"إطلاق الصواريخ باتجاه الجولان رد أولي سريع وسهل ومحسوب"

إطلاق النار باتجاه الجولان المحتل كان متعمدا باتجاه مناطق مفتوحة، وأنه إطلاق نار لمجرد إطلاق النار، بحيث يمكن للرادرات التقاطه وإطلاق أجهزة الإنذار، وبعد ذلك يسمح دوي الانفجارات

أجمع محللان عسكريان إسرائيليان على أن إطلاق الصواريخ الذي حصل اليوم، الثلاثاء، من الجانب السوري من الجولان إلى الجانب المحتل، على أنه رد أولي سريع على الهجوم الإسرائيلي الأخير على القنيطرة، بحيث لا يوصل الأوضاع إلى حالة حرب شاملة، كما يحقق حالة من الاستنزاف الاقتصادي والمعنوي دون دفع إسرائيل إلى القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق.

اعتبر المحلل العسكري لصحيفة 'هآرتس' أن إطلاق الصورايخ، اليوم الثلاثاء، من الجانب السوري للجولان إلى الجانب المحتل على أنه لا يعكس انزلاقا صدفيا للقتال في سورية، مشيرا إلى أن الرأي الذي يتبلور لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يشير إلى أن إطلاق النار كان متعمدا، وأنه بمثابة رسالة من حزب الله، بالتعاون مع الإيرانيين والسوريين، لن يقلب صفحة عن العملية التي ينسبها لإسرائيل، والتي اغتيل فيها جنرال إيراني وستة ناشطين في حزب الله قبل تسعة أيام.

وبحسبه فإن إطلاق النار الذي حصل اليوم ليس نهاية القضية، وأنه 'رد على الاغتيال يمكن تنفيذه بشكل سريع وسهل نسبيا، وأنه يجب الافتراض بأن حزب الله وإيران يعدان العدة لعملية انتقامية أكبر تستغرق وقتا أطول للتخطيط لها، في حين يتم الإبقاء على 'جبهة غير مستقرة ونشطة' في الجولان، بحيث يعتبر إخلاء جبل الشيخ من الزوار إنجازا بالنسبة لهم، وبالنتيجة يكفي إطلاق صاروخ كل بضعة أيام لشلّ موسم التزلج في جبل الشيخ.

ويضيف أن الرد الإسرائيلي كان محسوبا، وأنه في حال لم يتم تجاوز الخطوط الإسرائيلية الحمراء، فإنه ستبذل الجهود من أجل احتواء التصعيد ومنع اندلاع مواجهة شاملة.

وبحسبه فإن حزب الله وإيران ملزمان بالرد بسبب شدة الضربة التي تلقياها، ولكن رغبتهم في إعادة تثبيت ميزان الردع مجددا في الشمال تجاه إسرائيل يجب أن يكون متزنا مع اعتبارات أخرى في جبهات أخرى. فمن جهة إيران فإن المفاوضات النووية مع الدول العظمى الست، وبقاء النظام السوري يقعان على رأس سلم أولوياتها. ومن جهة لبنان فقد وقعت معارك شديدة في نهاية الأسبوع الأخير في البقاع، بين الجيش اللبناني وحزب الله من جهة، وبين 'داعش' و'جبهة النصرة' من جهة أخرى، وبالتالي فإن هذه التطورات تلجم رد حزب الله وشدته وتوقيته.

من جهته كتب المحلل العسكري لـ'يديعوت أحرونوت'، رون بن يشاي، أن حزب الله هو المسؤول عن إطلاق النار، ولكن ليس بالضرورة أن يكون عناصره هم الذين أطلقوا النار، وعلى ما يبدو فإن ذلك نفذ بطلب من 'محور إيران - سورية - حزب الله'، كجزء من الرد على الهجوم الذي نسب لإسرائيل.

وأشار إلى أنه في مرتين سابقتين أطلت صواريخ بقطر 107 ميلليمترات ردا على هجمات إسرائيلية باتجاه جبل الشيخ، وهي صواريخ صغيرة نسبيا تطلق من منصة إطلاق صغيرة. ويضيف أن حزب الله والإيرانيين والسوريين يتحركون على 'حبل دقيق جدا'، فهم يريدون الرد، وفي الوقت نفسه يريدون تجنب اندلاع حرب شاملة، سواء دفعة واحدة، أم نتيجة لتدهور الأوضاع بعد سلسلة عمليات متبادلة.

