ديفيس: لا يمكن إلقاء قنبلة تزن طنا على حي سكني

ديفيس تعتقد أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع التحقيق مع نفسه، وأنه رغم جهود المدعي العسكري الرئيسي فإن الانطباع الذي نشأ خارج إسرائيل هو أن التحقيقات التي يجريها ليست جدية

ديفيس: لا يمكن إلقاء قنبلة تزن طنا على حي سكني

قالت القاضية الأميركي ماري ماكوين – ديفيس،  رئيسة لجنة التحقيق الخاصة بالمجلس لحقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة في الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، إن الرسالة الأساسية التي سعى أعضاء اللجنة إلى إيصالها لإسرائيل هي أنه لا يمكن إلقاء قنبلة تزن طنا على حي سكني، وأن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه أن يجري تحقيقا مستقلا ونزيها، وأنه لو تعاونت إسرائيل مع لجنة التحقيق لكانت النتائج مختلفة.

وقالت القاضية ديفيس إنه على إسرائيل أن تعيد النظر في سياسة استخدام القوة العسكرية، لأن ذلك تسبب بدمار لم يسبق له مثيل في قطاع غزة، وأدى لمقتل نحو 1500 مدني فلسطيني.

وفي مقابلة مع صحيفة "هآرتس" قالت القاضية ديفيس "أردنا أن نعرض موقفا واضحا، مفاده أن استخدام القنابل في الأحياء السكنية المكتظة هوإشكالي، وأن هناك حاجة لتغيير السياسة".

وشددت في المقابلة الهاتفية من جنيف، حيث عرضت الاثنين النتائج التي توصلت إليها اللجنة، على أن "اللجنة أرادت أن توضح أنه لا يمكن إلقاء قنبلة تزن طنا في وسط حي سكني مزدحم".

ولفتت الصحيفة إلى أنه من الصعب وصف القاضية بأنها "معادية لإسرائيل"، وذلك لكونها سبق وأن ترأست، قبل عدة سنوات، اللجنة التي عملت على تطبيق "تقرير غولدستون" بشأن الحرب على غزة في كانوني 2008 – 2009 (الرصاص المصبوب)، وفي حينه قررت إسرائيل عدم مقاطعتها، وتعاونت معها بشكل محدود. وفي حينه أيضا، اعتبر تقرير القاضية ديفيس أنه "معتدل" ونظرت إليه إسرائيل بعين الرضا.

يشار في هذا السياق، إلى أنه في الأسابيع الأخيرة، ومع اقتراب موعد نشر تقرير لجنة التحقيق، فقد تصاعدت الانتقادات الإسرائيلية للجنة، واعتبر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مجرد قراءة التقرير على أنها مضيعة للوقت، بادعاء أن اللجنة منحازة ومعادية لإسرائيل.

وردا على تصريحات نتنياهو، قالت القاضية ديفيس إن انتقاداته ليست جدية، فقد كان يتوجب عليه قراءة التقرير أولا، ثم يتحدث عن النوعية والمضمون. واعتبرت تصريحاته على أنها في الأساس ضد المجلس لحقوق الإنسان.

وكانت إسرائيل قد قررت مقاطعة اللجنة، ولم تسمح لها بالوصول إلى قطاع غزة أو إلى المستوطنات المحيطة بالقطاع، كما تجنبت إجراء أي اتصال مع أعضائها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وتعقيبا على ذلك قالت ديفيس إن "إسرائيل هي التي تقرر ما هي مصالحها"، مضيفة أن اللجنة لم تحظ بتعاون إسرائيلي، ولكنها وجدت طرقا أخرى تتدبر فيها أمرها.

وأضافت ديفيس أن جزءا كبيرا من التقرير استند إلى ما نشرته الحكومة الإسرائيلية في شبكة الإنترنت في السنة الأخيرة. وقالت "استخدمنا الكثير من المواد التي نشرتها إسرائيل على الإنترنت، ووجهة النظر الإسرائيلية معروضة في التقرير".

وفي تعليقها على التقرير الإسرائيلي، الذي نشر في مؤتمر صحفي احتفالي في وزارة الخارجية الأسبوع الماضي، قالت إنها لم تقرأه، بيد أنها أشارت إلى أن المعلومات التي يتضمنها التقرير المشار إليه كانت منظمات داعمة لإسرائيل قد قدمتها للجنة التحقيق في الشهور الأخيرة.

وردا على سؤال بشأن سلوك إسرائيل أمام اللجنة، تقول الصحيفة إن القاضية ديفيس تجيب بدبلوماسية، وتوضح أن قرار الحكومة الإسرائيلية كان خاطئا. وقالت إن "سياسة أخرى تنتج تقريرا آخر".

وأضافت أنها تجزم بأن الأمور كانت ستبدو مختلفة لو أن إسرائيل تعاونت مع اللجنة. وقالت إنه لو حصل هذا التعاون فإن اللجنة "كانت تستطيع أن تلتقي إسرائيليين تضرروا، وأن ترى أين سقطت الصواريخ.. وكان بالإمكان التحدث مع الضباط الميدانيين، ومشاهدة أشرطة مصورة، وزيارة قطاع غزة". وتابعت أن اللجنة تحدثت مع عدد كبير من الشهود، وتستدرك بالقول إنه "بالطبع كان يجب أن يجري التحقيق في أقرب موقع لساحة الحدث، وقد يكون ذلك مختلفا".

