"المعركة لم تنته عند الفيفا"

المعركة لم تعد تدور في المواقع الكلاسيكية المعروفة، مثل الأمم المتحدة، وإنما انتقلت إلى أروقة البلديات في كل العالم وقاعات الكنائس وقصور الثقافة وملاعب كرة السلة ولجان العمال والمحال التجارية وغيرها

رغم التحليلات الإسرائيلية التي تشير إلى تحقيق إنجاز في سحب الاقتراح الفلسطيني بتعليق عضوية إسرائيل في اتحاد كرة القدم الدولي (الفيفا)، إلا أنها تحذر من أن المعركة لم تنته، وأنها لن تتوقف عند كرة القدم، بل ستصل إلى مجالات رياضية أخرى.

كما يشير مسؤولون إسرائيليون إلى أن معركة إسرائيل لم تعد في الميادين المألوفة، وإنما انتقلت إلى أروقة البلديات في العالم وقاعات الكنائس وقصور الثقافة ولجان العمال وملاعب كرة السلة والمحلات التجارية وغيرها.

فبعد أن سحب رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، جبريل الرجوب، الجمعة، اقتراحا بتعليق عضوية إسرائيل في اتحاد كرة القدم الدولي (الفيفا)، كتب المحلل الإسرائيلي، براك رفيد، في صحيفة "هآرتس" أن هذا المطلب قد أزيل عن جدول الأعمال، ولكن الادعاءات المشروعة للسلطة الفلسطينية ضد إسرائيل ستظل تشغل الفيفا.

وأضاف أن القرار الذي اتخذ في نهاية المطاف يتضمن تشكيل لجنة دولية من قبل اتحاد كرة القدم الدولي لتعمل كجهاز رقابة على إسرائيل بكل ما يتصل بتعاملها مع لاعبي كرة القدم في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما ستفحص اللجنة ادعاءات الفلسطينيين بالعنصرية ضد العرب في كرة القدم الإسرائيلية.

ويتابع أن ما حصل الجمعة لا يجعل حكومة نتنياهو تحتفل، فإسرائيل حصلت على "بطاقة صفراء" من الفيفا، علما أن الفلسطينيين طرحوا قسما كبيرا من ادعاءاتهم ضد إسرائيل قبل سنتين، ولكن الأخيرة لم تفعل شيئا للرد على ذلك.

ويقول رفيد إن إسرائيل "انجرت إلى صراع لا داعي له في الفيفا، الأمر الذي أساء لمكانتها الدولية، وأحدث المزيد من التآكل في صورتها أمام الغرب. وإذا لم تتعامل بجدية مع الاعاءات بأنها تفرض قيودا على تحرك اللاعبين الفلسطينيين، فسوف تجد نفسها بعد عام في الموقع ذاته مرة أخرى في كونغرس الفيفا".

ويضيف أن الصراع الذي حصل في الفيفا، في الأسابيع الأخيرة، يجب أن يكون بمثابة تحذير للحكومة الإسرائيلية على نطاق أوسع. فـ"الجمود السياسي واستمرار البناء في المستوطنات، وجوانب أخرى للاحتلال في الضفة الغربية توفر الذخيرة للإستراتيجية الفلسطينية في عزل إسرائيل دوليا. ورغم أن إسرائيل لا تزال قادرة على صد غالبية الخطوات ضدها، إلا أن ذلك سيتحول إلى مهمة أصعب فأصعب مع مرور الزمن".

واعتبر رفيد أن رئيس اتحاد كرة القدم الإسرائيلي، عوفر عيني، هو "بطل الصراع ضد المسعى الفلسطيني"، فيصفه بأنه "دبلوماسي محنك وخلاق"، وبحسبه فقد "قضى على مبادرة الرجوب بليونه، وهجمة ابتسامات وكلام معتدل ومصافحة بالأيدي". ويضيف أنه "تصرف كما يجب أن يكون وزير الخارجية، وربما يجدر بنتنياهو أن يسلمه حقيبة الخارجية".

من جهتها كتبت "يديعوت أحرونوت" أنه ربما استطاعت الخارجية الإسرائيلية تنفس الصعداء، يوم أمس، ولكن لا وقت لديها للاحتفال، حيث من الواضح أمام إسرائيل أن المعركة الأساسية لم تحسم بعد.

وقال رئيس الجهاز الدبلوماسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتم، إن النتيجة هي أنه يجب على إسرائيل أن تستعد دبلوماسيا لمجالات عمل وفي قطاعات لم تكن بحاجة للانشغال بها، وذلك لأن الفلسطينيين يأخذون "نزع شرعية إسرائيل" إلى ميادين وساحات جديدة في العلوم والرياضة والثقافة والفن وغيرها.

ويطلق روتم على الصراعات الجديدة "المعركة الدبلوماسية الجديدة"، وبحسبه فإن هذه المعركة لا تدور في المواقع الكلاسيكية المعروفة، مثل الأمم المتحدة، وإنما انتقلت إلى أروقة البلديات في كل العالم وقاعات الكنائس وقصور الثقافة وملاعب كرة السلة ولجان العمال والمحال التجارية وغيرها"، ويضيف أن هذه ميادين جديدة ويجب إيجاد أدوات جديدة.

وقال مسؤولون آخرون في الخارجية الإسرائيلية إن "فشل المسعى الفلسطيني هو نتيجة للردع الإسرائيلي"، ولكنهم أضافوا أنه "يوجد ثمن لهذا الردع"، فهو "يسبب المزيد من التآكل في مكانة إسرائيل، ويضطرها إلى هدر رصيدها السياسي".

وقال مسؤول في الخارجية الإسرائيلية إن جبريل الرجوب يحتل ثلاثة مناصب، فهو رئيس اتحاد كرة القدم، ووزير الرياضة، ولرئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية. ويشير في هذا السياق إلى أن الألعاب الأولمبية ستجري في العام القادم، وأن ما بدأ بكرة القدم سيكون غدا في كرة اليد والكرة الطائرة وكرة السلة.

ويضيف أن بعدا سياسيا دخل الرياضة الإسرائيلية، وأن هناك فرقا إسرائيلية أخرى خارج الخط الأخضر (في المستوطنات)، مشيرا إلى أن المعركة لن تنتهي عند اتحاد كرة القدم الدولي (الفيفا).

التعليقات