رئيسا "أمان" سابقان: رأيان متناقضان حول حماس

رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق، شلومو غازيت، يدعو للتحدث مع حماس، وخلفه عاموس يدلين، يدعو إلى القضاء عليها

رئيسا

نشر رئيسان سابقان لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، هما شلومو غازيت وعاموس يدلين، مقالان في صحيفتين، اليوم الخميس، وبرز خلالهما التناقض في وجهتي نظريهما. ودعا الأول إلى التحدث مع حماس فيما دعا الثاني إلى توجيه ضربة إلى حماس.

وكتب غازيت، في صحيفة "هآرتس": "أريد التطرق إلى جانب واحد من الحرب، الذي فاجأني أنا على الأقل: الجانب الثاني، العدو، حركة حماس. لقد أدركت، أنه في إطار ’الجرف الصامد’ إسرائيل لا تحارب ’مخربين إرهابيين’، وإنما دولة عدو. وهذه دولة نجحت في إقامة جيش كبير ومنظم جيدا، وهو جيش له هيئة أركان عامة وسيطرة مركزية فعالة وقيادة عسكرية، ويعرف لأي حرب يتعين عليه أن يستعد وعرف كيف يستعد لها طوال سنين. وقد فعل ذلك بمجهود تنظيمي هائل، وبأفضل قدرة، وكل هذا تم طبعا ضمن القيود الموضوعية للظروف الصعبة في قطاع غزة".

وعدد غازيت ما وصفه بـ"الانجازات المركزية" لحماس وهي: تجنيد دعم كافة شرائح الشعب والمجتمع في غزة، إقامة شبكة الأنفاق، تخزين وبناء ترسانة كبيرة للغاية من الصواريخ القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى، التخطيط والمبادرة إلى عمليات هجومية بواسطة الأنفاق، التخطيط والمبادرة إلى غزوات عن طريق البحر، تفعيل طائرات بدون طيار لأهداف هجومية رغم بدائيتها، ويرافق كل هذا خطة عمل واسعة ومنسقة جيدا في المجال السياسي ومجال الحرب النفسية وهم ينجحون في السيطرة المركزية الناجعة رغم الظروف العسكرية الصعبة.

وأضاف غازيت أنه "يصعب على الأذن الإسرائيلية سماع هذا، ويصعب أكثر الموافقة على ذلك. لكن علينا أن نفهم ونذوّت أنه يقف أمامنا عدو مختلف عما عهدناه وعلينا التأقلم لصورة وضع جديدة. وستكون لذلك انعكاسات ليس في المجال العسكري فقط، وإنما قد تكون لذلك انعكاسات سياسية أيضا".

وتابع غازيت أنه لا يوجد أساس، اليوم، يسمح بدخول إسرائيل إلى مفاوضات سلام مع حماس لأن "غايتها القضاء على إسرائيل. ورأى أن الاحتمال الوحيد، حاليا، هو التوصل إلى تهدئة وهدنة طويلة الأمد ولاتفاق وقف إطلاق نار "وهذه هي الغاية لدى كلا الجانبين".

وأردف غازيت: "صحيح أنه من أجل التوصل إلى ذلك ستكون هناك حاجة للتحدث مع حماس. ولكن ينبغي أن نتذكر أن إسرائيل رفضت طوال سنوات عقد أي لقاء وإجراء أية محادثة وحوار مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، لأنه كانت هناك دعوة مشابهة في ميثاق المنظمة أيضا للقضاء على إسرائيل".

ورأى غازيت أن الظروف تتغير والواقع ليس جامدا، وأن "انعكاسات وجود ’دولة حماس’ ليست فقط سلبية وخطيرة بالضرورة... وعلينا أن نفهم ونذوّت أنه يوجد حاكم قوي في الجانب الآخر. وهذا يعني أنه يوجد عنوان وثمة من يمكن التوصل معه إلى اتفاق يمكن أن يصمد طويلا".

وختم غازيت مقاله بأن "استخدامنا لتسمية ’مخربين’ و’إرهابيين’ يضللنا ويمنعنا من أن نرى ونفهم، ما الذي يتغير ويتطور أمام أعيننا".

"إعادة جهات معتدلة إلى غزة"

من جانبه، رأى يدلين، الذي يرأس "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، أن إسرائيل وحماس موجودتان الآن في وضع أسماه "تعادل إستراتيجي غير تناسبي". وأضاف أنه "على الرغم من أن إسرائيل حيّدت قدرات حماس المركزية التي بنتها ضدها، الصواريخ والأنفاق، وجبت ثمنا باهظا منها، لكن حماس صمدت، وتواصل وتيرة إطلاق الصواريخ نفسها على إسرائيل، وأضرّت بالطيران المدني القادم إلى إسرائيل وليست مستعدة لتليين شروطها من أجل التوصل إلى تسوية (وقف إطلاق نار)".

وتابع يدلين أنه "بسبب الطبيعة غير التناسبية للمواجهة، فإن معنى التعادل هو مكانة انتصار لحماس. وإسرائيل لا يمكنها السماح لنفسها بنتيجة كهذه. لا تجاه أعدائها الذين يشاهدونها من الشمال (حزب الله)، ولا تجاه مقاتليها ولا تجاه الرأي العام الإسرائيلي".

واعتبر يدلين أنه "من أجل تغيير التوازن في الحرب فإنه مطلوب إجراء تغيير في ثلاث رؤى تقود التفكير الإسرائيلي".

وعدد يدلين هذه الرؤى الثلاث كالتالي:
     
الرؤية الأولى: يجب إزالة الشعور لدى حماس بأن لديها "بوليصة تأمين. وأضاف أن الاعتقاد السائد في إسرائيل هو أنه في حال زوال حكم حماس فإن من سيحل مكانها سيكون أسوأ، وأن هذا الاعتقاد جعل حماس تعتقد أن إسرائيل تمارس ضغوطا عليها وتجبي منها ثمنا حتى حدود معينة. واعتبر يدلين أنه "فقط إذا عرفت حماس أنه "يريدون رأسه" من الجو والبر فإن ثمة احتمال لإنهاء الحرب بنتائج استراتيجية أفضل".

الرؤية الثانية: التخلص من فكرة "الهدوء مقابل الهدوء". وعلى إسرائيل أن تكون مستعدة لوقف إطلاق نار فقط في حال كان ذلك يتعلق بموضوع تسلح وتعاظم قوة حماس في المستقبل. وثمة أهمية لإبراز الفرق بين وقف إطلاق نار وتسوية.

الرؤية الثالثة: تغيير إسرائيل لموقفها من حكومة الوحدة الفلسطينية، وأن يجري التعامل معها على أساس امتحان مواقفها وممارساتها، إلى جانب تشجيع سريان صلاحياتها على قطاع غزة. والحل السياسي الطويل الأمد هو مواصلة إضعاف حماس. وسيكون من الصواب أن تعمل إسرائيل بالتعاون مع مصر و"الدول العربية المعتدلة" والمجتمع الدولي على إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة تدريجيا.

وخلص يدلين إلى أن "هذه الرؤى الثلاث تشكل استراتيجية متماسكة: توجيه ضربة لحماس العسكرية هو أمر ضروري من أجل إضعافها، أو إسقاطها، ويسمح بتسوية يتم من خلالها معالجة أمر تعاظم قوتها المستقبلية وتسنح باستراتيجية طويلة الأمد من أجل إعادة جهات معتدلة إلى غزة".

التعليقات