الصحف الإسرائيلية: الأزمة مع الولايات المتحدة لا تزال في أوجها

وأبرزت الصحف الإسرائيلية في هذا السياق، اللقاء "الخاطف" الذي جمع الجمعة بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، برئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو في مطار اللد وانتهى بإلغاء التقاط صورة مشتركة للاثنين، بعد أن أعلن نتنياهو قبيل بدء اللقاء أن أي اتفاق مع إيران لن يكون ملزما لإسرائيل.

الصحف الإسرائيلية: الأزمة مع الولايات المتحدة لا تزال في أوجها


نضال محمد وتد- ركزت الصحف الإسرائيلية وكتاب الأعمدة فيها صباح اليوم الأحد على الجوانب المختلفة للاتفاق المتوقع إبرامه بين إيران والدول الغربية، وتداعيات ذلك على العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة في ظل ما وصفه مسؤلون إسرائيليون كبار بأنه "فقدان للبوصلة" لدى إدارة أوباما في كل ما يتعلق بالرغبة الجامحة لديه للتوصل إلى اتفاق مع إيران مهما كان الثمن.

وأبرزت الصحف الإسرائيلية في هذا السياق، اللقاء "الخاطف" الذي جمع الجمعة بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، برئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو في مطار اللد وانتهى بإلغاء التقاط صورة مشتركة للاثنين، بعد أن أعلن نتنياهو قبيل بدء اللقاء أن أي اتفاق مع إيران لن يكون ملزما لإسرائيل.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر صباح اليوم إن إسرائيل أدارت في نهاية الأسبوع، حربا يائسة لوقف ومنع التوصل لاتفاق بين إيران ودول الغرب، عبر اتصالات ماراتونية مع وزراء خارجية الدول الأوروبية في جنيف لحثهم على رفض شروط الاتفاق كما رشحت من جلسات الحوار بين إيران والدول الغربية.
وبحسب يديعوت أحرونوت فإن الدراما الدبلوماسية التي وصلت أوجها في اللقاء بين كيري ونتنياهو الجمعة، واصلت صعودها عندما وصلت لإسرائيل تفاصيل الاتفاق المزمع التوقيع عليه مع إيران مما خلف مشاعر "سيئة للغاية" عند المسئولين  الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة قد تخلت عن مصالح إسرائيل، بعد أن وعدت بتقديم تسهيلات خفيفة لإيران لكنها وافقت في جنيف على تقديم تسهيلات جوهرية من شأنها أن تقضي كلها على منظومة العقوبات المفروضة على إيران.

ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي ، وصفته بأنه رفيع المستوى قوله:" لقد تلقينا قبل ثلاثة أيام تطمينات بأن الحديث يدور عن اتفاق ينص على تحرير 3 مليارات دولار من أموال إيران، وقد عارضنا ذلك لأننا عرفنا أن ذلك يعني ثغرة لأنك ماأن تفتح الباب حتى تنهار كل منظومة العقوبات، إلا أنه اتضح لنا في نهاية الأسبوع  أن الصفقة المطروحة على طاولة البحث أكبر من ذلك بكثير وتشمل أيضا تسهيلات في مجال التجارة بالذهب والبترو- كيماويات والمعادن وعندها انفجرنا".

وبحسب يديعوت عندها قررت إسرائيل قبول التحدي وشن هجوم إعلامي شديد اللهجة ضد الاتفاق المتوقع. فقد "فقد الأمريكيون من شدة حماسهم للتوصل إلى اتفاق، البوصلة".. بعد ذلك توالت الاتصالات الإسرائيلية للوزراء ألأوروبيين في جنيف، وعلى أثر هذه الاتصالات هاتف أوباما نتنياهو محاولا تهدئته ولكن بلا فائدة".

ومثل هذه السردية التي أوردتها يديعوت أحرونوت وانتهت بالأنباء التي وصلت إسرائيل، بعد الموقف الفرنسي المعارض للاتفاق بشكله الحالي، وزرع "الأمل" من جديد بأنه : لا يزال هناك احتمال بعدم التوقيع على اتفاق"، نجد سردية مشابهة أيضا، في صحيفة هآرتس،  في نقل وقائع تطور الأزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، بزيادة تصريحات لوزير الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، جاء فيه إن الولايات المتحدة لم تكن في واقع الحال صريحة وصادقة في عرض حقيقة الموقف على إسرائيل,وأن ما عرض على إسرائيل خلال الاتصالات المكثفة الأخيرة، يختلف عن جوهر الاتفاق الذي عرض على إيران في جنيف.

وبطبيعة الحال توقفت هآرتس عند حقيقة كون فرنسا، كما ظهر خلال مداولات الجمعة، في جنيف، الأقرب إلى الموقف الإسرائيلي، وهي التي أحبطت في نهاية المطاف التوقيع على الاتفاق، وأشارت إلى الاتصالات المكثفة بين فرنسا وإسرائيل في الأيام الماضية، إلا أن الصحف أشارت إلى أن الموقف الفرنسي نابع من رغبة باريس ،تأسيس علاقات تحالف جديدة مع العربية السعودية، التي تبدي هي الأخرى غضبها الشديد من الموقف الأمريكي، وأن فرنسا تطمع بعقود لصفقات أسلحة تبيعها للسعودية، وامتيازات اقتصادية في سوق النفط السعودي.