وكتب أنه في المنطقة، مثلما حصل في الحرب الأخيرة على قطاع غزة (2014)، والحرب الأخيرة على لبنان (2006)، تحصل الأمور خلافا لرغبة الطرفين وذلك بسبب حسابات غير صحيحة. ومن هنا، بحسبه، فإن إطلاق النار باتجاه الجولان المحتل كان متعمدا باتجاه مناطق مفتوحة، وأنه 'إطلاق نار لمجرد إطلاق النار، بحيث يمكن للرادرات التقاطه وإطلاق أجهزة الإنذار، وبعد ذلك يسمح دوي الانفجارات'.

ويضيف بن يشاي أن هناك هدفا آخر لإطلاق الصواريخ، وهو التأكيد على أن إسرائيل فشلت في عرقلة إقامة جبهة ضدها في الجولان، وبالتالي فإن إطلاق النار يثبت أن الجبهة قائمة ونشطة.

ويتابع أن الهدف من وراء إطلاق صواريخ متفرقة وقليلة يدفع إلى الاعتقاد بأن  محور 'حزب الله وإيران وسورية' يريد الرد من خلال خلق حالة دائمة من التوتر وحالة تأهب متواصلة في المنطقة الحدودية مع لبنان وفي الجولان، لما لذلك من ثمن اقتصادي ومعنوي، حتى لو لم يسقط قتلى أو جرحى. ويتابع أنه في هذه الحالة فإن الجيش الإسرائيلي لن يرد بقوة وإنما بطريقة محسوبة طالما لم تقع إصابات بشرية، سواء في صفوف الجيش أم في صفوف المدنيين.

ويشير في هذا السياق إلى أن حالة التأهب في الشمال تكلف الجيش أموالا طائلة، وتمس بخطط تدريب الوحدات العسكرية، وتستلزم القيام بمئات الساعات من التحليق بالطائرات القتالية وطائرات أخرى، والتي تكلف يوميا مئات الآلاف من الدولارات.

ويقول أيضا إنه على المستوى المدني، فإن السياحة إلى جبل الشيخ خاصة، والجولان عامة، تتضرر، وتتكبد خسائر جمة، ولن يكون بإمكان السكان مواصلة حياتهم اليومية بشكل اعتيادي. وأن 'المحور' يتمكن من تحقيق ذلك بسهولة، ويكفي لذلك أن يظهر خمسة مسلحين على شاشات الرصد والرادارات ثم يختفون على الحدود مع لبنان، أو إطلاق صاروخين أوثلاثة صواريخ.

ويعتبر بن يشاي أن الرد الإسرائيلي المحسوب تمثل في إطلاق 20 قذيفة مدفعية باتجاه مصادر إطلاق النار، الأمر الذي لا يتسبب بأية أضرار أو خسائر بشرية في الطرف الثاني، حيث أنه من المرجح أن من أطلق الصواريخ نفذ ذلك بواسطة ساعة توقيت كهربائية، وتمكن المنفذون من الابتعاد عن المكان إلى مكان آمن.

ويخلص بن يشاي إلى أن هذا الرد، الذي يعني الاستنزاف الاقتصادي والمعنوي، يتعبر مستفزا لإسرائيل لكونها لا تستطيع التخطيط لرد رادع مناسب، وأنه سيكون من الصعب على المجتمع الدولي تفهم قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية واسعة ردا على إطلاق صاروخين لم يوقعا أية أضرار.

ينضاف إلى ذلك أن إسرائيل لا تريد الرد بقوة والدخول إلى داخل الحرب الدائرة في سورية، باعتبار أن ذلك ما يريده الرئيس السوري بشار الأسد لكونه يخدم أهدافه في العالم العربي.

وينهي بالقول إنه يجب تذكر أن إطلاق النار اليوم هو 'الوجبة الأولى'، وهو رد انتقامي بهدف الاستنزاف، ولكنه يمكن الافتراض أنه لن ينتهي وسيكون هناك عمليات أشد ردا على الضربة التي تلقاها حزب الله وإيران الأحد الماضي.

التعليقات