"التسونامي السياسي هنا: لن يتم رفع العلم الإسرائيلي في المستقبل المنظور"

"إسرائيل لم تستطع منع صعود أردوغان وسقوط مبارك ووقف البرنامج النووي الإيراني، كما أن أفول الدولة الأمريكية العظمى لم يحصل بذنب نتانياهو، ولكن الأخير لم يفعل شيئا لتخفيف تأثير كل ذلك"

تحت عنوان "التسونامي السياسي أصبح هنا" كتب ألوف بن في صحيفة "هآرتس" أن نتانياهو وليبرمان أبطال في وسائل الإعلام، في حين أن رئيس الحكومة لم يفعل شيئا، وباختبار النتيجة فإن الوضع السياسي والإستراتيجي لإسرائيل أسوأ بكثير في ظل قيادته.
 
وأضاف الكاتب أن المخاوف التي أثارها "الربيع العربي" في إسرائيل تحققت في نهاية الأسبوع الحالي، عندما اقتحم المتظاهرون السفارة المصرية في القاهرة، وطردت مصر الدبلوماسيين الإسرائيليين.
 
وتابع الكاتب أن الإخلاء العاجل لطاقم السفارة في طائرة سلاح الجو، بعد تدخل الرئيس الأمريكي، يذكّر بالثورة الإسلامية في إيران في العام 1979. فبعد 7 شهور من إسقاط النظام المصري السابق يمزق متظاهرو التحرير الرموز البارزة لاتفاقية السلام؛ العلم الإسرائيلي الذي يرفرف في العاصمة المصرية منذ 31 عاما، ولا يبدو أنه سيتم رفعه مرة أخرى في المستقبل المنظور.
 
وبحسبه فإن المؤرخين الذين سيكتبون مستقبلا عن انهيار اتفاق السلام "الإسرائيلي – المصري" سوف يبدأون القصة من السنوات الأخيرة لنظام مبارك، حيث فقدت القاهرة السيطرة تدريجيا على سيناء، وتحولت إلى منطقة لـ"مهربي السلاح والنساء واللاجئين الأفارقة"، إضافة إلى التآكل التدريجي لاتفاقيات نزع السلاح التي أبعدت الجيش المصري عن سيناء، وذلك منذ "فك الارتباط" من قطاع غزة، وبوتيرة متسارعة في الفترة الأخيرة.
 
ويضيف الكاتب أن مصر طلبت المرة تلو المرة، وحصلت على موافقة إسرائيلية، على نشر المزيد من الجنود والسلاح بالقرب من الحدود مع إسرائيل "بشكل مؤقت" وذلك لفرض النظام والأمن في سيناء. وبحسبه فإن ذلك بالنسبة للمصريين فرصة للتنصل من القيود التي وافقت عليها مصر في اتفاقية السلام، وإعادة السيادة الكاملة على المنطقة الفاصلة بين قناة السويس والنقب.
 
ويقول ألوف بن إنه في سنوات السبعينيات، وعندما تم التوقيع على اتفاقية السلام، فإن الجيش المصري كان بالنسبة لإسرائيل خطرا أمنيا يشكل التهديد الأكبر لها. والآن يبدو أن الجنود المصريين علاج لخطر أكبر يتمثل في الفراغ السلطوي والأمني خلف الحدود.
 
وبحسب الكاتب فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يخشى أن تتحول سيناء إلى "قطاع غزة ضخم" تعج بالسلاح وبمنصات لإطلاق القذائف الصاروخية والصواريخ باتجاه إسرائيل. ويشير إلى أن السياج الذي تعمل إسرائيل على إقامته على طول الحدود مع مصر معد لعمليات الأمن الجاري ومنع تنفيذ عمليات وتسلل لاجئين، ولكنه لن يصمد في مواجهة المخاطر الإستراتيجية التي تتطور بسرعة في الجانب الثاني من الحدود.
 
ويضيف أن "أزمة السفارة" اندلعت في أعقاب مقتل 5 جنود مصريين في الثامن عشر من آب/ أغسطس الماضي، وذلك في "حادثة حدودية" وقعت خلال العمليات التي استهدفت مركبات إسرائيلية على طريق إيلات. وبحسبه فإن متظاهري التحرير والسياسيين المصريين المحبطين من الوتيرة البطيئة لتغيير النظام صبوا جام غضبهم تجاه أكثر هدف مكروه في القاهرة، وهو السفارة الإسرائيلية.
 
