"شطب النائبة حنين زعبي يعني نهاية الديمقراطية الإسرائيلية"

"سيتركنا العرب لوحدنا، وسيكون ذلك نهاية الديمقراطية الإسرائيلية.. وحتى لو لم يحصل هذا السيناريو فإن مجرد تجند غالبية الجهاز السياسي اليهودي لشطب قوائم ومرشحين عرب يقوض أسس ديمقراطيتنا"..

كتب البروفيسور مردخاي كرمنتسر* في موقع "واللا" الإلكتروني باللغة العبرية، مقالة تحت عنوان "شطب النائبة حنين زعبي يعني نهاية الديمقراطية الإسرائيلية":

"النائبة حنين زعبي إنسان يحب الجمهور اليهودي أن يكرهها. سلسلة الشتائم المهينة (المهينة لمن يطلقها) التي تلقتها في الكنيست تثبت ذلك بوضوح. ومن الجائز الافتراض بأن ذلك ليس بمعزل عن كونها امرأة. فتخيل عربي غير خنوع هو تصور خطير، في حين أن عربية استفزازية هي حقا لا تطاق.

حنين زعبي لم تكن مرتبطة بأي شكل بالهجوم على جنود الجيش الإسرائيلي على متن سفينة "مرمرة". ولو كان هناك علاقة كهذه لتمّ تقديم لائحة اتهام جنائية ضدها، ولكن الحقيقة هي أن المستشار القضائي للحكومة لم يقم باتخاذ هذه الخطوة ضدها. لم يكن على متن سفينة "مرمرة" أي عتاد للقتال، ولذلك يمكن النظر إلى الإبحار على متنها على أنه عملية احتجاج سياسي ضد سياسة الحصار التي فرضتها إسرائيل على قطاع غزة.  هذا الحديث هو عن عملية احتجاج غير عادية ومتطرفة ومثيرة للغضب، بمن فيهم أنا أيضا. ولكن عندما يهدأ الغضب علينا الاعتراف بأن عملية الاحتجاج هذه يجب أن تكون محتملة في دولة ديمقراطية ملتزمة بحرية التعبير.

يجب أن نتذكر أيضا أن سياسة الحصار التي اتخذتها إسرائيل، وخاصة عند الحديث عن إدخال بضائع لا تمس بأمن إسرائيل، هي موضع خلاف وغير مقبولة على المجتمع الدولي. وإزاء إصرار إسرائيل على سياستها يتسع حيز التساهل بالنسبة لوسائل احتجاج عادية، حيث أنه نتيجة ما حصل على سفينة "مرمرة"، أعلنت إسرائيل عن تغيير في سياستها، وهو ما يعني أنه مقابل العناد فمن الممكن اللجوء إلى طرق لم يكن ممكنا اللجوء إليها مقابل عناد أقل.

ليس من الصعب إدراك أنه بدون مستوى معين من النضال فلا يوجد أي محفز للطرف القوي لتغيير الوضع، وفقط من يرى في الفلسطينيين أناسا دونيين يتوقع منهم أن يتعايشوا بهدوء مع مرارة مصيرهم. والقصد ليس شرعنة التعابير الصريحة بدعم الكفاح المسلح، والتي هي ممنوعة بحسب القانون، ولكن هناك مسافة كبيرة بين هذه الحالة وبين شطب مرشح بسبب تصريحات معدودة لا تصل مجال الممنوع قانونيا.

من المؤكد أن الموضوعية ليست بالضرورة متوفرة لدى الجهاز السياسي بهذه القضية. والمشاعر الشعبية المعادية للعرب والتي تعززت مؤخرا، والعدائية تجاه حنين زعبي من الممكن أن تؤدي لشطبها. ومن الممكن النظر إلى هذه الخطوة على أنها معتدلة مقارنة بالمطالبة المتطرفة بشطب قائمتين عربيتين.

مثل هذه العملية قد تضع حدا للديمقراطية الإسرائيلية. والموقف السائد لدينا هو أن الديمقراطية هي سلطة الأكثرية، ولكن هذا الموقف مبتذل. لقد شرح هانس كلسن بشكل جيد قوة الأقلية في الديمقراطية. ففي الواقع فإن الأقلية لديها قوة "الفيتو" على النظام، وقوة الأقلية تتجلى في قدرتها على سحب نفسها إلى خارج المعركة السياسية – الديمقراطية، قوتها في عدم مشاركتها، ومن الممكن أن تمارس هذه القوة عندما يبلغ السيل الزبى.

شطب النائبة حنين زعبي سوف يدفع التجمع الوطني الديمقراطي إلى مقاطعة الانتخابات والدعوة إلى المقاطعة. ومثل هذه الدعوة ستلقى آذانا صاغية في ظل الأرضية المشحونة  في نظرة الأقلية العربية إلى الدولة اليهودية، وخاصة في السنوات الأخيرة التي تحولت فيها الأقلية العربية إلى هدف للهجمات العنصرية وغيرها، في داخل الكنيست وخارجها. وليس من المستبعد أن يؤدي ذلك إلى مقاطعة عربية واسعة للانتخابات. سيتركنا العرب لوحدنا، وسيكون ذلك نهاية الديمقراطية الإسرائيلية، وعندها حتى خطاب رئيس الحكومة نتانياهو عن كوننا "نور الديمقراطية للأغيار" لن يجدي. وحتى لو لم يحصل هذا السيناريو فإن مجرد تجند غالبية الجهاز السياسي اليهودي لشطب قوائم ومرشحين عرب يقوض أسس ديمقراطيتنا."

* الكاتب يشغل منصب نائب رئيس للأبحاث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وبروفيسور فخري في كلية الحقوق في الجامعة العبرية في القدس، وعميد الكلية سابقا.

التعليقات