"هآرتس": نتنياهو يقترب من نقطة اللاعودة التي وصل اليها سلفه شارون

والجواب الذي سيصدر عن رئيس حكومة اسرائيل في غضون بضعة اسابيع سيقرر ما اذا كان سيتحرك نحو خطوة تاريخية، مثل شارون، او نحو مناورات تهربية والاعيب لكسب الوقت، على طريقة نتنياهو".


اعتبر المحلل في صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، باراك رافيد، مجرد موافقة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على محادثات على اساس اتفاق اطار مع الفلسطينيين، حتى لو لم يوقع عليه، تعني السير على طريق لا رجعة منه، مشيراً الى اقتراح وزير الخارجية الاميركي جون كيري الموجود حاليا في المنطقة اجراء محادثات بين الفلسطينيين واسرائيل على اساس اتفاق من هذا النوع.

وكان وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، قد هبط في اسرائيل الخميس للمرة العاشرة في اقل من سنة. وبعد وقت قصير، اوضح ما صار اكثر جلاءً على مدى الشهر الماضي – وهو انه سيتعين على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان يتخذا قرارات ستقرر ما اذا كانت عملية السلام على حافة اختراق تاريخي او على الطريق نحو الفشل وانفجار خطير.

و"الاتفاق الاطاري" الذي يتحدث عنه الوزير (الاميركي) هو في الواقع الخطوط العريضة لاتفاق السلام المستقبلي. وهو يعرِف المبادىء التي ستتقرر وفقا لها اكثر المواضيع حساسية – حدود 1967، والترتيبات الأمنية في غور الاردن، وقضية اللاجئين وتقسيم القدس.

ويقول المحلل في صحيفة "هارتس"، انه حتى لو لم يوقع نتنياهو على الوثيقة الاميركية، وحتى لو قدم اعتراضات، وحتى اذا لم يتغير شيء على الارض في اليوم التالي، فان استعداد اسرائيل للدخول في محادثات مكثفة على اساس "اتفاق اطاري" سيعني الشروع في السير على طريق لا رجعة منه.

لقد تمكن كيري بجهد ضخم وتصميم لا سابقة له تقريباً من جلب نتنياهو وعباس – الزعيمين اللذين لا يصدق اي منهما كلمة يقولها الآخر – الى عملية دبلوماسية مهمة. ولم يحسب هذان الرجلان، اللذان لا يريدان سوى لوم الجانب الآخر على الفشل، انهما سيبلغان هذه النقطة.
وكان رئيس الوزراء (الاسرائيلي) السابق ارييل شارون سيستخدم تعبيراً من عالم مزارع الماشية، على حد تعبير رابيد، ليقول ان كيري قد زَرَبَ نتنياهو وعباس على الدرب الضيق الذي تقاد المواشي عبره نحو الذبح. ومن اللحظة التي تمر فيها عبر الاعمدة المعدنية، لا يمكنها سوى التحرك الى الامام. وحتى اذا حاولت غرس حوافرها في الارض، فان مصيرها يكون محتوماً.

ولكن كيري ليس جزاراً. فقد حمى نتنياهو وعباس خلال هذه العملية من خلال احاديث شخصية خاصة، ومكالمات هاتفية في الليل وقدر كبير من الثناء والدعم. وهو لا يتركهما وشأنهما لمدة دقيقة. انه يواصل الالحاح عليهما. واينما ينظران، فانه يكون هناك. واذا نسيا وجوده، فسيذكرهما.

ان استراتيجية كيري ليست مجابهة نتنياهو وعباس، وانما قتلهما بلطفه، وفق تعبير المحلل الاسرائيلي. ورغم انهما يصابان  بطفح جلدي وبصداع عندما يفكران بمحتويات "الاتفاق الاطاري" الذي يحمله كيري وفي القرارات التي سيتعين عليهما اتخاذها. لكنهما يفهمان ايضاً ان كلفة قول لا لكيري قد تكون اعظم بكثير من قول نعم.

كيري من جهته اختار ان يفتتح كلمته القصيرة في بداية اجتماعه مع نتنياهو، بالاشارة تحديداً الى احد اكبر منافسي نتنياهو – ارييل شارون، قائلا "ان قلبي مع عائلة شارون ونحن نتذكر مساهماته والتضحيات التي قدمها لضمان بقاء اسرائيل وازدهارها".

وابرز تعاطف كيري المذكور حقيقة ان نتنياهو قد اختار عمداً ان يتجاهل التدهو في حالة شارون الصحية. الذي لا يكره شيئا اكثر من المقارنات بينه وبين شارون. لا ترجح غالبا لصالح  نتنياهو.

وتشير "هارتس" في ختام تحليلها الى مقارنة واحدة لا يمكن لنتنياهو الهرب منها. لقد وصل الى النقطة وصلها شارون عشية قراره فك الارتباط مع غزة. فالضغط الدولي يتزايد، وكلفة الاحتلال اصبحت لا تطاق دوليا، والتململ في "الليكود" ينذر بالتحول الى تمرد، والجواب الذي سيصدر عن  رئيس حكومة اسرائيل في غضون بضعة اسابيع سيقرر ما اذا كان سيتحرك نحو خطوة تاريخية، مثل شارون، او نحو مناورات تهربية والاعيب لكسب الوقت، على طريقة نتنياهو".


 

التعليقات