"القدس مدينة مقسّمة"

محاولة دفع المخيم إلى السلطة الفلسطينية لحل مشكلة ديمغرافية تخلق مشكلة جديدة، فسكان المخيم ينتقلون إلى القدس، ويتدفق عشرات الآلاف من الضفة إلى المخيم

محاولة دفع المخيم إلى السلطة الفلسطينية من أجل حل مشكلة ديمغرافية تخلق مشكلة جديدة، فسكان المخيم ينتقلون إلى القدس، ويتدفق عشرات الآلاف من الضفة إلى المخيم

 
 
عنونت صحيفة "معاريف" الصادرة صباح اليوم، الثلاثاء، صفحتها الرئيسية بعنوان "القدس مدينة مقسّمة"، وهو تقرير أعده كاتب مستوطن يدعى أرئيل سيغال.
 
 وأشارت في الصفحة الرئيسية إلى أن وزارة المالية الفلسطينية تقوم بترميم الشوارع، ويقوم عناصر السلطة الفلسطينية بتوجيه السير، في حين ترتفع الإعلانات على مفارق الطرق والشوارع بصور رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، مشيرة إلى أن الحديث ليس عن جنين ولا عن رام الله، وإنما عن الأحياء العربية في القدس المحتلة، والتي تقع تحت نفوذ بلدية الاحتلال.
 
وبطريقة التساؤل كتبت الصحيفة أن نتانياهو وحكومته يتحدثون عن "مدينة الشعب اليهودي الموحدة للأبد"، في حين أن المدينة مقسّمة على أرض الواقع. وأبرزت أن الأحياء العربية التي تقع حاليا ضمن نفوذ بلدية الاحتلال مليئة بعلامات السيادة الفلسطينية، حيث تقوم وزارة المالية الفلسطينية بتعبيد الشوارع، وتقوم "شرطة أبو مازن" بتوجيه حركة السير، في حين ترتفع صور ياسر عرفات في كل زاوية، على بعد "دقيقتي سفر من التلة الفرنسية".
 
وتركزت الصحيفة في تقريرها على الرقم "200 متر" بوصفه يفصل بين "الأحلام وبين الواقع المشين، وتفصل بين الشعارات المضطربة وبين الواقع الخطير"، كما أن 200 متر هوائي تفصل بين "التلة الفرنسية وبين مخيم شعفاط"، وأقل من 200 متر تفصل بين "بسغات زئيف" وبين الشارع المركزي الذي يربط بين القدس و"معاليه أدوميم".
 
وأشار التقرير بشكل ساخر إلى أن "رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين بصوته المخنوق يقسم بوحدة القدس إلى الأبد، في حين أن الوقائع على الأرض تشير إلى تنازل إسرائيلي فعلي عن السيادة على القدس الموسعة".
 
وأضافت الصحيفة بطريقة تحريضية أنه "عندما تكون الحكومة الإسرائيلية عاجزة، والبلدية مهملة، والشرطة تخشى من ظلها وترتدع عن العمل بحزم، فإن القناعة بصدقية الطريق تهتز، ويدخل آخر إلى الفراغ.. السلطة الفلسطينية والشوارع والبنى التحتية والأندية وعناصر أمن السلطة يدخلون ويخرجون بدون تردد.. حكومة نتانياهو تقسّم القدس فعلا".
 
ويتحدث معد التقرير، المستوطن سيغال، عن جولة في قلندية ومخيم شعفاط وكفر عقب، علما أنه جرى ضمهم جميعا إلى منطقة نفوذ بلدية الاحتلال.
 
ويشير إلى أن الشرطة التي توجه السير هي شرطة فلسطينية، والذين بدأوا عملهم في المنطقة في إطار مشروع مؤقت يقتصر على شهر رمضان، وظلوا هناك. كما يلفت إلى أن اللافتات الضخمة المعلقة تشير إلى دور وزارة المالية الفلسطينية في تطوير الأحياء، ويشير بوجه خاص إلى لافتة ضخمة تحمل صورة ياسر عرفات. ويكتب في هذا السياق أنه "لا يوجد أي دلالة على سيادة إسرائيلية".
 
كما يشير الكاتب إلى وجود أسلحة بكميات كبيرة في مخيم شعفاط، (المخيم الوحيد ضمن نفوذ بلدية الاحتلال)، مدعيا أنها أسلحة مسروقة من الجيش الإسرائيلي، ويكتب أنه يمكن سماع صوت الرصاص الذي يطلق في المناسبات من "التلة الفرنسية".
 
