابعة لحماس ولم تلق في إسرائيل والخارج الاهتمام الذي تلقاه عمليات مشابهة لحماس في قطاع غزة.

الدافع هو سياسي بالأساس. انتهاك الحريات، الاعتقالات والترهيب هي أساليب مناسبة لتعريف حماس كتنظيم إرهابي إسلامي. وليس للحضور الرصين والغربي لقيادة رام الله برئاسة محمود عباس وسلام فياض. حسب التحليلات الإسرائيلية والأمريكية الحالية، عباس وفياض يمكنهما التوصل إلى اتفاق تسوية والأصح اتفاق خنوع مع إسرائيل. أي لتسوية تتضمن دولة-جيوب تقسمها المستوطنات أو دولة بحدود مؤقتة. من أجل بث هذا الانطباع ينبغي عرض عباس وفياض كمن يسمتد شرعيتة من أوساط فلسطينية رسمية- قانون الأساس للسلطة الفلسطينية أو من الشرعية التاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية الخالية اليوم من فحوى حركة تحرر.

ولكن في الواقع شرعية القيادة الفلسطينية تنبع من ملاءمتها للمواصفات الأمريكية للنظام العربي الحاكم المقبول. إن تجاهل حملات القمع للسلطة الفلسطينية هو عودة لأخطاء الماضي. وهي جزء من إنكار حقيقة أن حماس حصلت على شعبية ليس بسبب رؤيتها الدينية السياسية، وأن أهم سبب لفوزها في الانتخابات لم يختف: منظمة التحرير فشلت في المفاوضات للتوصل إلى استقلال سياسي وفي نفس الوقت أدارت حكما داخليا بعاني من قلة الاهتمام بشعبها والاهتمام بمصالح طبقات قليلة. وحصلت هذه الطبقة على مكانها المريح عبر تمسكها بتكتيك المفاوضات الفاشلة مع إسرائيل حول اللا-حل.


التعليقات