ومقابل التشابه في سرد تطورات الأحداث في نهاية الأسبوع وصولا إلى الغضب الإسرائيلي على الولايات المتحدة، فإن كتاب الأعمدة والمقالات في الصحف الإسرائيلية، شددوا في مقالاتهم اليوم على "عجز" نتنياهو عن قراءة الواقع وتحقيق الهدف المنشود. فقد خلص ناحوم برنيع، رغم خلافه الفكري مع نتنياهو إلى القول في مقالته اليوم، إن نتيناهو يبدو اليوم كدون كيشوت الأسطوري، رجل مفعم بالنشاط والدوافع الداخلية لمحاربة الشر والأعداء، لدرجة تجعله يحارب الأعداء الحقيقيين والوهميين، تماما مثل دون كيشوت الأسطوري الذي انتهى به الحال يحارب طواحين الهواء.

وقال برنيع:" لقد كان مشروع تفكيك الذرة الإيرانية بالقوة، الراية التي رفعها نتنياهو وعاد بواسطتها إلى ديوان رئاسة الحكومة. كان هذا هو حلمه، ومشروعه الذي استثمر فيه مليارات الشواقل من ميزانية الدولة ، وهو ما فسر به إهماله للقضايا الأخرى، والآن حان وقت طي هذه الراية، فقد يستغرق الوصول إلى اتفاق مع إيران بعض الوقت والعمل، لكنه الاتجاه العام بات واضحا".

"لقد رغب نتنياهو كثيرا أن يكون وينستون تشترشل القرن الحادي والعشرين (على غرار الزعيم البريطاني، الذي كان الوحيد بين قادة أوربا الغربية ، الذي حذر من مخاطر الرايخ الألماني تحت قيادة هتلر)، إلا أنه ولشدة رغبته هذه فإنه قد يجد نفسه وقد أصبح دون كيشوت، ذلك الفارس الحزين ،المفعم بروح القتال، الذي يهاجم أعدائه الحقيقيين والوهميين، المنقطع عن الواقع، والمثير للشفقة... هذا يلزمنا بتكرار الأغنية : دون كيشوت بات بمقدورك أن تستريح". 

ومع أن برنيع يشير بكثير من الدقة إلى الحلف  الفرنسي السعودي الحالي، إلا أنه يقول إن هذا الحلف لن يقف إلى جانب إسرائيل ولن ينقذها في أيام الشدة،  لكن مع ذلك فإن وجود هذا الحلف جيد فهو يثبت أن إسرائيل ليست معزولة ولا وحيدة في معارضة إيران".

إلا أن برنيع يواصل على منوال مصير البطل الأدبي، دون كيشة ليقول إن أحدا لا يعرف اليوم ما الذي يريده نتنياهو، ولا ما إذا كانت اعتبارات نتنياهو عقلانية، وهل " استحوذ الخوف من إيران على تفكيره العقلاني، ألا يمس هذاالأمر بمصالح إسرائيل الحيوية، فإسرائيل لن تجرؤ على قصف إيران في أوج عملية تفاوضية، ولم تعد تهديدات نتنياهو تثير انطباع الأمريكيين، وهي موجهة أساسا لهم.

أما المحلل العسكري في الصحيفة، أليكس فيشمان فاعتبر أن تطور الأحداث في الأيام الأخيرة أثبت لإسرائيل أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد ملزمة بتبني الموقف الإسرائيلي وأنها قد تتخذ موقفا  مؤيدا للاتفاق مع إيران خلاف للموقف الإسرائيلي. وقد أدركت إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي أنها تلقت من الولايات المتحدة صفعة مدوية.

وفي الجانب السياسي، ذهب المحلل السياسي للصحيفة، شمعون شيفر إلى القول إنه في حال تم التوصل إلى اتفاق مع إيران، فلن يكون عندها أي معنى أو مدلول لتصريحات نتنياهو بأن إسرائيل غير ملزمة بالاتفاق، فخيار واحتمال توجيه ضربة لإيران بعد هذا الاتفاق لن يكون قائما بعد.  ويلفت شيفر في سياق مقالته الأنظار إلى أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال التعويل على التوجه للكونغرس، واستمالته لصالح إسرائيل ضد الرئيس الأمريكي، لأن التجربة أثبتت أن أي توجه للكونغرس في هذا الاتجاه لن يواجه إلا بالرفض، تماما كما كان الحال عندما سعت إسرائيل في أوساط الثمانينات إلى إقناع الكونغرس الأمريكي بوقف ومنع صفقة طائرات الأيواكس للعربية السعودية، أو عندما حاولت إسرائيل بيع طائرات الفالكون الأمريكية الصنع للصين. ففي مثل هذه القضايا الخارجية فإن الكونغرس الأمريكي، يقول شيقر، يميل دائما إلى مساندة البيت الأبيض بغض النظر عن هوية الرئيس. 

التعليقات