وفي حديثه عن مخيم شعفاط يشير إلى حدوده، راس خميس من الغرب، و"بسغات زئيف" من الشمال،  وضاحية السلام من الشرق، والتلة الفرنسية من الجنوب. في حين يجري استكمال الجدار المسمى بـ"غلاف القدس" حوله بحيث يبقى خارج الجدار، خلافا لسكانه، بحسب معد التقرير، حيث يشير إلى إقامة "معبر حدودي متطور".
 
ويتابع أنه مع استكمال بناء الجدار فإن هناك حركة بناء واسعة في المخيم، وأن المباني الجديدة التي بدأت تظهر في المكان هي غير قانونية، معتبرا أن مخيم شعفاط "لا يؤمن بالتخطيط" وأن "الدولة تخشى فرض القانون".
 
ويضيف أنه في أعقاب بناء الجدار ارتفع عدد سكان المخيم، فالسكان القدامى ينتقلون إلى الأحياء العربية واليهودية في القدس، بحسبه، ويحل مكانهم في المخيم الآلاف من "الماكثين غير القانونيين"، وأنه بالنتيجة تضاعف عدد سكان المخيم 2-3 أضعاف.
 
وينقل سيغال عن مختار شعفاط، جميل صندوقة، قوله إن شجارا وقع بين عائلتين في المخيم، وعندها اتصل بالشرطة الإسرائيلية، فطلبوا منه الحضور إلى الحاجز العسكري، وعندما اتصل بأجهزة الأمن الفلسطينية حضروا إلى المكان خلال 5 دقائق.
 
وبينما يرفض المختار أن يكون تابعا للسلطة الفلسطينية، يشير إلى أنه لا يعرف ماذا تريد الحكومة الإسرائيلية، وبحسبه فإن كل ما يتلقاه المخيم هو من السلطة الفلسطينية.
 
وردا على سؤال إذا ما كان يفضل إسرائيل، يجيب بالإيجاب، مشيرا إلى أن "إسرائيل" تريد دفعهم باتجاه السلطة الفلسطينية. ويشير أيضا إلى أن عناصر أجهزة الأمن الفلسطينية يلقون القبض ليلا على تجار المخدرات، وأنهم يتجولون بحرية في ساعات النهار بدون الزي الرسمي. كما يشتكي المختار من وجود كميات كبيرة من الأسلحة، وأن الشرطة الإسرائيلية لا تفعل شيئا حيال ذلك.
 
كما يشير المختار إلى أن السلطة الفلسطينية قد استثمرت في المخيم نحو 20 مليون شيكل في السنوات الخمس الأخيرة، في حين يدفع السكان ضريبة المسقفات (الأرنونا) لإسرائيل. ويعتبر الكاتب أن 67% من سكان شعفاط يقومون بدفع الضريبة كي لا يفقدوا "البطاقة الشخصية الزرقاء".
 
وردا على سؤال إذا كان سكان المخيم يؤيدون حركة حماس، يجيب المختار بأن نسبة تأييد حماس تصل إلى 60%. وبحسبه فقد كان عدد سكان المخيم يصل إلى 20 ألفا، أما اليوم فيصل إلى 60 ألفا، غالبيتهم من مناطق جنين ونابلس وأريحا، وبدأوا يسيطرون على المخيم، في حين يغادر سكان المخيم إلى أبو غوش وبيت صفافا والأحياء اليهودية في القدس.
 
ويضيف الكاتب أن محاولة دفع المخيم إلى السلطة الفلسطينية من أجل حل مشكلة ديمغرافية تخلق مشكلة جديدة، فسكان المخيم ينتقلون إلى القدس، ويتدفق عشرات الآلاف من الضفة الغربية إلى المخيم.
 
ويختتم الكاتب المستوطن تقريره مشيرا إلى سهولة الدخول إلى إسرائيل من مخيم شعفاط عن طريق ثغرات في الجدار، وأنه في حال نشوب انتفاضة ثالثة فإن منفذ العملية (الذي يصفه بالمخرب) سيكون عليه أن يصل إلى شعفاط، وهو أمر سهل، ومن هناك يعرف طريقه لعبور الجدار.

التعليقات