"ثلاثة أمريكيين في مقطورة في أوروبا يحمون إسرائيل من الصواريخ الإيرانية "

-

ضابط ومشغّلـين اثنين في الوردية، ورديتان في اليوم، في مقطورة محصنة في أوروبا؛ كل وردية تبدأ بتمرينات رياضية، وبعدها عرض استخباري وتقاطع مع الطاقم الذي ينهي ورديته. بعد ذلك- ساعات طويلة من الجلوس قبالة شاشات الحواسيب وأنظمة الاتصالات المتطورة. هكذا سيكون اليوم العادي للطاقم الأمريكي، الذي سيتولى حماية إسرائيل من صواريخ الـ أرض- أرض السورية والإيرانية.
تلتقط في المقطورة المحصنة الإشارات من أجهزة الإنذار في الأقمار الصناعية الأمريكية، التي يمكنها أن ترصد بدقة إطلاق صواريخ ومتابعة مسارها، ونقلها في الزمن الحقيقي لرادارات الإنذار الأمريكية التي ستنصب في النقب.

نصب الرادار وإيصاله بأجهزة الإنذار التي تسمى «JTAGS» هي الهدية الأهم التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة قبل انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش. وقد تم الاتفاق عليها خلال زيارة وزير الأمن إيهود باراك إلى واشنطن الشهر الماضي، وسبقت ذلك مباحثات استغرقت حوالي 10 سنوات.

النظام الجديد سيعزز حماية سماء إسرائيل من الصواريخ- ولكن بالمقابل سيحد كثيرا من حرية الحركة الإسرائيلية ضد إيران وسوريا. وستكون إسرائيل ملزمة بطلب موافقة أمريكية على كل عملية ضد إيران وسوريا، خشية تعريض حياة مشغلي الرادار للخطر، والذي سيكون الهدف الأول لصواريخ الـ أرض- أرض المهاجمة.
ويرى مسؤولون رفيعو المستوى في أجهزة الأمن في نصب النظام جزءا من الإشارات الأمريكية لإسرائيل العلنية والخفية التي تعبر عن معارضة الولايات المتحدة لشن إسرائيل هجوما على المنشآت النووية الإيرانية.

وحسب مصادر سياسية وأمنية، فإن الرادار في النقب سيشغل على يد مقاولين خارجيين لوزارة الدفاع الأمريكية، وفي المستقبل ستنتقل إلى أياد إسرائيلية.

وحسب مسؤولين رفيعي المستوى في أجهزة الأمن، سيطيل النظام الجديد مدة الإنذار، بحيث تتيح إسقاط الصواريخ عن مسافة أطول من تلك المتاحة اليوم. ويعتمد الإنذار الإسرائيلي الحالي على التقاط إشارات من قمر صناعي أمريكي والذي يرصد انطلاق صاروخ ولكنه لا يوفر معلومات حول مساره ومكانه. المعلومات من نظام «JTAGS» تحدد مكان الصاروخ بشكل دقيق وتتيح توجيه الصواريخ إليه في مرحلة مبكرة من تحليقه. وبذلك يكون ممكنا إطلاق صاروخ باتجاهه بل صاروخي اعتراض واحدا بعد الآخر في حال أخطأ الأول هدفه. كما أن الرادار الأمريكي أكثر دقة من الرادار الإسرائيلي «أورن يروك(الصنوبر الأخضر)» الذي يستخدم لإطلاق صاروخ الـ «حيتس(سهم)».

وحسب الأسبوعية الأمريكية «ديفينس نيوز» جهاز الرادار سينشر في النقب السنة المقبلة، إلا أنه قد يتم تقديم الموعد تمهيدا للمناورات الأمريكية الإسرائيلية المشتركة والتي ستتركز في التصدي للصواريخ، في الخريف الذي على الأبواب.

طلبت إسرائيل الارتباط بنظام «JTAGS» قبل عشر سنوات، إلا أن الطلب تعثر بسبب الرفض الشديد من وزارة الدفاع الأمريكية، والذي تم تبريره حينذاك بالحفاظ على الأسرار العسكرية والتكنولوجية للولايات المتحدة. وحسب الاتفاق الذي تتم بلورته حاليا لن يكون للجيش الإسرائيلي إمكانية التزود بالمعلومات مباشرة من أنظمة القمر الصناعي الأمريكي.

بدأت فكرة نشر الرادار الأمريكي قبل سنتين خلال زيارة السيناتور الأمريكي جون مكين(اليوم مرشح الرئاسة الأمريكية). وكان عضو الكونغرس الجمهوري مارك كريك من شيكاغو، أحد مرافقي ماكين، وهو من مؤيدي إسرائيل البارزين في مجلس النواب. وكان كيرك في السابق ضابطا في البحرية الأمريكية وهو مرشح لمنصب رفيع في وزارة الدفاع في حال فوز ماكين.

واستمع كيرك من الإسرائيليين لشرح حول التهديد الإيراني، وبعد عدة شهور، توجه لرئيس «دائرة شمال أمريكا» في وزارة الخارجية حينذاك، يورام بن زئيف، واقترح عليه أن تقوم الولايات المتحدة بنشر نظام دفاعي من الصواريخ يشمل أنظمة صواريخ اعتراضية ورادار إنذار متطور. واقترح كيرك إقامة قاعدة أمريكية في إسرائيل تتمتع بمكانة خاصة متل تلك التي تتمتع بها القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية.

وقال مؤيدو الاقتراح خلال المباحثات في تل أبيب بأنها ستزيد الردع الإسرائيلي في وجه إيران، لأن الهجوم الإيراني على إسرائيل سيكون بمثابة شن هجوم على الولايات المتحدة. وقال المعارضون إن نشر النظام الدفاعي سيقيد يدي إسرائيل ويمنعها من مهاجمة إيران. وشددت أجهزة الأمن على أن إسرائيل ليست بحاجة إلى الرادار والأنظمة الاعتراضية الأمريكية.

لقد أرادت إسرائيل استغلال زيارة بوش في يوم الاستقلال الستين لتعزيز العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة. وفي المشاورات التمهيدية طرحت ثلاثة اقتراحات: أن تصبو إسرائيل إلى حلف دفاعي مع الولايات المتحدة، توقيع عدة اتفاقات عسكرية، أو العمل باقتراح كيرك لتحسين الحماية من الصواريخ. وقرر باراك وأولمرت الطلب من بوش أنظمة الإنذار، والتنازل عن نشر أنظمة الصواريخ الاعتراضية، وعوضا عن ذلك المطالبة بالارتباط بنظام الإنذار الأمريكي «JTAGS».

التعليقات