"انتفاضة ثالثة في القدس وعلى جانبي الخط الأخضر"

حاول المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الربط بين تصاعد المواجهات في القدس وعلى جانبي الخط الأخضر مع قوات الأمن الإسرائيلية، التي أسماها صراحة انتفاضة ثالثة، وبين صعود تنظيم "داعش" باعتبار الزخم الديني. ورغم أنه يعتبر المواجهات الحالية على أنها انتفاضة ثالثة تالية لانتفاضتين سابقتين توفرت شروط اندلاعها وهي الشروط ذاتها، ولم يكن فيهما "داعش" موجودا على الأرض، إلا أنه يحاول الإيحاء بوجود علاقة بين أشرطة قطع الرؤوس من قبل عناصر تنظيم "داعش"، وبين عمليات الطعن

حاول المحلل العسكري لصحيفة 'يديعوت أحرونوت'، رون بن يشاي، الربط بين تصاعد المواجهات في القدس وعلى جانبي الخط الأخضر مع قوات الأمن الإسرائيلية، التي أسماها صراحة انتفاضة ثالثة، وبين صعود تنظيم 'داعش' باعتبار الزخم الديني. ورغم أنه يعتبر المواجهات الحالية على أنها انتفاضة ثالثة تالية لانتفاضتين سابقتين توفرت شروط اندلاعها وهي الشروط ذاتها، ولم يكن فيهما 'داعش' موجودا على الأرض، إلا أنه يحاول الإيحاء بوجود علاقة بين أشرطة قطع الرؤوس من قبل عناصر تنظيم 'داعش'، وبين عمليات الطعن.

وكتب بن يشاي بداية أن الانتفاضة الثالثة تكتسب تسارعا، وتجري في مسارها المعروف: القدس ثم البلدات العربية في الداخل الفلسطيني، ثم الضفة الغربية، والآن تل أبيب أيضا، مضيفا أن اللهيب ينتقل من مكان إلى آخر، وكل بؤرة تغذي بؤرا أخرى، مثلما حصل في الانتفاضة الأولى، التي وصفها بـ'انتفاضة الحجارة'، والانتفاضة الثانية، التي وصفها بـ'انتفاضة الانتحاريين'.

وبحسب بن يشاي فإن هناك فروقات، فالانتفاضتان الأولى والثانية اندلعتا بقوة دفعة واحدة منذ اللحظة الأولى بسبب حادث واحد، أما الانتفاضة الثالثة فهي في الواقع اندلعت في آذار (مارس) الأخير وبدأت تتصاعد حتى وصلت إلى ما وصلت عليه اليوم، وهي تندلع بكامل قوتها في القدس والبلدات العربية في الداخل، وبدرجة أقل في الضفة الغربية.

ويضيف أن سبب انخفاض لهيب الانتفاضة في الضفة الغربية، بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، يعود إلى حقيقة أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يعمل على أن تقوم قوات الأمن الفلسطينية بمنع تصاعدها، باعتبار أن ذلك يمس بالصورة التي يعرضها أمام العالم، ويمس بالإنجازات السياسية التي يطمح بتحقيقها، مثل قرار مجلس الأمن الاعتراف بدولة فلسطين في حدود 1967، ولذلك فإن أجهزة الأمن الفلسطينية تعمل بحزم من أجل منع المواجهات واستخدام الأسلحة النارية في الضفة الغربية، ورغم ذلك فإن رشق الحجارة والزجاجات الحارقة وإلقاء العبوات تتواصل وتتصاعد، وبالتالي فإن السؤال هو 'كم من الوقت يستطيع أبو مازن السيطرة على الانتفاضة الثالثة في الضفة الغربية؟'.

ويتابع بن يشاي أن هناك سببا آخر لعدم خروج الأحداث في الضفة الغربية عن السيطرة، وهي حقيقة أن حركة حماس، أو أي تنظيم فلسطيني آخر، لا تستطيع ممارسة أي نشاط في القدس والضفة، وذلك بسبب استهداف هذه التنظيمات في السنة الأخيرة، في أعقاب خطف وقتل المستوطنين الثلاثة في حزيران (يونيو) الماضي.

