"عملية أخرى لا يمكن منع وقوعها مسبقا"..

-

كتب عاموس هرئيل وآفي يسسخاروف في صحيفة "هآرتس" الصادرة صباح اليوم، الخميس، أنه في السنوات التي سبقت حرب 1967 سادت في القدس ظاهرة "الأردني المجنون"، والتي تتمثل بقيام جندي فجأة وبدون سبب باد للعيان بإطلاق النار باتجاه الإسرائيليين في الجانب الإسرائيلي من الحدود. واعتاد الأردنيون على القول بأن الحديث هو عن "مجنون" وذلك لإعفاء أنفسهم من المسؤولية.

وفي هذا السياق، اعتبر المؤلفان أن حسام دويات الذي "عربد بجرافته" في القدس، مثلما فعل جاره علاء أو دهيم، الذي قتل 8 إسرائيليين في المدرسة التلمودية "مركاز هراف"، يبدوان (دويات وأبو دهيم) كتناسخ لنفس أسلوب العمل. وهنا أيضا لم تكن هناك أية معلومات مسبقة أو شركاء في التخطيط والتنفيذ، ولذلك لم يكن هناك أية جاهزية لإحباط مثل هذه العملية.

ويتابعان، أن محققي جهاز الأمن العام (الشاباك) الذين وصلوا يوم أمس، الأربعاء، إلى بيت عائلة منفذ العملية في صور باهر، يبحثون عن الدافع (المباشر) لمثل هذه العملية، ويحاولون استيضاح متى زار المسجد مؤخرا، وهل سمع "كلمات تحريضية" غير عادية ضد إسرائيل.

ويشيران هنا إلى أن بعض منفذي العمليات الذي نشطوا في السنوات الأخيرة بمبادرات شخصية، وبدون أية علاقة مع أي تنظيم، كانت دوافعهم ناجمة عن إيمان ديني عميق. أما بالنسبة لدويات، فقد قال جيرانه إنه "إنسان من القرية" و"له ماض جنائي"، وأجمعوا على أنه "لم يواظب على الصلاة في المسجد بشكل دائم". وهنا يدعي الكاتبان، بدون أية إشارة إلى الاحتلال وجرائم الاحتلال، أنه من الممكن أن يكون الدافع "خلاف مع مدير عمل إٍسرائيلي أو إهانة وجهها له شرطي".

وفي محاولة للمقارنة بين عمليتين، تطرق الكاتبان إلى العملية التي نفذت في المدرسة التلمودية، حيث لم يكشف التحقيق عن أية علاقة بين منفذ العملية وأي تنظيم. ويشيران في هذا السياق إلى أقوال عائلة منفذ العملية، علاء أبو دهيم، والتي مفادها أن الأخير قد تأثر كثيرا بمشاهد القتل التي مارستها قوات الاحتلال في قطاع غزة خلال الحملة العسكرية "صيف حار"، والتي انتهت قبل أيام معدودة من تنفيذ علمية "مركاز هراف".

أما العملية التي نفذت يوم أمس، بحسب الكاتبين، فقد جرت بينما كان الوضع هادئا في قطاع غزة، وهو ما يشير إلى أن الدافع ليس بالضرورة فوريا.

وفي هذا السياق يشير الكاتبان إلى أن عدد الإسرائيليين الذين قتلوا في العمليات قد هبط من 426 قتيلا في العام 2002، إلى 13 قتيلا فقط في العام الماضي 2007. واعتبرا أن قوات الأمن الإسرائيلية قد حققت نجاحات بارزة في هذا المجال في الضفة الغربية، من باب أن العمليتين اللتين وقعتا في القدس هما "عمليتان شعبيتان" حيث لا يمكن جمع معلومات استخبارية مسبقة. ويشيران بوجه خاص إلى أنه سيكون من الصعوبة إحباط العملية قبل وقوعها إذا كان المنفذ يعمل لوحدة وبدون أية جهة تقف وراءه، وإذا لم يصرح بنيته تنفيذ العملية قبل وقوعها أمام عميل لإسرائيل.

كما يشير الكاتبان إلى "الوضع الخاص" للمقدسيين، من جهة أن احتمال احتكاك "منفذ عملية محتمل" لجمهور الهدف لا يمكن منعه، وذلك لكونه يحمل بطاقة الهوية الشخصية الزرقاء، ويتحرك في المدينة بحرية، كما يتحدث العبرية بطلاقة، ولا يثير الشبهات. وفي هذا السياق يقولان إنه خلافا لما تبدو عليه المدينة (القدس المحتلة) من هدوء، فإنها كانت ناشطة في الانتفاضتين، حيث تم اعتقال 300 مقدسي في سنوات الانتفاضة الثانية.

وفي المقابل، ونظرا لكون القدس تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، فمن غير المتوقع أن يكون هناك رد فعل حقيقي. فإذا كانت حماس غير مسؤولة عن العملية، كما أن السلطة الفلسطينية غير متهمة بها، فلا يوجد لإسرائيل أي هدف لتقوم بضربه ردا على العملية. وكبديل لذلك، تنافس السياسيون الإسرائيليون، يوم أمس الأربعاء، (بينهم رئيس الحكومة ووزير الأمن) على إعلان "الهجوم"، والذي سيتمثل هذه المرة، على ما يبدو، بهدم منزل منفذ العملية، وهي خطوة تم تجميدها في حالة منفذ عملية "مركاز هراف". وفي هذا السياق يشيران إلى تقرير كان قد أعدة جنرال في الجيش الإسرائيلي في العام 2005، أودي شيني، والذي يقول فيه إنه قد توصل إلى نتيجة مفادها أن سياسة هدم المنازل لم يثبت أنها عامل رادع، وأن أضرارها أكبر من فوائدها.

ويختتم الكاتبان بالقول إن عملية كبيرة ثانية، خلال أربعة شهور، من الممكن أن تنزع الإحساس بالأمن الذي استعاده الإسرائيليون بجهد كبير، خاصة وأنه تم توثيق العملية الأخيرة من كل زاوية ممكنة، وذلك بسبب وقوعها مقابل بناية تضم كافة مكاتب شبكات الإعلام الأجنبية. وبشكل عام فإذا كانت غالبية القتلى هم نتيجة "عمليات شعبية" في القدس، أو إطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية من قطاع غزة (والتي من الصعب منعها)، فإن الإحصائيات تصبح مقلقة جدا، حيث يصل عدد القتلى في منتصف العام الحالي إلى 26 قتيلا، بالمقارنة مع 13 قتيلا فقط طوال العام الماضي.

التعليقات