دايتون يلخص دوره في تدريب قوات الأمن الفلسطينية: وظيفتي جعلهم يعملون أكثر لكي يعمل الجيش الإسرائيلي أقل..

ويؤكد التزامه بمصالح الولايات المتحدة وعمله مع أجهزة الأمن الإسرائيلية لدرجة أنه يستوحي أفكاره من خلال الاستماع إلى كبار المسؤولين فيها..

دايتون يلخص دوره في تدريب قوات الأمن الفلسطينية: وظيفتي جعلهم يعملون أكثر لكي يعمل الجيش الإسرائيلي أقل..
في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، الجمعة، وصفت فيه الجنرال الأمريكي كيت دايتون بأنه الضابط البريطاني فينغيت الخاص بالفلسطينيين من جهة "تعريفهم على ماهية الجيش وكيف تتم محاربة الإرهاب"، أكد فيها التزامه بمصالح الولايات المتحدة، وعمله مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، لدرجة أنه يستوحي أفكاره من خلال ما يسمعه من كبار المسؤولين فيها. كما يؤكد على أن مهمته تتلخص في جعل قوات الأمن الفلسطينية تقوم بعمل أكثر لكي تقوم قوات الاحتلال بعمل أقل.

وجاء أن دايتون، الذي يغادر هذا الأسبوع إلى الولايات المتحدة قد استكمل ثلاث مهمات؛ الأولى هي بناء الكتيبة الأولى "قوة الأمن الوطني" المجددة، والتي تضم 500 مجندا من الضفة الغربية، وقد عادوا من دورة تدريب استغرقت 4 شهور في الأردن. والمهمة الثانية هي بناء قاعدة للتدريب في أريحا للحرس الرئاسي. أما الثالثة فهي إقامة وحدة للتخطيط الاستراتيجي في وزارة الداخلية في رام الله.

وعلم أنه قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة تم الاتفاق على خروج الكتيبة الثانية للتدريب في الأردن. وبعد تأجيل طال أمده، تمكن من الحصول على مصادقة وزارة الأمن الإسرائيلية على تزويد القوات الفلسطينية بالسترات الواقية بالإضافة إلى جيبات عسكرية.


يذكر أن دايتون كان قد تم تعيينه في نهاية العام 2005 كمنسق أمني أمريكي في السلطة الفلسطينية. وخلافا لسابقيه، فهو يقيم في المنطقة ويتجول فيها. وكانت مهمته الأساسية إعادة بناء القوات الفلسطينية من أجل تحمل المسؤولية الأمنية في الضفة الغربية لإقناع قوات الاحتلال بأنها تستطيع منع تنفيذ هجمات ضد إسرائيل.

وفي المقابلة مع صحيفة "هآرتس" يؤكد دايتون أنه أمريكي وأنه موجود هنا من أجل الدفع بالمصالح الأمريكية، بالإضافة إلى العلاقات القائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. كما يؤكد أنه يعمل على بناء قدرات فلسطينية يعتقد أنها تتيح إقامة دولة فلسطينية، وفقما تريد الحكومة الإسرائيلية. وأنه يحاول بناء سلطة فلسطينية مستقلة بحيث لا تكون أراضي السلطة نقطة انطلاق لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل، بدون أن يضطر الجيش الإسرائيلي إلى البقاء في المنطقة طوال الوقت.

ويضيف أنه يعمل مع قوات الأمن الإسرائيلية، وأنه يدرك جيدا التحديات الماثلة أمامها، وأنه استوحي الكثير من الأفكار بناء على يسمعه منها، وخاصة من رئيس هيئة أركان الجيش غابي أشكنازي. وقال إن "وظيفتي تتلخص بمنحهم القدرة على العمل أكثر من أجل أن يعمل الجيش الإسرائيلي أقل".

