كونغرس محافظ داخليا وصقوري خارجيا وأكثر إصغاء لمواقف نتانياهو

"نتائج التصويت في انتخابات التجديد النصفية تشير إلى انزياح باتجاه محافظ في السياسة الأميركية الداخلية، واتجاه صقوري في السياسة الخارجية، وأن الكونغرس الجديد سيكون أكثر إصغاء لموافق بنيامين نتانياهو"

كونغرس محافظ داخليا وصقوري خارجيا وأكثر إصغاء لمواقف نتانياهو

 تحت عنوان "تسونامي جمهوري يجتاح الكونغرس الأميركي"، كتب حامي شاليف، في صحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، نتائج التصويت في انتخابات التجديد النصفية تشير إلى انزياح باتجاه محافظ في السياسة الأميركية الداخلية، واتجاه صقوري في السياسة الخارجية، وأن الكونغرس الجديد سيكون أكثر إصغاء لموافق بنيامين نتانياهو.

وبحسب الكاتب فإن الجمهور الأميركي أوقع هزيمة مؤلمة ومذلة بالرئيس باراك أوباما وبالحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفية، التي جرت يوم أمس في الولايات المتحدة، حيث اعتبر فوز الجمهوريين بـ"التاريخي"، وأن واشنطن استفاقت صباح اليوم على واقع سياسي جديد، فمن جهة رئيس ديمقراطي ضعيف ودائرة ليبرالية مهزومة، ومن جهة ثانية كونغرس جمهوري ودائرة محافظة منتشية بالانتصار.

وكان المحللون الأميركيون يتناقشون في ساعات المساء عن مصداقية الحديث عن "موجة" جمهورية، ولكن بعد فتح الصناديق في الولايات المختلفة بدأ يتضح أن الحديث عن تسونامي فاجأت قوته الجمهوريين أنفسهم. ورغم أن فرز الأصوات لم ينته بعد، وأن هناك جولة ثانية في لويزيانا، فإن الجمهوريين نجحوا في مهمتهم المركزية بما يفوق التوقعات، ووجدوا أنفسهم بغالبية واضحة 53 إلى 55 سناتور من بين 100.

كما من المتوقع أن يحصل الجمهوريون على غالبية في مجلس النواب تتراوح ما بين 233 إلى 245 ممثلا، وهو ما يشكل رقما قياسيا لم يحصلوا عليه منذ 65 عاما.

وبحسب شاليف فإن نتائج التصويت، والاستطلاعات التي رافقت العملية الانتخابية، تعكس غضب المصوتين على أوباما وسياسته من جهة، ومن جهة أخرى على المزاج المتشائم للرأي العام الأميركي خلال ولاية أوباما. ويضيف أن النتائج سترتسم، بدون شك، على أنها تعبر عن عدم ثقة بأوباما وسياسته.

ويضيف أيضا أن محاولة المرشحين الديمقراطيين الابتعاد عن أوباما قد انقلبت عليهم، حيث أثار النواة الصلبة لمصوتي الحزب الديمقراطي، ما جعلهم يفضلون عدم التصويت، في حين تدفق مصوتي الجمهوريين إلى الصناديق.

ويتابع شاليف أنه في كل الحالات فإن النتائج الدرامية تشير إلى انزياح السياسة الأميركية الداخلية إلى اتجاه محافظ، وإلى اتجاه صقوري في السياسة الخارجية. وكان أوباما قد سارع إلى دعوة القيادات الجديدة في مجلس الكونغرس إلى لقاء في البيت الأبيض، الجمعة، بهدف الإيحاء للرأي العام بجاهزيته لفتح صفحة جديدة في علاقاته الفاترة مع الجمهوريين، ولكن التقديرات تشير إلى أن صوت الجمهوريين المطالبين بمواجهة أوباما في انتخابات الرئاسة في العام 2016 أعلى من أولئك الذين يسعون إلى التعاون معه.

وتوقع الكاتب أن تتفجر الصراعات الداخلية بعد أن يخرج الجمهوريين من احتفالات الفوز، بين المؤسسة المعتدلة التي ترى في الفوز نتيجة مباشرة لسياسة أوباما المتزنة والموجهة، وبين عناصر الأيديولوجيا وعناصر "تي بارتي"، الذين يعتقدون أن هذا الفوز قد أنجز بفضل حماسهم وتجندهم لصالح الحزب. كما أن قيادة الحزب مدركة لحقيقة أن الجمهور الواسع يتحفظ منه بشكل عميق أيضا، مثلما أظهرت ذلك الاستطلاعات، وهي تسعى لإثبات قدرتها على الحكم والعمل بشكل بناء حتى لو كان ذلك ينطوي على إزالة الجمود العميق الذي ساد علاقاتها مع البيت الأبيض.

ويكتب شاليف أنه خلافا لأمنيات إسرائيل، فمن المبكر اعتبار أوباما كـ"بطة عرجاء"، سواء بسبب الصلاحيات الواسعة التي تبقت لديه بموجب الدستور الأميركي، أو بسبب قدرته على النهوض مجددا واستعادة بعض التأييد الشعبي الذي فقده.

ويتابع أن الكونغرس الجديد سيكون أكثر إصغاء لموافق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، وبإمكانه أن يكون كابحا لسياسة الرئيس، ولكن تأثير ذلك سيكون محسوسا عندما يتم التوصل إلى اتفاق بين الإدارة الأميركية وبين إيران بشأن برنامج الأخيرة النووي. ويضيف أنه في حال قرر أوباما وضع ثقله إلى جانب الاتفاق مع إيران، فمن الممكن أن تجد إسرائيل نفسها في وسط مواجهة دستورية وسياسية حادة بين الذراع التشريعي، الكونغرس، وبين الذراع التنفيذي، البيت الأبيض.

وبحسب الكاتب فإنه بكل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني فإنه سيكون للكونغرس تأثير محدود على خطوات الإدارة الأميركية.

إلى ذلك، يقول شاليف إن الاهتمام سيتوجه الآن إلى الرئيس الأمريكي المنعزل في البيت الأبيض وإلى العبر التي سيستخلصها من هزيمته. ويقول إن المسؤولية عن الهزيمة تقع أساسا على عاتقه، وليس بسبب جوهر سياسته، وإنما كنتيجة لفشله في تسويقها للجمهور.

وينهي الكاتب بالقول إن "السياسة في الولايات المتحدة ستكون الآن مثارا للاهتمام، ولكن ذلك قد يكون بالمعنى السيء للكلمة".

التعليقات