"اقتراح قانون ليفين يعني سحب الحق الأساسي بأن يكون للإنسان حقوق"

اقتراح القانون يتضمن خطوات واقتراحات لخلق إحساس بأنه "يجري عمل شيء ما"، في حين أن الحكومة ترفض معالجة المشاكل الحقيقية التي يندلع العنف على خلفيتها

تناول د.أيال غروس، أستاذ القانون في جامعة تل أبيب والمختص بالقانون الدستوري والقانون الدولي، اقتراح قانون عضو الكنيست ياريف ليفين، الذي تضمن سحب مواطنة من تتم إدانته بالإرهاب، وذلك بهدف قمع المقدسيين الذين يخوضون مواجهات مع قوات الاحتلال منذ شهور، مشيرا إلى أن الاقتراح ينطوي على "إخفاقات" كثيرة، أهمها فرض عقوبات، بعضها بدون محاكمات، بوسائل قاسية وغير مقبولة.

يشار إلى أنه بموجب اقتراح ليفين يخول وزير الداخلية بسحب مواطنة كل من تتم إدانته بتنفيذ "عمل إرهابي أو المساعدة في تنفيذه".

يقول غروس إنه "يجب الدفاع عن حقوق الإنسان لكل إنسان، بما في ذلك المجرمون والإرهابيون، وحتى أولئك الذين يستحقون عقوبات قاسية"، مقتبسا مقولة "الحق بأن يكون لك حقوق هو الحق الأساسي"، في حين أن سحب المواطنة وجعل شخص بدون مواطنة يعني سحب كل حقوق الإنسان.

كما يشير إلى أن الإبعاد إلى قطاع غزة أو إلى أي مكان آخر خارج الحدود التي تسيطر عليها إسرائيل بعد انتهاء محكوميته لا يقل غرابة،  باعتبار أن سحب المواطنة والإبعاد إلى قطاع غزة، سيكون إلى حيث تدعي إسرائيل أنها لا تحتله من جهة، ومن جهة ثانية لا تسمح له بتحقيق سيادة ذاتية. ويشير أيضا إلى أن سحب المواطنة والإبعاد إلى قطاع غزة، بحسب الاقتراح، سيسري على من يلقي زجاج حارقة أو مفرقعات نارية، وعلى أبناء عائلة منفذ العملية أو من ينظم أي فعالية تتماثل مع منفذ العملية.

ويلفت في هذا السياق إلى أن قانون المواطنة الإسرائيلي، الحالي، يسمح بسحب المواطنة الإسرائيلية ممن "ارتكب مخالفة الإرهاب أو الخيانة أو التجسس، ولكن ذلك منوط بقرار من المحكمة". كما يلفت إلى أن القانون يحدد، كمبدأ، بأنه يجب عدم سحب مواطنة إنسان إذا كان ذلك يجعله بدون أية مواطنة. كما أنه في الحالات التي تسحب فيها المواطنة من شخص، بحيث تؤدي إلى جعله بدون مواطنة، يعطى له حق الإقامة في البلاد.

في المقابل، يضيف غروس، فإن اقتراح ليفين الحالي لا يشترط سحب المواطنة بوجود مواطنة أخرى، ولا يعطي وزنا لرأي المحكمة، ويقترح إلقاء الشخص الفاقد المواطنة إلى بلد غير معروف، وكل ذلك في ظل التزام القانون الحالي بمبادئ الميثاق الدولي، الذي وقعت عليه إسرائيل، ورفضت المصادقة عليه مجددا. وبالتالي فإن الاقتراح سيخلق حالات كثيرة بدون مواطنة.

وأشار أيضا إلى أن الاقتراح الحالي يتضمن إجراء قائما، مثل هدم منازل منفذي العمليات، بيد أنه يحول ذلك من "إمكانية قائمة" إلى "ضرورة". ويضيف أنه بالرغم من مصادقة المحكمة العليا على هذا الإجراء مرات كثيرة، إلا أن ذلك لا يلغي طابعه المرفوض الذي يشكل شكلا من العقاب بدون محاكمة، علما أن الاقتراح يسمح بهدم منزل من يتم اعتباره كـ"منفذ لعمل إرهابي"، وليس فقط من تتم إدانته، كما يعتبر شكلا من العقاب الجماعي، في حين أن منازل يغئال عمير (قاتل يتسحاك رابين) وباروخ غولدشطاين (منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي) وقتلة الفتى محمد أبو خضير، لم تهدم. وبالنتيجة فإنه يمكن الافتراض بأنه، مثل الأوامر الأخرى، سيتم تطبيقه بطريقة تميز (لصالح اليهود).

ويتابع أنه إذا كانت إمكانية سحب المواطنة والإبعاد إلى قطاع غزة لكل من تتم إدانته بالإرهب أو بإلقاء زجاجة حارقة يعتبر شكلا مرفوضا من العقاب، فإن جزءا آخر من اقتراح القانون يتناقض مع القانون الجنائي، حيث يتضمن الاقتراح الاعتقال حتى انتهاء الإجراءات القانونية  لكل من يتهم بـ"ارتكاب مخالفة رفع علم السلطة الفلسطينية في مسيرة أو مظاهرة أو تجمهر غير قانوني"، الأمر الذي يتناقض مع مبدأ عدم اعتقال شخص حتى انتهاء الإجراءات القانونية باعتبار أنه لم تتم إدانته، إلا في حال عدم توفرت أسباب تشرعن ذلك، مثل الخشية من عرقلة إجراءات المحكمة أو التهرب من القانون أو تعرض أمن الآخرين للخطر.

ويضيف د. غروس إنه من الممكن تعديد تعليمات أخرى قاسية في اقتراح القانون، ولكن الصورة العامة واضحة: "الحديث عن خطوات بعضها يمس بشكل أساسي بحقوق الإنسان، مثل العقاب بدون محاكمة، وجعل إنسان بدون مواطنة، وبعضها يعتبر أشكالا غير معيارية للعقاب".

وفي ختام مقالته، يذكر غروس بأن الجيش الإسرائيلي أوقف إجراء هدم المنازل بعد أن تبين أن الحديث عن عملية غير فعالة ولا تسهم في تقليص "العمليات الإرهابية". وتجدد مؤخرا استخدام سياسة هدم المنازل، وهي مرفوضة لكونها تمثل شكلا من العقاب بدون محاكمة، وتمس بأبناء العائلة "الأبرياء". ويخلص إلى القول إن اقتراح القانون يتضمن خطوات واقتراحات لخلق إحساس بأنه "يجري عمل شيء ما"، في حين أن الحكومة ترفض معالجة المشاكل الحقيقية التي يندلع العنف على  خلفيتها. على حد تعبيره.   

التعليقات