"السيسي كمنتصر في الحرب.. وخارطة سياسية جديدة تتبلور في المنطقة"

"خارطة سياسية جديدة تتبلور في المنطقة، وهي خارطة تخلي فيها التحالفات القديمة مواقعها لصالح تكتلات صغيرة تفرض فيها المنظمات، وليس الدول، السياسات الخارجية، بل وترسم حدودا للولاءات"..

تحت عنوان "المنتصر في حملة الجرف الصامد هو السيسي"، كتب تسفي برئيل في صحيفة "هآرتس" اليوم، يتناول فيه أساسا موقف السيسي من حركة حماس وقطر وتركيا، واعتباره للسعودية حليفه الوحيد. كما يشير الكاتب إلى خارطة سياسية جديدة بدأت تتبلور في المنطقة.

وافتتح مقالته بالإشارة إلى المشروع الذي أعلن عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو حفر قناة موازية لقناة السويس بطول 70 كيلومترا، والذي تقدر تكلفته بنحو 4 مليار دولار. ويشكك الكاتب بإمكانية افتتاح هذه القناة خلال عام، كما يشكك بتوقعات السيسي بشأن المدخولات المادية.

وكتب برئيل أن مشروع القناة يأتي في إطار تطوير الاقتصاد المصري، كما أعلن عن ذلك السيسي في حملته الانتخابية، إضافة إلى الحرب على "الإخون المسلمين للقضاء على ظاهرة الإسلام السياسي في مصر".

ويتابع أن السيسي ينظر بمنظار مزدوج إلى صراعه مع حركة حماس، ففي عدسة واحدة يرى فيها "منظمة إرهابية تتعاون مع منظمات إرهابية في سيناء، مسؤولة، أو شريكة، في قتل ضباط مصريين في آب (أغسطس) 2012، وساعدت أسرى الإخوان المسلمين، وبضمنهم محمد مرسي، على الهروب من السجن، ويتم تمويلها من قبل إيران، وتعمل على شراء أسلحة مهربة من ليبيا والسودان عن طريق مصر". وفي العدسة الثانية فهو يرى فيها "منظمة سياسية، وفرعا متشددا للإخوان الملسمين، يورط النظام المصري مع إسرائيل، ويزعزح حكم السلطة الفلسطينية، وتشكل نموذجا لمقدرة حركات إسلامية على الإمساك بزمام السلطة".

ويضيف الكاتب أنه يوجد لدى السيسي كل الأسباب الضرورية لـ"الحصول على شرعية للعمل ضد حركة حماس"، بحيث أنه يمكن تصور أن السيسي سيتعامل مع حركة حماس مثلما تعامل مع الإخوان المسلمين، لو كان قطاع غزة تحت سلطة مصر. وبحسبه فإن السيسي ليس بحاجة إلى هذا "المستنقع الذي يعتبره منطقة معادية"، وأنه سيبذل جهوده لكي لا يشكل قطاع غزة أي تهديد لمصر.

ويشير في هذا السياق إلى أن معبر رفح هو شريان حيوي بالنسبة لقطاع غزة، ولذلك عمل السيسي في السنتين الأخيرتين على جعله الممر الوحيد بين قطاع غزة وسيناء، فدمر الأنفاق، وفتح المعبر بشكل متقطع، ومنع أي نشاط لحماس في مصر.

ويأتي ذلك، بحسب الكاتب، في ظل عدم التنسيق مع مجلس الشعب المصري (مجلس النواب) الذي لم ينتخب بعد، كما أن الصحافة التقليدية خاضعة لرقابة الدولة، في حين أن شبكات التواصل الاجتماعي التي ساهمت في الثورة بدأت تدرك حدودها، خاصة بعد محاكمة الناشط علاء عبد الفتاح الذي حكم عليه بالسجن 15 عاما، وغرامة مالية بقيمة 100 ألف جنيه مصري.

ويتابع برئيل، أنه "على المستوى السياسي فقد عمل السيسي بشكل سلبي، حيث لم يبادر إلى خطوات من أجل الدفع بالمفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولم يحرك قوات عسكرية، ولم يساعد المعارضة في سورية، ولم يشارك، في الأسبوع الأخير، في قمة زعماء أفريقيا التي بادر إليها الرئيس الأميركي باراك أوباما، كما لم يجر مشاورات مع واشنطن أو مع وزير الخارجية جون كيري قبل نشر المبادة المصرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولم يسمح لقافلة مساعدات إيرانية بالوصول إلى قطاع غزة، وينظر إلى رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، على أنه عدو، ويعتبر السعودية فقط حليفته".

ويقول الكاتب إن الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة وضعت أمام السيسي فرصة ليظهر سياسة فعالة يقوم باستغلالها بشكل جيد، وليس فقط إزاء حركة حماس. فهو يظهر متشددا إزاء الولايات المتحدة، واضطر كيري إلى تأجيل زيارته إلى القاهره ثلاث مرات، ويريد أن يثبت لقطر أن دعمها لحركة حماس لا يمنح الأخيرة نفوذا في القاهرة. ويشير الكاتب في هذا السياق إلى أن حقيقة وجود نحو 130 ألف عامل مصري في قطر هو الذي منع القاهرة من الانضمام السعودية التي قطعت علاقاتها معها.

ويضيف برئيل أنه من المتوقع أن قطر ستكون من الممولين الأساسيين لإعادة إعمار غزة، وأن السيسي سوف يعمل على ضمان تحويل أموال إعادة الإعمار عن طريق مصر أو السلطة الفلسطينية.

ويكتب أن "انتصار السيسي هو انتصار السعودية، التي لم تبرز نفسها خلال الحرب، ولكنها دعمت خطوات الرئيس المصري، خاصة وأن لديها حسابات طويلة مع حماس ومع الإخوان المسلمين، وعلاقات سيئة مع قطر".

ويختتم الكاتب مقالته بالقول إن سؤال انتصار أم هزيمة حماس في قطاع غزة يتحول إلى ثانوي، وربما هامشي، في ظل الخارطة السياسية الجديدة التي تتبلور في المنطقة، وهي خارطة تخلي فيها التحالفات القديمة مواقعها لصالح تكتلات صغيرة تفرض فيها المنظمات، وليس الدول، السياسات الخارجية، بل وترسم حدودا للولاءات.
 

التعليقات