وعن الفترة التي ستستغرقها هذه العملية، قال إن الأمر متعلق بإسرائيل. وقال إنه يعمل بجد من أجل بناء قوة فلسطينية منضبطة وبحجم مناسب، ولذلك فمن المهم أن يتوفر للفلسطينيين أفق سياسي حقيقي يطمحون إليه. وأضاف أن هناك ميزانية لهذه المشروع لسنتين أو ثلاث سنوات قادمة، وأن الزمن المطلوب يتعلق بإنجاز المهمات التي تطلبها الإدارة الأمريكية، علاوة على كونه متعلق بالجيش الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية.

وتضيف الصحيفة أن دايتون كرجل عسكري يتفهم وجود الحواجز العسكرية التي يقيمها جيش الاحتلال في الضفة الغربية، كما يدرك لماذا تضايق الفلسطينيين، وأنه يعمل على الربط بين احتياجات الطرفين.

ولفتت الصحيفة إلى أن دايتون قد خدم في القوات البرية الأمريكية مدة 38 عاما، وأشغل منصب الملحق العسكري في موسكو، وكرئيس للفرقة التي كانت تبحث عن أسلحة دمار شامل في العراق بعد الغزو في العام 2003، وهناك، بحسبه، أدرك مدى حساسية القضية الفلسطينية في العالم العربي من خلال الرسومات التي كان يشاهدها على الجدران خلال تجوله في العراق، وخاصة قبة الصخرة التي تلتف عليها أفعى كوبرا إسرائيلية.

وبعد وصوله المنطقة خلفا للجنرال تشارلز وورد، كانت مهمته الأولى تدريب وتسليح قوات السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، بعد فك الارتباط. إلا أن فوز حركة حماس في الانتخابات جعل الأمور تتعقد على حد قوله، خاصة في ظل منع إجراء اتصالات مع حماس، علاوة على منع دخول الأمريكيين إلى القطاع والذي فرض منذ 5 سنوات في أعقاب مقتل 3 حراس أمريكيين. وعندها رفض الكونغرس تمويل مهمته خشية أن تصل الأموال إلى حماس. وعندها حاول تقديم المساعدة للحرس الرئاسي الخاص بأبو مازن وتفعيل المعابر وخاصة معبر رفح، إلا أنه في ظل غياب التمويل لم يتم "تدريب وتسليح أحد" على حد قوله.

وتضيف الصحيفة أن دايتون وعناصره لم يقدروا جيدا ميزان القوى في قطاع غزة، وأنه عندما بدأت المعارك بين "حماس" و"فتح" في ربيع العام الماضي امتدحوا أداء الحرس الرئاسي. إلا أن سيطرة حماس والانهيار السريع لحركة فتح بعد عدة أسابيع من ذلك قد فاجأهم. وفي هذا السياق يقول إنه "من الصعب تقدير ماذا سيحصل في قطاع غزة، عندما يمنع الدخول إلى هناك.. لقد كان لنا لقاءات كثيرة مع المصريين والإسرائيليين ورجال السلطة الفلسطينية الذي كانوا يفعلون المعابر، وفي كل مرة استمعنا إلى تقارير مقلقة من الفلسطينيين القادمين من غزة حول الوضع هناك". ويشير في هذا السياق إلى رفض الكونغرس تقديم مساعدة لقوات الأمن الفلسطينية التابعة للسلطة في مواجهة حماس.

وأدى انهيار السلطة في قطاع غزة إلى نقل مهمة دايتون إلى الضفة الغربية. وفي حينه طلبت منه وزيرة الخارجية الأمريكية، كونداليزا رايس، إعادة بناء قوات السلطة في الضفة. ويضيف أن تشكيل حكومة الطوارئ برئاسة سلام فياض أزالت الحواجز السياسية، واقتنع الكونغرس بتحويل الأموال، خشية أن يتكرر في الضفة ما حصل في قطاع غزة. وحصل دايتون على ميزانية تصل إلى 86 مليون دولار وباشر العمل. ومنذ ذلك الحين وصل إلى المنطقة جنرالان أمريكيان آخران؛ جيم جونس الذي يبلور الترتيبات الأمنية المستقبلية، وويليام فريزر الذي يتابع تنفيذ خارطة الطريق، وكلاهما يعملان بالتعاون مع دايتون.

