"رسالة شاليط الصوتية لعبة لعينة ترفع عدد الأسرى ونوعيتهم"..

-

كتب يوئيل ماركوس في صحيفة "هآرتس" متسائلا عما إذا كان أحد يذكر مقولة " لن نجري مفاوضات مع إرهابيين"، ويضيف أنها لم تعد قائمة منذ زمن.. كما تساءل عما إذا كان أحد يذكر مقولة "لن نطلق سراح أسرى أيديهم ملطخة بالدماء"، وهي أيضاً لم تعد قائمة منذ العام 1985، عندما تم إطلاق سراح 1150 أسيرا في صفقة تبادل الأسرى التي تمت مع أحمد جبريل (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة).

ويشير في هذا السياق إلى أن بضعة مئات من الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم، ولم يكونوا من ضمن الذين كان لهم دور في عمليات قتل فيها إسرائيليون، قد "عادوا بسرعة إلى دائرة العمليات بعد إطلاق سراحهم". كما يشير إلى اعتراف وزير الأمن، يتسحاك رابين (الذي تمسك بمقولة عدم مفاوضة "الإرهابيين")، لاحقاً، بأنه لم يستطع الصمود أمام ضغط والدة الجندي الأسير يوسيف غروف.

ويتابع أنه رغم القواعد المتبعة في الجيش بشأن عدم إبقاء جرحى في ساحة المعركة، فإن "الإرهابيين" اكتشفوا "عقب أخيل" (نقطة الضعف)، فهم لا يفوتون فرصة تتاح لهم لأسر جنود، ويتركزون في "البطن الرخوة".. أما الشعار "لا يوجد من نتحدث معه" فلم يعد قائماً منذ زمن.. فـ"نحن على استعداد للحوار، وعلى استعداد للتنازل، ومع ذلك فهم ينكلون بنا لحظة وقوع أحد جنودنا في أسرهم".

ويضيف أن قوة إسرائيل تتحول إلى ضعف، مع طول صبر "الإرهابيين" وموهبتهم في رفع سعر الجندي الأسير، من خلال الصمت. وأحياناً تمر سنوات حتى تحصل إسرائيل على شظايا معلومات حول إذا ما كان الأسير على قيد الحياة أم لا. فهم يطلبون ثمن معلومات من هذا النوع.

وتابع أن الدولة، التي تتكيف مع مقتل وإصابة الآلاف في حوادث الطرق، تخرج عن طورها عندما يكون مصير أحد جنودها غير معروف. ومن كتب نص الكلمات في الشريط الصوتي للجندي غلعاد شاليط، الإشارة الأولى على كونه على قيد الحياة، قد مس بكافة نقاط الضعف. كما اشتمل على دلالات تفيد أن الدولة والجيش قد أهملوا الجندي الأسير، وأنه لو كان تاجر مخدرات لكانوا أطلقوا سراح عدد كبير من الأسرى مقابله...

وضمن ردود الفعل على الرسالة الصوتية للجندي الأسير، يشير الكاتب إلى تصريحات الضابط المسؤول عن شاليط بأنه على استعداد لكل ما تتطلبه عملية إطلاق سراح الجندي. أما الوزير غدعون عزرا فقد أعلن أنه يجب إطلاق سراح أسرى بالغين (ممن كان لهم دور في عمليات قتل)، علاوة على تصريحاته السابقة بشأن إطلاق سراح مروان البرغوثي. أما غالبية الجمهور فلم تعرف إذا كانت ستفرح أم ستغضب على الإعلام الذي صنع من خطوة حماس هذه (الرسالة الصوتية) قصة درامية كبيرة. وقال زئيف بويم إن " بث الرسالة الصوتية في منتهى القسوة".

وبحسبه، فإن ما لا يعرفه الجمهور الواسع هو أنه منذ شهور تجري مفاوضات لإطلاق سراح شاليط بوساطة مصر، وبدون أمل لنتائج فورية على خلفية تصلب الطرفين في موقفيهما. ويضيف أن المشكلة لم تكن في عدد من يتم إطلاق سراحهم، وإنما من سيتم إطلاق سراحه. وقد توقفت المفاوضات مع اندلاع الاقتتال في قطاع غزة بين "فتح" و"حماس". وكان بث الرسالة الصوتية لعبة "لعينة" من قبل حماس للفت الأنظار عن قمة شرم الشيخ، وخاصة عن تصريحات أولمرت بأنه يدرس إطلاق سراح 250 أسيراً من حركة فتح.

وبرأيه فقد تمكنت الرسالة الصوتية من سرقة الأضواء، وأصابت نقاط الضعف، وأنشأت وضعاً يتيح لحماس "ابتزاز" عدد أكبر من الأسرى ممن كان لهم دور في تنفيذ عمليات قتل، ومن ذوي القدرات القتالية.

"كانت الرسالة مهمة لعدة أسباب؛ أولها أنها إثبات على أن شاليط على قيد الحياة، وثانيها أنها تأكيد على أنه بيد حركة حماس، وثالثا أنه لا يوجد أي خطر على حياته، ورابعاً في كونها شكلت ضغطاً على الجمهور الإسرائيلي للاستجابة لمطلب إطلاق سراح أسرى "نوعيين"، وخامساً في كونها تثبت لأبو مازن أن حركة حماس قادرة على إطلاق سراح عدد أكبر من 250 أسيراً، وفقما تحدث أولمرت".

وقال رافي إيتان، وهو رجل موساد قديم، إن نشر الرسالة الصوتية يشير إلى أن حماس في حالة من الضغط لجعل الجمهور الإسرائيلي على استعداد لتقديم غطاء للحكومة لجعلها "سخية أكثر في عدد الأسرى ونوعيتهم مقابل إطلاق سراح شاليط".

وينهي بالقول إنه بعد الصدمة التي أحدثتها "صفقة أحمد جبريل"، نشر في حينه مقال يطالب بأن تكون عمليات التبادل اللاحقة "أسير مقابل أسير" بدلاً من العشرات والمئات من الأسرى الفلسطينيين مقابل جندي إسرائيلي واحد. إلا أن ذلك لم ولن يتحقق..

التعليقات