«هآرتس»: نحن في واد والبابا في واد آخر

مع اقتراب زيارة البابا فرنسيس إلى الأراضي المقدسة، يتزايد انشغال الإعلام العبري بها، وفي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لاستثمار الزيارة سياسيا، تتزايد موجة التحريض ضدها في الأوساط اليمينية وتتزايد الخشية من

«هآرتس»:  نحن في واد والبابا في واد آخر

مع اقتراب زيارة البابا فرنسيس إلى الأراضي المقدسة، يتزايد انشغال الإعلام العبري بها، وفي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لاستثمار الزيارة سياسيا، تتزايد موجة التحريض ضدها في الأوساط اليمينية وتتزايد الخشية من عمليات تخريب تستهدف الزيارة. ونشرت صحيفة «هآرتس» اليوم تقريرا اعتبرت فيه أن القضايا المتعلقة بالزيارة التي يتناولها الإسرائيليون لا تشغل حيزا مهما من جولة البابا، أي أن اهتمامات الإسرائيليين في واد واهتمامات البابا في واد آخر.

واستعرضت  الصحيفة الزيارات السابقة لرؤساء الفاتيكان، وتاثيرها ونتائجها، واصفة زيارة  البابا يوحنا بولس الثاني التي أجراها في آذار (مارس) عام 2000  بأنها الأنجح بالنسبة لإسرائيل. وتنوه إلى أن القضايا المتعلقة بالزيارة التي يتناولها الإسرائيليون لا تشكل جزءا مهما من جولة البابا، وتقول: "بخلاف الانطباع الذي يمكن أن توحيه تقارير الصحافة الإسرائيلية مؤخرا، فإن إسرائيل والمحرقة  والفلسطينيين، وحتى الصراع الدائرعلى غرفة العشاء الأخير في القدس، لا تشكل   أهمية خاصة في جولة البابا فرنسيس الأول، الذي سيزور البلاد بعد اسبوعين".

وتضيف: "تكفي نظرة واحدة على البيانات والإعلانات والبوسترات الرسمية للفاتيكان لندرك أن إسرائيل والشرق الأوسط  هما الجزء الأقل أهمية في الزيارة".

وتتابع:  "لا تعتبر الزيارة حملة صليبية من أجل أداء الحج، ولا حملة سياسية. وحتى أن اللقاء مع مسيحيي الأرض المقدسة دُفع إلى زاوية بعيدة، حيث تولي البيانات والبوسترات الأهمية الكبرى للقاء والمصافحة المرتقبة بين رئيس الكنيسة الغربية الكاثوليكية والتي مركزها روما،  وبين رئيس الكنيسة الشرقية الارثوذكسية والتي مركزها القسطنطينية، حيث ستكون تلك المصافحة لحظة الذروة في جولة البابا".

 وتورد الصحيفة ملخصا للزيارات السابقة الثلاثة لرؤساء الفاتيكان، وتقول إن  «الزيارة الأولى أجراها البابا بولس السادس لإسرائيل عام 1964، وسجلت كفشل ديبلوماسي لإسرائيل وكانت مليئة باللحظات المربكة".

وتضيف:" مراسم الاستقبال الرسمي التي أجريت في تلة مجيدو، لا في القدس، استمرت 20 دقيقة فقط، ورفض كبير الحاخامات يتسحاك نسيم المشاركة في الاستقبال وكانت خطابات الضيف والمضيفين بمثابة جدل حول حق اليهود في البلاد".

وتتابع: "وصلت الأمور إلى الذروة  حين وصلت برقية الشكر من البابا والتي أرسلها من طائرته  خلال طريق العودة، فقد وجهها لـ «رئيس تل أبيب»، ولم يذكر فيها كلمة "إسرائيل" في اي سياق، تماما كما كان في الزيارة". إذ لم يكن الفاتيكان قد اعترف باسرائيل رسميّا.

ويقول د. أمنون رامون: "كانت إسرائيل تأمل بأن تشكل الزيارة مدخلا للعلاقات مع الفاتيكان، لكن هذا الأمل لم يتحقق، بل لم يحقق أي تقدم".  ويضيف: "لكن يمكننا أن نعتبر أن الزيارة كانت بمثابة إقرار من الفاتيكان بأن إسرائيل ليست ظاهرة عابرة".

وعن الزيارة الثانية، تقول الصحيفة: " جرت الزيارة الثانية للبابا بعد 36 سنة من الزيارة الأولى، وكانت مختلفة بشكل كبير. فزيارة يوحن بولس الثاني للبلاد في آذار (مارس) عام 2000 كانت ناجحة  إلى حد كبير نسبة إلى باقي الزيارات. فقد كانت إسرائيل في إحدى فترات الازدهار من ناحية مكانتها الدولية، حيث كانت قبل انهيار المفاوضات مع الفلسطينيين واندلاع الانتفاضة الثانية بحوالي ستة شهور".

وتضيف: " كان البابا يوحنا بولس الثاني مسنا ومريضا، واستقبل بمراسم رسمية وبترحيب كبير، واتخذت الزيارة طابعا رمزيا  بوصفها أحدثت تغييرا عميقا في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان".

الزيارة الثالثة، تضيف الصحيفة، "أجراها بندكتوس السادس عشر عام 2009 ـ وكانت فاترة". وتضيف: "أصول البابا الألمانية رفعت مستوى التوقعات بشأن تعاطيه مع المحرقة والدور الذي لعبه الفاتيكان في تلك الفترة. لكن زيارته لمتحف "ياد فاشيم"  تركت طعما مرا بعد الانتقادات التي وجهت للبابا لعدم إتيانه على ذكر كلمة محرقة".

وقال رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين حينها: "ما خشينا حصل،  لقد أتينا لا لنسمع  سرديات تاريخية فحسب، جئت كيهودي يريد سماع  اعتذار ممن تسببوا بكارثتنا بمن فيهم الألمان والكنيسة، لكن للأسف لم أستمع لشيء من هذا القبيل".

ويقول د. رامون عن هذه الزيارة إنها تعرضت لـ«عدم إنصاف» ولم يكن أي مجال ليخرج منها البابا بسلام. ألقى في «ياد فاشيم» خطابا مهما للغاية ومتعدد الجوانب، لكن لا أحد تحلى  بالصبر لفهم ما قاله".

ويقول:  إن زيارات رؤساء الكنيسة  الغربية هي كعباد الشمس بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي. مضيفا "ويصح ذلك على الزيارة المرتقبة للبابا بعد أسبوعين، فقد رفعت الزيارة مستوى العنف ضد المسيحيين وضد مؤسسات مسيحية في القدس،  وتتفشى في مواقع الانترنت  نظرية المؤامرة  بشأن سيطرة الفاتيكان على  جبل صهيون وقبر داوود".

وتضيف الصحيفة: "إن مصدر تلك الإشاعات هو الاتفاق الذي قيد البحث بين إسرائيل والفاتيكان، والذي بموجبه  تتسع حقوق الكاثوليك في الصلاة  في غرفة العشاء الأخير المقامة فوق قبر دوود في جبل صهيون".

ويقول الأب دافيد نوياهوز، عضو مجلس الكاردينالات الكاثوليك في البلاد: "إن التحريض بدأ من  جهات متطرفة  أهدافها معروفة، لكننا نسمع اليوم  بأن وجود المسيحيين في غرفة العشاء الأخير يعتبر أمرا محرما"، وذلك يشير إلى أن خلف التصريحات المتطرفة  يقف مطلب بسيط: أيها المسيحيون لا تأتوا لهنا".

 

التعليقات