واعتبر الكاتب أن عملية الطعن التي نفذت في تل أبيب اليوم هي استمرار طبيعي للتصعيد المتواصل في أحداث الانتفاضة الثالثة. وبحسبه فإن هذا التصعيد ينبع أساسا من زخم ديني، إضافة إلى عمليات قتل يهود وعرب، واستفزازات من جانب سياسيين يهود وفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر. ويتابع أنه 'يجب الانتباه إلى الخلفية الدينية' للأحداث في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني.

ويدعي الكاتب أيضا، أن تنظيم 'داعش' أدخل الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كله في حالة 'سعار ديني عنيف، غير منظم ولكنه فتاك'، ولا يتجلى ذلك في الحرم المقدسي فقط، وإنما في كندا وبروكسل وألمانيا. ويخلص الكاتب إلى نتيجة أن هناك علاقة مباشرة بين منفذ عملية الطعن في تل أبيب وبين أشرطة قطع الرؤوس التي تنشرها داعش. وفي حالة إسرائيل فإن الأسباب السياسية والقومية المحلية تتشابك مع 'الأسلمة' (دمج الإسلام بكلمة 'هسلاماه' العبرية التي تعني التصعيد)، العالمية.

وبحسب الكاتب فإن ما يخفف من وطأة الأمر هو أن قوات الأمن الإسرائيلية تعملت دروس الانتفاضات السابقة، فالشرطة تدفع بقوات كبيرة إلى القدس وإلى بؤر المواجهات في البلدات العربية في الداخل، والجيش يقوم بما يجب في الضفة الغربية، ولكنه يستدرك بالقول إن قوات الشرطة لا تستطيع أن تنتشر في كل مكان، وحتى إذا حاولت التصرف بيد حديدية فإن ذلك قد يؤدي إلى تصاعد اللهيب بدلا من إطفائه مثلما حصل في الانتفاضتين الأولى والثانية.

ويشير في هذا السياق إلى أن 'كل قتيل فلسطيني من شأنه أن يثير المزيد من الغضب، خاصة إذا لم تكن ظروف مقتله واضحة تماما، أو أن العرب ينظرون إليه باعتباره ضحية تنكيل متعمد من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، إلا إذا تمكن من قتل يهود فعندها يعتبر الأمر مفهوما ضمنا في الشارع العربي، وينظر إليه باعتباره شهيدا، وبالنتيجة فإن الانتفاضة الثالثة في القدس وفي جانبي الخط الأخضر تتصاعد'.

ويتابع بن يشاي أن وقف الانتفاضة الثالثة يقتضي أولا يقظة الجمهور التي أثبتت نفسها كوسيلة مانعة وفعاالة في الانتفاضات السابقة، كما يجب الاعتراف بأن الحديث عن ظاهرة فلسطينية عامة تتغذى من الزخم الديني الإسلامي العام في الشرق الأوسط وفي أجزاء واسعة من العالم.

كما يقترح 'إغراق شوارع البلاد، بما فيها القدس والضفة الغربية بقوات الأمن، وإذا اقتضت الضرورة يجب تسيير دوريات عسكرية في داخل البلاد أيضا، فالشرطة لا تستطيع لوحدها إنجاز العمل'.

ويضيف أنه يجب إصدار تعليمات صارمة بشأن إطلاق النار من قبل الجيش والشرطة، بحيث يمنع استخدام السلاح إلا في الحالات التي يتعرض فيها حياة الجنود والشرطة لخطر واضح وملموس، كما أنه يجب على عناصر قوات الأمن أن يتحركوا على شكل مجموعات لا تقل عن أربعة أو خمسة.

وينهي بن يشاي بالقول إنه يجب إصدار أوامر للسياسيين بوقف التحريض، واتخاذ كافة الوسائل المطلوبة لفرض عملية اللجم. وأنه في حال اتخذت كافة الإجراءات اللازمة بشكل متزامن فإن ذلك قد يؤدي إلى تهدئة الأجواء، أو على الأقل تمنع العمليات التي تنفذ انطلاقا من تحريض ومحفزات دينية.

التعليقات