"هآرتس": جهاز الامن الاسرائيلي قلق لعدم مواصلة بناء الجدار

قالت صحيفة "هآرتس" اليوم، الثلاثاء، ان النيابة العامة الاسرائيلية ستبحث اليوم في ايجاد حل لمواصلة بناء جدار الفصل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصا في منطقة جنوب القدس وفي منطقة السهل الداخلي الى الشمال الغربي من القدس، من دون ان يتقدم الفلسطينيون وجهات اسرائيلية بالتماسات الى المحكمة العليا. وذكر الصحيفة ان غالبية الالتماسات التي قدمت حتى الان ضد مواصلة بناء الجدار تطرقت الى مسار بطول اجمالي وصل الى 40 كم في المنطقة الممتدة بين شمال القدس وحتى مستوطنة "موديعين" القريبة من رام الله.

وأكدت الصحيفة على ان هذا البحث يأتي "ايضا بسبب القلق الذي ينتاب مسؤولين في جهاز الامن حيال مستقبل مشروع الجدار وذلك على ضوء اقوال رئيس المحكمة العليا (الاسرائيلية)، أهارون براك، ومفادها ان الحسم في الالتماسات المتعلقة بمسار الجدار لن يتم في الوقت القريب". ولفتت الصحيفة كذلك الى انه في مطلع هذا الاسبوع ارجأ الجيش الاسرائيلي ووزارة الامن الشروع في بناء المقطع الرابع من جدار الفصل العنصري والممتد من منطقة شارع القدس-الخليل (جنوبي القدس) ويصل الى جنوب القدس ليحيط الكتلة الاستيطانية "غوش عتسيون". وقد تم ارجاء العمل في المكان بسبب اعتراضات قدمها اصحاب الاراضي من الفلسطينيين التي سينهبها المشروع الجهنمي. ورغم ان سلطات تنفيذ بناء الجدار تخطط الشروع في بناء هذا المقطع في مطلع الشهر المقبل الا ان جهاز الامن الاسرائيل "يخشى"، بحسب الصحيفة، "من انه مع بدء الاعمال سيتوقف البناء بسبب التماسات جديدة سيتم تقديمها الى المحكمة العليا".

واشارت الصحيفة الى ان اسرائيل تعهدت بالاخذ بالحسبان اعتبار "نسيج الحياة" للفلسطينيين في عملية التخطيط للجدار وذلك على اثر التهديدات بوقف بنائه والضغط الدولي. ولفتت الصحيفة الى ان طول جدار الفصل العنصري يصل الى 557 كم وتصل تكلفة بنائه الى ست مليارات شيكل.

وأفادت "هآرتس"، ايضا، بان اسرائيل تواصل توسيع المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة من خلال اضافة البيوت المتنقلة وتوصيل شبكات البنى التحتية بالمستوطنات وبناء البيوت الدائمة. واعتمدت الصحيفة في هذه المعلومات على تقرير لحركة "سلام الان"، حول النشاط الاستيطاني في الاشهر الاربعة الاولى من العام 2004 الحالي.

ونقلت الصحيفة عن قادة الحركة قولهم انهم سيشرعون في مشروع جديد لمراقبة المشاريع الاستيطانية على مختلف اشكالها. ومن بين النشاطات التي ستقوم بها حركة "سلام الان" تصوير جوي للمستوطنات ورسم خرائط جديدة ليتسنى مقارنتها مع القديمة والاطلاع على الاعمال الاستيطانية الجديدة.

على صعيد اخر، نشر رئيس تحرير "معاريف"، امنون دنكنر، مقالا اليوم، الاثنين، على اثر اطلاق سراح الشبان الثلاثة العرب من قرية كفر كنا الذين اتهموا بقتل الجندي اوليغ شايط. ويذكر ان الشبان الثلاثة كانوا قد اعترفوا بقتل الجندي وحتى ان احدهم اعاد تمثيل عملية القتل. ولكن بعد عدة شهور قال محققون في جهاز "الشاباك" ان المعتقلين ليسوا مرتكبي الجريمة وان القاتلما زال طليقا. وبعد عشرة شهور على اعتقالهم افرج عنهم لعدم علاقتهم بمقتل الجندي وتم اعتقال اخرين من القرية ذاتها بشبهة قتل الجندي نفسه.

وقال دنكنر ان مثل هذه الحالات لا تحدث للعرب فقط، بل لليهود ايضا. وروى قصة مواطن اسرائيلي يدعى اليعزر بنغاييف الذي اتهم بقتل متسول في القدس قبل عدة سنوات. وبعد اعتقال بنغاييف والتحقيق معه اعترف بانه ارتكب جريمة القتل واعاد تمثيل عملية القتل وصدر حكم بحقه وقبع في السجن مدة ثلاث سنين، عندها تم بالصدفة اكتشاف القاتل الحقيقي. واضاف دنكنر ان القائمة باسماء اشخاص مثل بنغاييف ليست طويلة ولكن طمن المثير معرفة القائمة باسماء الاشخاص الذين اتهموا بجرائم واعادوا تمثيلها وصدرت ضدهم احكام بالسجن ويقبعون الان في السجون ولكنهم في الحقيقة ابرياء".

وتابع دنكنر مشيرا الى ان سمعة الشرطة والنيابة العامة في هذه الناحية سيئة جدا. و"لا علم لدي بحالات قام فيها افراد شرطة او من النيابة العامة بتشويه القضاء وحوكموا على ذلك او ان عقوبتهم نشرت على الملأ ليكونوا عبرة للاخرين".

واورد دنكنر مثالا على ذلك فيما يتعلق بممثلة النيابة العامة، شيلفاة ليفين، التي عالجت ملف الشبان العرب الثلاثة الذين اطلق سراحهم امس الاول. وقال الكاتب ان رأيها كان مهما في محاكمة الشبان العرب الثلاثة ملمحا الى انها شاركت في احاكة الملف ضدهم. غير ان ليفين ذاتها كانت قد تعرضت قبل خمس سنوات لانتقادات شديدة من المحكمة الاسرائيلية العليا لانها اخفت في حينه معلومات سرية عن الدفاع في قضية قتل خطيرة وكان من شأن هذه المعلومات ان تبرئ المتهم. وقد قبع المتهم في هذه القضية مدة سنة ونصف في السجن الى ان برأته بعدها المحكمة العليا. ووصفت المحكمة ليفين بانه "تفتقر الى ادراك مهام المحامي". وقد برأت لجنة الطاعة التابعة لنقابة المحامين ليفين بعد ادعائها بانها لم تفعل ذلك عن قصد.

وتساءل دنكنر حيال هذا الاهمال من جانب ممثلين عن النيابة العامة، الا يجدر تقديمهم للمحاكمة؟ وهل النيابة العامة تفحص نفسها بالقة ذاتها التي تمارسها مع الاخرين؟ الم تنشأ هنا ثقافة تنظيمية غايتها حماية ممثلين فاشلين في النيابة العامة وتمكنهم من مواصلة عملهم بعد ان اتضح انهم اتعسوا ابرياء؟ اليست هذه الثقافة مسؤولة ايضا عن سير الامور في المف الحالي للمتهمين بقتل الجندي اولغ شايحط؟".


التعليقات