محللون إسرائيليون يتساءلون عن سر فشل "الشاباك" أمام الإرهاب اليهودي

"تطبيق شعار الموت للعرب يعني الموت لليهود.. انزلاق الإرهاب اليهودي من الضفة إلى داخل الخط الأخضر سينقلب على اليهود.. الشاباك يتخوف من اعتقال إرهابيين يهود"..

محللون إسرائيليون يتساءلون عن سر فشل
فشل جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، في التعامل مع عصابات الإرهاب اليهودي، مقابل النجاحات التي يحققها هذا الجهاز أمام التنظيمات الفلسطينية والعربية، يثير الكثير من علامات السؤال، ليس لدى العرب فقط بل لدى اليهود أنفسهم، خاصة عندما تبدو الحقيقة عارية أمام الجميع، وتكشف ما لا يريدون الاعتراف به علانية، حول تساهل "الشاباك" الذي يصل حد التواطؤ مع عصابات المستوطنين حتى عندما تتحول إلى خلايا إرهابية منظمة.
 
قذارة العمليات الأخيرة، التي شملت إحراق مسجد في طوبا زنغرية، والاعتداء على مقابر مسيحية وإسلامية في يافا، هذه القذارة، دفعت بالعديد من الكتاب والصحفيين والمعلقين الإسرائيليين إلى التساؤل، حول تساهل "الشاباك" مع هذه العمليات الإرهابية وأسباب سكوته عنها، بموازاة رد الفعل السريع والعنيف، عندما يكون الأمر عكسيا. الكاتب يوسي ميلمان، كتب في هذا السياق، عن المعاملة اللطيفة التي يحظى بها المستوطن من "يتسهار" المتهم بإحراق مسجد طوبا زنغرية والذي لم يجر اعتقاله، أصلا، من قبل "الشاباك" كما يقول، وسمح له بالتقاء محاميه، الذي نصحه بعدم الإدلاء بأية معلومات، ولذلك لم ينجح "الشاباك" الذي لم يستخدم معه الأساليب المعروفة، لم ينجح حتى الآن بانتزاع أية اعترافات تربطه بالعملية الإرهابية.
 
بالمقابل يشير ميلمان، في مقال نشر في صحيفة "هآرتس"، اليوم الاثنين، إلى سرعة "الشاباك" في التحرك وجمع المعلومات التي أوصلت إلى اعتقال قاصرين فلسطينيين، بتهم إلقاء الحجارة على مركبة مستوطن، الأمر الذي تسبب بانقلاب المركبة ومقتله. ويورد كيف استخدم "الشاباك" في التحقيق معهما الأساليب المعهودة وانتزع منهما اعترافات ربطتهما بالعملية وأدانتهما بارتكابها.
 
هذا هو الفرق الكبير، يقول ميلمان، "الشاباك" ينجح مرة تلو الأخرى في إحباط وكشف عمليات "إرهابية"، من قبل فلسطينيين، من الضفة والقطاع ومن داخل الخط الأخضر ويفشل مرة تلو الأخرى، أيضا، أمام تنظيمات سرية يهودية وفي منع مجازر وعمليات إرهابية يهودية، علما أن المسجد في طوبا زنغرية كان الرابع، الذي يتم حرقه بعد مسجد إبطن ومسجدين آخرين، في الضفة الغربية، تبع ذلك انتهاك حرمة مقابر يافا، يقول ميلمان الذي يعتقد، أن من يفعل ذلك يسعى إلى إشعال حرب دينية.
 
ميلمان يرى أن القضية لا تتوقف عند "الشاباك"، ويورد ما كتبته مجلة "تايم" الأمريكية في أعقاب عملية محاولة اغتيال رؤساء البلديات في الضفة الغربية، من أن "الشاباك" يتخوف من اعتقال الإرهابيين اليهود، كي لا يغضب رئيس الحكومة، مناحيم بيغن، في حينه، ويقول إن منفذي المجازر ضد اليهود في روسيا في حينه كانوا يقولون إن القيصر معنا ومنفذي المجازر في إسرائيل يحظون بتساهل من قبل القضاة، الذين يستخفون بأعمالهم ويطلقون سراحهم أو يصدرون ضدهم أحكاما مخففة، ويتمتعون كذلك بتسامح الشرطة والجيش، ناهيك عن الصحافة الإسرائيلية، التي تاخذ قسطها بتبني رواية ومصطلحات المستوطنين، الذين يسمون أعمالهم الإرهابية "جباية الثمن"، فيبدو وكأن الحديث يدور عن منتج في بقالة، عوضا عن تسمية الأمور بمسمياتها، وإطلاق وصف الإرهاب على ما يفعله المستوطنون.
 
نفس الروح تبدت في مقال للصحفية ياعيل غفيرتس، نشرته "يديعوت أحرونوت" اليوم الاثنين، حيث تقول، إنها ليست جباية وليست ثمنا وليست أحذية، الحديث يدور عن مخربين يهود، وتضيف أن هؤلاء المجرمين مشعلي الحرائق وقاطعي الأشجار ومنتهكي المقابر يجب أن نريهم الموت، لأن استمرار هذه المجازر وتطبيق شعار"الموت للعرب" يعني الموت لليهود أو ما يسمونه بلغة الجيش موت برصاص قوات صديقة أو بلغة كرة القدم "هدف ذاتي".
 
غفيرتس، تطالب رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو بأن يقوم بالإعلان بجرأة عن هذه الأعمال كأعمال إرهابية، وأن يعطي توجيهات للأجهزة الأمنية بأن تتعامل معها ومع منفذيها على هذا الأساس. وتصف ما يحدث بالقنبلة الموقوتة التي تفوق خطورتها، على حد قولها، خطورة القنبلة النووية الإيرانية. وتقول إنه إذا كان الإسرائيليون قد اختاروا، بمن فيهم مؤيدو "العدل الاجتماعي"، حتى الآن غض النظر عن الظلم الذي يقع خارج الخط الأخضر، فإن الإرهاب اليهودي يعمل على إحضاره (الظلم) إلى عتبات بيوتنا، إذ أن إرهابهم هو عود الكبريت الذي سيحرقنا سوية، إذا لم نوضح لهم بشكل حازم رفضنا لممارساتهم.
 
وكتب رامي طال، في "يديعوت أحرونوت" أيضا، أن الإرهاب اليهودي الذي انطلق في إسرائيل بحرق مسجد طوبا زنغرية وانتهاك مقابر يافا مؤخرا، كان يرتع بحرية منذ سنوات في الضفة الغربية. ويشير إلى أن "الإرهاب اليهودي" هو الأكثر خطورة على دولة إسرائيل من أي أخطار أخرى، بما فيها خطر الإرهاب العربي، عالى حد تعبيره، وهو بذلك يكشف دون أن يدري، أن إسرائيل وأجهزة أمنها تسامحت وربما شجعت إرهاب المستوطنين، طالما كان محصورا داخل الضفة الغربية، ولكن انزلاقه إلى داخل إسرائيل، حتى لو كان ضد العرب، بداية، يعني أنه سينقلب على اليهود، أيضا وهو بمثابة تجاوز للخط الأحمر.

التعليقات