وبحسب خطة العمل الخاصة بدايتون فهي تتطلب إعادة تدريب الحرس الرئاسي وإقامة 5 كتائب من "قوات الأمن القومي" مجددا، والتي تعمل مسلحة إلى جانب الشرطة، التي يعمل على تدريبها وتسليحها وتنظيمها الاتحاد الأوروبي. وخصصت الحكومة الأردنية قاعدة التدريب الخاصة بشرطتها لتدريبها، وبشكل مواز عمل على بناء قاعدة تدريب فلسطينية في أريحا، ويتم ترتيب الداخلية في رام الله كمقر أمني مهني مع مستشارين أجانب.

وبحسب التقرير فإن فكرة الإصلاح الأمني في السلطة الفلسطينية لم تكن فكرة جديدة، وإنما اقترحت منذ 6 سنوات، كوسيلة لإنهاء سيطرة الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، الذي كان يفعل العديد من الأجهزة الأمنية.

ولدى سؤاله عن حجم القوات التي ستعمل في الأراضي الفلسطينية، قال إنه يفكر فقط بالمستقبل، وأنه سيكون هناك 3 أجهزة في نهاية الأمر؛ الشرطة، والأمن القومي والاستخبارات، والأمن الداخلي.

وبحسب الخطة يتم إحالة قدامي المسؤولين الأمنيين الذين كانوا تابعين لعرفات إلى التقاعد، ويحتل مكانهم تدريجيا مجندون جدد.

وتشير الصحيفة إلى مدى إعجابه بالقدرات التي يبديها المتدربون في الأردن. كما يقول إنه قد سبق وأن زار قاعدة التدريب برفقة وزير الداخلية الفلسطيني، عبد الرزاق يحيى، والذي وصفه التقرير بأنه معروف جيدا للإسرائيليين منذ الأيام الأولى لاتفاق أسلو. وبحسب داتيون فإن الوزير الفلسطيني ألقى خطابا هناك قال فيه للمتدربين "أنتم لا تتعلمون كيف تحاربون الإسرائيليين، وأنتم هنا ليس من أجل محاربة الاحتلال، وإنما لمحاربة قوى الشغب والجريمة والفوضى في فلسطين" بحسب دايتون.

ويضيف أنه حصل مؤخرا على ميزانية إضافية تصل إلى 75 مليون دولار، تتيح له تدريب وتسليح كتيبتين أخريين للأمن القومي في السنة القادمة، ومواصلة المشاريع القائمة، وتنظيم دورات استكمال لكبار الضباط من كافة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.

وتعزو الصحيفة الحماس الذي يبديه دايتون إلى الميزانيات التي يوفرها الكونغرس، والحماس الذي المتجندون الفلسطينيون الجدد، وعلى المساعدة التي يحصل عليها من إسرائيل.

ويتابع التقرير أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية سمحت للمتجندين الجدد بالوصول إلى الأردن لإجراء التدريبات والعودة بسرعة، حيث استغرق عبور 600 مجند في جسر ألينبي ساعة ونصف فقط. كما أن كافة السلطات الإسرائيلية؛ حرس الحدود والجيش وسلطة المطارات والشاباك، بعثوا بمندوبين من أجل تسريع عبورهم. ومن جهته صادق وزير الأمن، إيهود باراك، على طلب التزود بالعتاد، من أجل إنجاح مهمة دايتون.

وتضيف أن التجربة الأولى في تفعيل هذه القوة الفلسطينية الجديدة بدأت بحملة لفرض السلطة في جنين. وفي هذا السياق يقول دايتون إنه راض عن النتائج، كما امتدح التعاون بين القوات وبين الجيش الإسرائيلي. ويشير في هذا السياق إلى أن باراك كان قد اجتمع مع ضباط إسرائيليين وفلسطينيين، وامتدح عمل القوات الفلسطينية، واصفا إياها بأنها تحقق تقدما، رغم بعض الإخفاقات. ويقول هنا إنه، دايتون، قد اجتمع مع القائد العسكري لمنطقة المركز، غادي شمني، الذي كان قلقا من هذه الإخفاقات، وتعهد له بالعمل على تحسين الوضع لدى الفلسطينيين.

التعليقات