إلى ذلك، أشارت القاضية ديفيس إلى أن اللجنة باشرت عملها فور استقالة شاباس من رئاسة اللجنة. وأضافت أنه بعد استقالته بدأت تصل كميات كبيرة من المعلومات الجديدة من مواطنين إسرائيليين عن طريق البريد الإلكتروني، وأنه لهذا السبب تأجل موعد نشر التقرير.

وردا على سؤال حول ما إذا كان عدم تواجد اللجنة في المنطقة قد أثر على مصداقية التقرير، قالت ديفيس إنها لا تعتقد، وأشارت إلى أنه في حالات كثيرة لم تكن لدى اللجنة أدلة من مصادر أولى. وبحسبها فإن التقرير قدم للعالم صورة جيدة بشأن ما حصل في الصيف الماضي في قطاع غزة. وقالت إن اللجنة لم تجر تحقيقا قضائيا، ولذلك فهي لم توجه إصبع الاتهام إلى أي جهة معينة.

وكانت إسرائيل قد ادعت أنها تقف ضد اللجنة لكون التفويض الممنوح لها قد حدد مسبقا ارتكاب جرائم حرب. وتعقيبا على ذلك، قالت القاضية إن اللجنة فسرت ذلك بطريقة مختلفة، وأن ما يشير إلى ذلك هو أن التقرير النهائي لم يجزم بوقوع جرائم حرب، وإنما أشار إلى وجود أدلة على ذلك.

ووجهت الصحيفة لها سؤالا مفاده أن "المقارنة بين إسرائيل وحركة حماس مرفوضة من الناحية الأخلاقية، بادعاء أن التقرير حاول الموازنة بين عمليات إسرائيل وبين عمليات حماس، خاصة وأن إسرائيل هي دولة تحاول العمل بموجب القانون الدولي وتجنب المس بالمدنيين، بينما حماس هي حركة إرهابية"، وردا على ذلك، قالت ديفيس إن وظيفة اللجنة ليست إجراء تحقيق أخلاقي، وإنما فحص ما إذا حصلت خروقات للقانون الدولي.

وأضافت أن اللجنة لم تحاول الموازنة بين الطرفين، وإنما فحصت ماذا فعل الطرفان. كما قالت إن اللجنة لم تقارن بين إسرائيل وحماس، وإنما فحصت ماذا حصل بموجب القانون الدولي، فالقانون الدولي يضع الطرفين في نفس المستوى، وبالتالي اللجنة تعمل بموجب هذا القانون.

وقالت أيضا إنها لا تعرف ماذا سيفعل المجلس لحقوق الإنسان بالتقرير، ولكنها شددت على أن الأمر الأهم بالنسبة لها هو إسماع العالم أصوات المدنيين الذين تضرروا في إسرائيل وفي قطاع غزة.

وردا على سؤال ما إذا كانت تعتقد أنه يوجد مجال لفتح تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، قالت إن التقرير ينص على أن اللجنة تعتقد أنه على المجتمع الدولي أن يدعم إجراء الفحص الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية الآن في الأراضي الفلسطينية، مشيرة إلى أنها لا تريد تحديد ما تفعله المحكمة مسبقا، فالمدعية العامة للمحكمة هي التي تقرر.

وردا على سؤال ماذا كنت تريدين أن تفعل إسرائيل بالتقرير، قالت إنها تأمل أن تدرس إسرائيل التقرير على المستويات العليا، التي تحدد فيها السياسات بشأن استخدام الوسائل القتالية المتفجرة، وأنها تأمل أن تجري إسرائيل تحقيقات موثوقة وشفافة ونافذة بشأن ما حصل في قطاع غزة في الصيف الماضي لفحص ما إذا حصلت خروقات أم لا.

وبحسب "هآرتس" فإن ديفيس تعتقد أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع التحقيق مع نفسه، وأنه رغم جهود المدعي العسكري الرئيسي فإن الانطباع الذي نشأ خارج إسرائيل هو أن التحقيقات التي يجريها ليست جدية. وأشارت في هذا السياق إلى أن حادثة مقتل أربعة أطفال على شاطئ غزة في السادس عشر من تموز/ يوليو 2014، والتي قرر المدعي العسكري إغلاق الملف فيها. وأضافت أن ذلك مقلق خاصة وأنه كان هناك شهود كثيرون في المكان لم يسأل أحد منهم.

وتابعت أنها تعتقد أنه على إسرائيل أن تشكل لجنة تحقيق مستقلة تجيب على كل علامات الاستفهام المتبقية، وتسمح للفلسطينيين المتضررين بعرض ادعاءاتهم.

وفي ختام المقابلة، وجه للقاضية السؤال حول ما إذا كانت النتيجة من كل ذلك أن القانون الدولي لا يستجيب للواقع الذي يحارب فيه جيش نظامي في دولة ديمقراطية ضد "منظمة إرهابية" في داخل تجمعات سكنية، أجابت أنها تعرف أن هناك كثيرين يعتقدون أن القانون الدولي يجب أن يطور معايير تتماشى بصورة دقيقة مع الحملات العسكرية.

وتابعت أنه إذا كان يجب تغيير القانون فإن ذلك يجب أن يكون باتجاه تعزيز حماية المدنيين بحيث لا يكون ممكنا إلقاء قنبلة تزن طنا على حي سكني. وأضافت أن وظيفتها ليست تحديد ما يفعله الجيش أو كيفية إدارة الحرب، وإنما وضع معايير قضائية ووصف ما يحصل.

التعليقات