رحلة أربعين عاما من مؤتمر الرباط إلى مؤتمر الرياض..

زئيف شيف- صحيفة هآرتس ترجمة عرب48

رحلة أربعين عاما من مؤتمر الرباط إلى مؤتمر الرياض..
من يود فحص التغيير الذي حصل في توجه العالم العربي اتجاه إسرائيل يمكنه مقارنة قرارات القمة العربية في الخرطوم عام 1967 وقرارات قمة الرياض.

قرروا في الخرطوم "لا للسلام، لا للمفاوضات ولا للاعتراف بإسرائيل". وقاد القرار الرئيس المصري، جمال لعبد الناصر. وسار العالم العربي في رحلة استمرت 40 عاما من العقبات، تشمل حروبا قاسية، إلى أن توصلوا إلى قرارات مؤتمر الرياض، التي تشمل اعترافا واضحا بإسرائيل ودعوة إلى السلام والتطبيع واستعدادا للتفاوض.

الشروط التي حددوها صعبة للغاية طبعا، ولكن الدول العربية التي تقود العملية تعرف جيدا، أن إسرائيل لن تقبل برغبة اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى مناطقها.

المؤتمران عقدا بعد حرب. مؤتمر الخرطوم بعد حرب الأيام الستة، التي منيت فيها مصر وسوريا والأردن بهزيمة فادحة. ورغم النصر العسكري الكبير لم تحقق إسرائيل آنذاك على أهدافها السياسية؛ لم يتحقق السلام، وتحول احتلال المناطق من مؤقت إلى مستديم وورط إسرائيل. وعقد مؤتمر الرياض بعد حرب لبنان الثانية والتي اعتبرت كهزيمة وجدانية لإسرائيل، ولكن أهدافها السياسية- إبعاد حزب الله ومواقعه عن الحدود وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وإلى جانبه قوات دولية كبيرة- تحققت.

ليست نتائج حرب لبنان هي التي أدت إلى قرارات قمة الرياض. الذي دفع السعودية هو التدخل الإيراني العميق في العالم العربي وفي الشرق الأوسط عامة، والذي تجلى في هذه الحرب. على مدار سنوات حلت السعودية مكان مصر كزعيمة تقود العالم العربي. وإنجازها الكبير في أعقاب مناورات سياسية مقابل إيران، هو تخفيف ضغط حزب الله عن حكومة فؤاد السنيورة في لبنان. ويجري كل ذلك في الوقت الذي تغوص الولايات المتحدة في الوحل العراقي وتخسر من قوة الردع لديها.

إنجاز كبير آخر للسعودية متعلق بإسرائيل. فعلى خلاف تهرب إسرائيل من التطرق إلى الخطة السعودية بعد مؤتمر القمة في بيروت عام 2002، رد الآن رئيس الحكومة، إيهود أولمرت بتصريحات إيجابية. وبذلك قام بخطوة هامة. واقترح أولمرت مفاوضات حول المبادرة السعودية، دون تفاصيل، وقال أنه على استعداد لأن يفاجئ في تنازلاته.

أدرك أولمرت، أن رفض الاقتراح سيرسم صورة دولية صعبة. فمن ناحية، الدول العربية التي تعرض سلاما على إسرائيل وتعترف بها، ومن الناحية الأخرى، إسرائيل هي التي ترفض ذلك، وبذلك تقول فعليا إنها تنوي الاستمرار في السيطرة على شعب آخر. هذه معادلة للفشل وفقدان الشرعية الدولية؛ كل ذلك في الوقت الذي تزيد فيه إيران من تدخلاتها في الشرق الأوسط.

الصعوبة هي في تطبيق التصريحات. إذ تدخل إسرائيل إلى مسار فيه احتمالات كبيرة ولكن فيه أيضا مخاطر شديدة. ومن المتوقع أن تبدأ العملية في القوت الذي ستنسحب الولايات المتحدة من العراق، انسحاب بالتأكيد سيعتبر فشلا، وفي الوقت الذي تسعى إيران فيه لامتلاك أسلحة نووية.

وكي تنجح إسرائيل في ذلك هي بحاجة إلى قيادة غير عادية تدير سياسة حكيمة وشجاعة. ولكن حتى اليوم لم يجر تباحث جدي شامل من قبل كافة الأطراف ذات الصلة. وستضطر القيادة الإسرائيلية إلى العمل في عدة جبهات في آن واحد: السعودية والدول العربية الاعتدالية؛ سوريا؛ ومع الفلسطينيين على انفراد، هناك حماس هي المؤثرة؛ وجبهة إيران ومن يقوم بمهامتها.

وهناك أيضا الجبهة الداخلية في إسرائيل. من ناحية، تدعو قيادة الجماهير العربية إلى تغيير طابع دولة إسرائيل وصورتها كدولة يهودية ديمقراطية. ومن الناحية الأخرى، المستوطنون يستيقظون. وشهادة على ذلك المظاهرة في حومش وامتلاك البيت الفلسطيني في الخليل.


التعليقات