"تصريحات أمريكية لم تتوقع إسرائيل أفضل منها"

"الولايات المتحدة وإسرائيل تخشيان نجاح إيران في تطوير منشآت نووية تحت الأرض لتفاجئ العالم بدون أي سابق إنذار كما حصل في الهند وباكستان وكورية الشمالية"

كتب المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، اليوم الأربعاء، أن التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتين دمبسي، في مقابلات مع شبكات تلفزيونية أمريكية، تهدف أولا إلى خدمة الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، والرد على ادعاءات الجمهوريين ضده بشأن "الليونة"، المدعاة، التي يبديها تجاه إيران.
 
وفي الوقت نفسه، يشير إلى أنه بالرغم من ذلك فإن جوهر هذه التصريحات مهم جدا، فهي تؤكد أنه لا يوجد خلافات بشأن تقديرات الاستخبارات ذات الصلة بالتقدم في البرنامج النووي العسكري الإيراني بين إسرائيل والولايات المتحدة.
 
ويشير إلى أن الأجهزة الاستخبارية، الأمريكية والإسرائيلية، تعتقد أنه في اللحظة التي تقرر فيها القيادة الإيرانية إنتاج "منشأة نووية متفجرة" فهي تستطيع ذلك خلال سنة، وربما عشرة شهور. وإذا قررت إنتاج أسلحة نووية فإن ذلك يستغرق عاما. ولفت في هذا السياق إلى تصريحات بانيتا والتي جاء فيها أن إيران لم تقرر بعد إنتاج قنبلة نووية، ولكن في حال تم ذلك فإنه سيبدأ العد التنازلي.
 
كما يتناول الكاتب النقطة الثانية التي تحدث عنها وزير الدفاع الأمريكي وهي "قضية المنشآت السرية". وبحسبه ففي حال نجحت إيران في تطوير منشآت تحت الأرض لا تعلم بها إسرائيل والدول الغربية، فإنها ستكون قادرة على إنتاج قنبلة نووية، ولن يكون هناك أي سابق إنذار، مثلما حصل في الهند وباكستان وكورية الشمالية. ولفت في هذا السياق إلى أن بيونغ يانغ، العاصمة الكورية الشمالية، طورت مفاعلا لتخصيب اليورانيوم بدون أن تعلم الولايات المتحدة بذلك حتى قامت كورية الشمالية بتوجيه دعوة لعالم أمريكي لزيارة المفاعل السري والاطلاع على الإنجازات.
 
وأضاف الكاتب أن إسرائيل والولايات المتحدة تخشيان حصول أمر مماثل مع المفاعل الذي تقوم إيران ببنائه بالقرب من مدينة "قم"، في المنطقة المسماة "بوردو" التابعة لحرس الثورة. كما أن هناك مخاوف من قيام إيران بتركيب دوائر طرد مركزية حديثة هناك تتمكن بواسطتها من تخصيب اليورانيوم بدرجة عالية ليصبح مادة متفجرة بسرعة أكبر مما يمكن أن تحصل في مفاعل "نتنز". ويبقى الأهم هو أن المفاعل في بوردو تم حفره عميقا تحت الجبل ومن الصعب توجيه ضربات له، الأمر الذي يمنح إيران، بحسب الادعاءات الإسرائيلية، "حيز الحصانة".
 
ويضيف الكاتب أن المخاوف تصاعدت مؤخرا عندما أعلنت إيران أنها ستبدأ بتخصيب اليورانيوم إلى درجة 20% في مفاعل بوردو. ورغم أن اليورانيوم بهذه الدرجة من التخصيب لا يمكن استخدامه في القنبلة النووية، ولكن من يستطيع تخصيبه بهذا المستوى سيكون قادرا وبسهولة على رفع مستوى التخصيب إلى 90% خلال فترة زمنية ليست طويلة.
 
وبحسب بن يشاي فإن العنصر المشجع لإسرائيل هو إعلان الجنرال الأمريكي دمبسي أن "الولايات المتحدة تحاول زرع الثقة في وسط الإسرائيليين بأنها تدرك مخاوفهم وتتعاون معهم في معالجة القضية". ويستنتج الكاتب من هذا التصريح أن الجنرال يقصد القول إن تقديرات الأجهزة الاستخبارية للطرفين متماثلة، وأن الولايات المتحدة تقدر ما أسماه "خطورة التهديد".
 
ويركز الكاتب على جملة الجنرال "نحن نتعاون معكم"، والتي تعني، بحسبه، أن الولايات المتحدة لا تطالب إسرائيل بالتعاون، وإنما تقوم بذلك بنفسها، والإشارة هنا إلى المناورة الكبرى للدفاع من الصواريخ بمشاركة سفن الأسطول الأمريكي والتي ستجري قريبا أمام شواطئ البلاد.
 
ويولي المحلل العسكري للصحيفة أهمية كبيرة لتصريحات دمبسي بشأن الاستعدادات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة، وهو ما يعطي معنى عمليات لتصريحات الرئيس أوباما ووزير دفاعه بشأن "الخيارات على الطاولة".
 
وبحسبه فإن التغيير في الخط الأمريكي لا ينبع من الانتقادات التي أطلقها الجمهوريون ضد أوباما، ولكون أوباما بحاجة إلى الصوت اليهودي في الانتخابات القادمة، فحسب، وإنما لأن وزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك عرض عليه "نقطة كان قد فضل الأمريكيون تجاهلها".
 
ونقل الكاتب عن مصادر وصفها بـ"المطلعة"، قولها إنه على ما يبدو فإن باراك في حديثه مع أوباما، قبل عدة أيام، تمكن من توضيح أن التصريحات الأمريكية بشأن المخاطر العالمية المتوقعة كنتيجة للهجوم الإسرائيلي على إيران، ومعارضة الولايات المتحدة لذلك، تضعف الردع تجاه إيران، وتشجع النظام الإيراني على بذل المزيد من الجهود والإسراع نحو إنتاج القنبلة النووية بدون أية مخاوف. على حد قوله.
 
ويضيف أن باراك تمكن من إقناع أوباما بأن هناك تناقضا بين القول "كل الخيارات على الطاولة" وبين القول إن "الهجوم على إيران سيكون كارثة عالمية". ويعتقد الكاتب أن هذا هو السبب الذي دفع دمبسي إلى القول "إن المخاوف تكمن في أن تخطئ إيران تقديرها لتصميمنا، حيث أن كل تقدير خاطئ من الممكن أن يقود إلى مواجهات وعندها ستحصل كارثة للمنطقة وللعالم".
 
ويخلص بن يشاي إلى أن الجنرال دمبسي يريد القول بكلمات بسيطة "إننا ندرس الخيار العسكري بجدية رغم أن ضررها سيكون شديدا على الولايات المتحدة أيضا وعلى العالم". وبحسب الكاتب "لا يمكن توقع ما هو أفضل من ذلك".   

التعليقات