كما يشير في هذا السياق إلى أن قيام وزير الأمن إيهود باراك بالتعبير عن الأسف لمقتل الجنود المصريين، والتعهد الإسرائيلي بإشراك مصر في التحقيق، لم يعن الرأي العام المصري، حيث تواصلت المظاهرات، وبعد أسبوع من طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة بسبب الغضب على مقتل مواطنين أتراك في أسطول الحرية إلى قطاع غزة، تم طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، بفارق وحيد هو أن الحكومة التركية هي التي بادرت إلى خفض مستوى العلاقات، وفي مصر فإن من فرض ذلك هم المتظاهرون في الشارع في حين تعارض السلطات المصرية ذلك.
 
ويكتب أيضا أن نتانياهو وحكومته يتباهون بما أسماه "موقفهم الصارم بشأن الكرامة القومية"، وأن رئيس الحكومة على قناعة بأنه كان على حق في رفضه الاعتذار لتركيا عن مقتل المواطنين الأتراك في هجوم البحرية الإسرائيلية على سفينة مرمرة في العام الماضي. ويتابع أن العالم العربي كان يراقب سلوك إسرائيل، وأن اعتذار نتانياهو لتركيا كان يمكن أن يفسر على أنه إظهار ضعف، ولكن نتانياهو لم يكتف برفض الاعتذار، وبدلا من العمل على التهدئة وتخفيف المواجهة مع تركيا، فقد انجرت إسرائيل إلى معركة محتدمة وخطيرة مع أنقرة، بحيث هدد رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، بإطلاق الأسطول التركي ليرافق أساطيل الحرية المبحرة باتجاه قطاع غزة، في حين رد نتانياهو بزيارة إلى قاعدة لسلاح البحرية مع تغطية إعلامية. ومن جهة أخرى فإن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يقترح علنا أن تقدم إسرائيل المساعدة لحزب العمال الكردستاني ليكون ذلك مقابل "دعم تركيا لحركة حماس".
 
ويضيف أن "نتانياهو وليبرمان أبطال في وسائل الإعلام، ولكن عند الامتحان، وحين حاصر المتظاهرون الدبلوماسيين في السفارة في القاهرة، تبين أنه لا يوجد لإسرائيل أية رافعة تأثير مباشر على مصر، واضطر نتانياهو إلى طلب مساعدة "خصمه الأكبر" أوباما في تخليص موظفي السفارة، وتبين مرة أخرى أن إسرائيل لا تستطيع أن تتدبر أمورها بدون مساعدة الولايات المتحدة".
 
وبحسب الكاتب فإن نتانياهو يأمل الآن، وكبديل للأحلاف الضائعة مع تركيا ومصر، أن تتمكن إسرائيل من التقرب إلى السعودية ودول الخليج التي ترغب مثلها في صد موجات "الربيع العربي" والإبقاء على ما تبقى من النظام القديم كما هو. وفي الغرب يأمل نتانياهو أن يلتف على تركيا من خلال تعزيز العلاقات مع اليونان وبلغاريا ورومانيا.
 
ويخلص الكاتب إلى القول إن التسونامي السياسي الذي تنبأ به وزير الأمن إيهود باراك قد حصل قبل الإعلان المرتقب عن الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. وظلت إسرائيل معزولة مقابل إيران وتركيا ومصر، وهي الدول التي كانت حليفة لإسرائيل خلال فترات مختلفة في الماضي، في حين أن نتانياهو على قناعة بأن التقلبات في المنطقة هي قضاء وقدر، وأن إسرائيل لا تستطيع وليست بحاجة أن تفعل شيئا سوى المراوحة في المكان.
 
ويضيف أن إسرائيل لم تستطع منع صعود أردوغان وسقوط مبارك، مثلما لا تستطيع أن توقف البرنامج النووي الإيراني، كما أن أفول الدولة الأمريكية العظمى لم يحصل بذنب نتانياهو، ولكن الأخير لم يفعل شيئا لتخفيف تأثير كل ذلك. وبالنظر إلى النتيجة فإن وضع إسرائيل السياسي والإستراتيجي أسوأ بكثير في ظل قيادته.

التعليقات