شلومو غازيت، في "معاريف": "قرار طرد عرفات خاطئ وبائس"

شلومو غازيت، في
اعتبر شلومو غازيت، المسؤول السابق عن جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، والخبير الاستراتيجي، قرار الحكومة الاسرائيلية المتعلق بطرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، قرارا خاطئا وبائساً. وقال في مقالة تحليلية نشرها، اليوم، في صحيفة "معاريف": "إن نشر هذا القرار جاء، كما يبدو، لخدمة هدفين- الأول، توجيه رسالة الى شعب صهيون تقول إنه توجد حكومة في القدس وهي ليست عاجزة وتملك جوابا للوضع الناشئ، والثاني، مناشدة المجتمع الدولي كي يتدخل فورا ويضغط علينا (على اسرائيل) كي لا نضطر الى تنفيذ تهديدنا".

لكن غازيت يدرك ان بعض وزراء حكومة شارون يقصدون ويطالبون بتطبيق القرار، ولهؤلاء يقول إن هذا القرار يشبه الاعتراف بفشل الاستراتيجية الحكومية المنتهجة تجاه عرفات- والمقصود استراتيجية اعتباره غير ذي صلة. فالحصار الذي فرض عليه في المقاطعة لم يمنعه من مواصلة مهامه، بل على العكس... لم تساهم هذه الاسترلاتيجية لا باقصاء عرفات ولا اجباره على التخلي عن صلاحياته التنفيذية ، بل زاد حصاره من الدعم الشعبي له.

ويحذر غازيت من تكرار "لعبة بيروت" (ترحيل عرفات والقياديين الفلسطينيين والقوات المقاتلة عن بيروت الى تونس، ابان الاحتلال الاسرائيلي - عرب 48)، ويتحدث عن ثلاث احتمالات يمكن وقوعها، قائلا ان فرض الحصار المتواصل على المقاطعة وانذار عرفات بالخروج الى المهجر، سيساهم في اعداد وصفة واضحة لخطوات متطرفة ستشعل النار في المنطقة (خاصة في الوسط العربي داخل اسرائيل) وستستدعي ضغطا دوليا يطالب القدس بالتراجع عن نواياها. فتصوروا أي مدى ستصل اليه صفارات الانتصار الفلسطيني اذا تراجعت اسرائيل في أوج الحصار.

الاحتمال الثاني الذي يتوقعه غازيت، هو اقتحام المقاطعة، اعتقال عرفات وطرده. ويقول: لا شك اننا سنواجه مقاومة قوية، والامر المقلق يكمن في خطر قتل او اصابة عرفات خلال تنفيذ العملية، او اقدامه على الانتحار، الامر الذي سيخلده كشهيد كبير.

الاحتمال الثالث، وهو ما تتمناه اسرائيل، هو قيام عرفات بالهجرة حقا.

وبرأي غازيت، اذا تم قتل عرفات او خروجه الى المهجر، سيتم امتحان القرار الاسرائيلي حسب النتائج الامنية، سواء على مستوى المسار الامني او الثنائي الفلسطيني - الاسرائيلي، او على المستوى الدولي.

فعلى المستوى الامني يتوقع حدوث اندلاع كبير وتظاهرات عارمة ستضطر اسرائيل الى كبتها واخمادها وفرض حظر التجول لفترات طويلة على كل المناطق الفلسطينية. وسينجم عن ذلك وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين الامر الذي سيحظى بتغطية اعلامية شاملة في كل انحاء العالم، هذا في وقت ستضطر فيه اسرائيل الى الاستعداد لموجة مؤلمة من العمليات.

اما على المستوى الثنائي، الفلسطيني - الاسرائيلي، فيقول غازيت انه لن يتواجد القائد الفلسطيني الذي سيوافق على استبدال عرفات الا اذا صادق له عرفات على ذلك. كما ان طرد مؤسس حركة فتح ومن يقف على رأسها منذ أكثر من 40 عاما، سيؤدي الى اضعاف هذه الحركة وتعزيز قوة حركة حماس وقيادتها.

اما على المستوى الدولي، فيتوقع غازيت حدوث ازمة حادة في العلاقات مع مصر والاردن، ويتوقع قيام حزب الله باستغلال الفرصة لاعادة اشعال الحدود مع لبنان. وستقوم كل الدول التي ابدت تفهما للموقف الاسرائيلي، منذ خارطة الطريق، بشجب الخطوة الاسرائيلية بشدة، بل سيعتبر نظام الصديق جورج بوش، طرد عرفات بمثابة استهتار متطرف بموقف واشنطن وخلق ازمة دولية جديدة في الوقت الذي تركز فيه واشنطن على افغانستان والعراق وايران، وكذلك على حملة الانتخابات القريبة في اميركا.

التعليقات