القاضي باراك: الديمقراطية في إسرائيل هشة

وشدد: قرارات حكم في المواضيع الأمنية تميل إلى المس بحقوق الإنسان... ولدي قناعة كاملة بأنه لو كانت في ألمانيا حينذاك محكمة قوية وانتقاد قضائي، لكان بالإمكان منع هتلر

القاضي باراك: الديمقراطية في إسرائيل هشة

يسعى حكم اليمين في إسرائيل إلى إضعاف قوة المحكمة العليا، رغم أنها محكمة غير منصفة في مجال حقوق الإنسان وصادقت مرارا على قرارات سلطات الاحتلال. وأعلنت وزير القضاء الإسرائيلية الجديدة، أييليت شاكيد، عن أنها ستعمل خلال ولايتها في هذا الاتجاه، ومن بين أجنداتها منع المحكمة العليا من إلغاء قوانين عنصرية ومعادية للديمقراطية يبادر إليها نواب اليمين.

وتطرق إلى هذا الموضوع، وموضوع الديمقراطية في إسرائيل عموما، الرئيس الأسبق للمحكمة العليا، القاضي المتقاعد أهارون باراك، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرونوت" ونشرتها اليوم، الجمعة.

ووجه باراك تحذيرا مبطنا من الأجواء التي يخلقا اليمين والحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، وذكر في هذا السياق النظام النازي في ألمانيا. وقال إن "المحكمة العليا في ألمانيا، في بداية الثلاثينيات، لم تتمكن من إلغاء قوانين. ولدي قناعة كاملة بأنه لو كانت في ألمانيا حينذاك محكمة قوية وانتقاد قضائي، لكان بالإمكان منع (الزعيم النازي أدولف) هتلر. ولكن عندما أصبح في الحكم أصبح مستحيلا المس به".  

وأكد باراك على أن "النواة الديمقراطية في إسرائيل هشة، لأن هناك ثلاث ظواهر تجعلها هشة. الظاهرة الأولى، هي أن جذورنا الديمقراطية ليست عميقة. والهجرات اليهودية المختلفة، من دول الاتحاد السوفييتي السابق والدول الإسلامية، لم تأتي من ثقافة حكم ديمقراطي. كذلك فإن التربية والتعليم في إسرائيل لا تعمق الجذور الديمقراطية. لذلك، فإنه بالنسبة لمعظم سكان إسرائيل، مصطلح ’الديمقراطية’ يعني حكم الأغلبية، وهذا مفهوم ضحل جدا للديمقراطية.

وأردف أن "النقطة الثانية هي التوتر الأمني. فنحن نعيش في توتر أمني منذ اليوم الأول (لقيام الدولة) وهذا التوتر لا يتوقف. وعندما يكون هناك توتر أمني، ما الذي يريده الشعب؟ الأمن. والأمن قد ينتهك الحقوق. وقرارات حكم في المواضيع الأمنية تميل إلى المس بحقوق الإنسان".

وتابع باراك أن "العامل الثالث للهشاشة هو غياب ثقافة حكم. وفكرة ’ليس مناسبا’ ليست موجودة عندنا. وأعضاء كنيست الذين ليس لديهم ثقافة حكم يطالبون دائما بضبط النفس وكبحها من المحكمة العليا فقط... ويجب أن يكون هناك كبح وضبط للنفس من جانب الكنيست والحكومة أيضا، ولا يوجد أمر كهذا".

وأشار باراك إلى أن المحكمة العليا ألغت طوال العشرين عاما الماضية 12 قانونا فقط، بينما المحكمة الدستورية في بولندا ألغت 60 قانونا في عام واحد، وفي كندا تلغي المحكمة ما بين ثلاثة إلى خمسة قوانين في السنة".

وفيما أعلن رئيس حزب "كولانو"، موشيه كحلون، وحده من بين جميع الأحزاب في الائتلاف، أنه لن يؤيد مشاريع قوانين تهدف إلى إضعاف المحكمة العليا، قال باراك إن "كل المشكلة هي أن المبنى الدستوري عندنا هو مبنى غير مستقر وفيه خلل وهش، وأية نزوة لعضو كنيست، لديه فجأة أغلبية عفوية مؤيدة في الكنيست، بإمكانه أن يقلب كل شيء".

وفي رده على سؤال حول ما إذا إسرائيل ستبقى موجودة بعد 100 عام، قال باراك إنه "لست متأكدا من ذلك، لكن متأكد أنها ستبقى أكثر من أنها لن تبقى. لدينا مشاكل وجودية. وأنا قلق بالأساس من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ومن قضية الأقلية العربية في إسرائيل ومن قضية العلاقات بين الحريديم وغير الحريديم، والحريديم بنظري هي القضية الأصعب".

وحول حل الصراع، قال إن "الحل بأيدي الكنيست والحكومة، وعليهما أن يختارا بين دولة للشعب كله أو دولة واحدة للشعبين، يكون فيها اليهود أقلية، إضافة إلى أن هذا الوضع كله ينطوي على دفع أثمان أخرى كبيرة جدا".

وقال باراك أن هناك قرارات أصدرها كقاض ويأسف عليها وبينها قرار الإبقاء على احتجاز الأسير اللبناني مصطفى الديراني وآخرين ك"ورقة مساومة" من أجل الحصول على معلومات عن الطيار المفقود رون أراد، وأشار إلى أنه غير قراره لاحقا وأمر بالإفراج عنه. 

التعليقات