"نتانياهو في الطريق إلى كوسوفو"

دراسة جامعية تشير إلى خطوط تشابه مذهلة بين خطاب نتانياهو في الجمعية العامة وبين خطاب ميلوسوفيتش في العام 1989

تحت عنوان "نتانياهو في الطريق إلى كوسوفو" كتب عكيفا إلدار في صحيفة "هآرتس" اليوم، الاثنين، متناولا التشابه الكبير من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، وبين رئيس صربيا في سنوات التسعينيات سلوبودون ميلوسوفيتش.
 
وكتب أن توبيخ الدول الأوروبية، وتوصية وزارة الخارجية الإسرائيلية بألا تدس ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والبرتغال أنوفها في "الشؤون الداخلية" لإسرائيل، وأن يدعوها تدير الاحتلال كما تشاء، تبدو له معروفة بشكل يثير الهلع.
 
ويتابع أن الربط مع "الأمور الداخلية" يثير ذكريات تقشعر لها الأبدان، حيث أنه في سنوات التسعينيات رفض رئيس صربيا، سلوبودون ميلوسوفيتش، طلب أوروبا التوقف عن قمع الألبان في كوسوفو، وبعد ذلك رفض مطالبة حلف شمال الأطلسي بإخراج قواته من كوسوفو والتوقف عن تهجير الألبان، وغالبيتهم من المسلمين. وكان رد حلف الأطلسي القصف الجوي لأهداف عسكرية ومدنية في صربيا.
 
ويشير في السياق إلى أن صربيا واصلت رفض منح كوسوفو الاستقلال، وهددت بفرض عقوبات عليها وعلى الدول الداعمة لها. وفي العام 2008 اعترفت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا باستقلال كوسوفو، وانضمت الولايات المتحدة إلى الدول المركزية في أوروبا، وتلاها نحو 70 دولة أخرى. ويفصل الفيتو الروسي بين كوسوفو وبين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، علما أن إسرائييل لا تعترف بها، ولكن المحكمة الدولية في هاغ قررت أن إعلان الاستقلال لا يتناقض مع القانون الدولي، وأن قوات أوروبية خاصة تضمن السلام والنظام في كوسوفو.
 
ويتابع الكاتب أن إسرائيل مثل صربيا، فالسلطة تجند الرأي العام من خلال النظرة القومية، والإحساس بأن إسرائيل ضحية إضافة إلى عقلية الغيتو.
 
ولفت الكاتب في هذا السياق إلى دراسة أجرتها طالبة في الجامعة العبرية، في إطار فصل حول تسوية الصراعات، أشارت فيه إلى خطوط تشابه مذهلة بين خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي، وبين الخطاب الشهير الذي ألقاه ميلوسوفيتش في العام 1989 في ذكرى مرور 600 عام على "معركة كوسوفو" بين ملك صربيا وبين الإمبراطورية العثمانية. ورغم أن الصرب قد هزموا في المعركة، فإنهم يعتبرونها حدثا مؤسسا في التاريخ القومي الصربي.
 
ويتابع إلدار أن نتانياهو وميلوسوفيتش استخدما نماذج معروفة لعرض التواصل التاريخي بين ما يسمى بـ"الوطن التاريخي" وبين الواقع الجغرافي على الأرض المتنازع عليها. وأن كليهما شددا على معاناة الماضي وزرعا المخاوف من التهديدات التي يحملها المستقبل. كما أن كليهما استندا في موقفيهما إلى ما أسمياه بـ"الحقوق التاريخية" لشعبيهما، وتجاهلا الأماني القومية والجغرافية للشعب في الجوار. فقد أشار نتانياهو إلى "الإسلام الأصولي" كعدو لليهود وللأمريكيين وللغرب، في حين أن ميلوسوفيتش ذكّر بقيم أوروبا المسيحية مقابل تركيا العثمانية كخلفية للصراع في كوسوفو بين الصرب وبين السكان الألبان بغالبيتهم المسلمة.
 
ويحاول الكاتب أن ينفي صفة "مجرم حرب" عن نتانياهو، إلا أنه يستدرك بالقول إن التشابه الكبير بين رؤيته ورؤية ميلوسوفيتش بكل ما يتصل بالصراع يستدعي استخلاص العبر من الصراع في كوسوفو. ويضيف أن استخلاص العبر لا يقتضي أن يكون "انهزاميا إسرائيليا"، حيث أنه قبل 12 عاما كتب رئيس المجلس للأمن القومي يعكوف عميدرور، الذي أشغل في حينه ضابط الكلية للأمن القومي، في مقال له نشر في "معرخوت" أن الدول الصغرى مثل إسرائيل يجب أن تتعلم من دروس تلك الحرب، فـ"هذه الحرب تشير إلى مسار واضح تتحدد فيه توجهات جديدة مرتبطة بالعلاقات بين العالم وبين الدول التي ينظر إليها على أنها تمس بالأخلاق والتقاليد الدولية".
 
ويشير الكاتب إلى أن عميدرور، الذي وصفه بأنه "رجل الصهيونية الدينية القومية"، كتب أن "المغزى من أحداث كوسوفو واضح، من يخرق الإجماع الدولي، حتى داخل منطقته السيادية، يجب أن يأخذ بالحسبان التدخل الدولي، وخاصة إذا داس على أعصاب حساسة في الإدارة الأمريكية".
 
كما يشير عكيفا إلدار إلى أن عميدرور، الذي عينه نتانياهو رئيسا للهيئة للأمن القومي، اقترح أن تأخذ إسرائيل بالحسبان الرأي العام الدولي. ويضيف "من المهم حقا ما تفعله إسرائيل، ولكن يجب عدم تجاهل ما تقوله وتفعله الدول في العالم".
 
ويخلص الكاتب إلى القول بأنه "تمهيدا للمداولات بشأن ترخيص البؤر الاستيطانية، وقبل الهجوم التالي على أوروبا، يجب أن يضع المستشار الكبير، عميدرور، مقالته، على طاولة الحكومة".

التعليقات